-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
سيارات الإسعاف تتحوّل إلى قاعات للولادة

هكذا تنقذ فرق الحماية المدنية حياة الحوامل والأجنة

إسلام بوشليق
  • 478
  • 0
هكذا تنقذ فرق الحماية المدنية حياة الحوامل والأجنة
ح.م

تتميّز بعض حالات الولادة بفجائيتها، فحمل الجنين تسعة أشهر في رحم الأم هو القاعدة، ولكن الاستثناءات موجودة، وتحديد يوم الولادة بدقة غير وارد، لأجل ذلك لا يمكن معرفة ساعة الولادة دائما وأبدا، فالمرأة قد يأتيها المخاض قبل أن تكون في حضن عيادة أو مستشفى بين أيدي القابلات ومختصي التوليد، ناهيك عن الاكتظاظ الذي تعرفه بعض مصالح التوليد أو نقص الأخصائيين، في بعض مناطق الظل.
الفجائية السعيدة، غالبا ما تجعل العائلات تستنجد بالرقم الأخضر للحماية المدنية، فتستقبل ذات المصالح نداء متضمنا استغاثة امرأة حامل داهمها المخاض، وحان موعد وضع جنينها، فتتحرك باتجاه مكان النداء، ويبقى أمامها خيار أول، وهو نقل الحامل إلى المستوصف الأقرب، أو مساعدتها في حالات طارئة على الولادة في بيتها أو داخل سيارة الإسعاف، فكل الطرق تؤدي إلى سلامة الأم ومولودها.
“الشروق ” اختارت سكيكدة نموذجا يتكرر في كل ولايات الوطن، لتقصي هذا العمل الإنساني الراقي، من إسعاف يسعف الأمهات في أهم حدث في حياتهن وحياة أهلهن وحياة المولود بالخصوص.
يتطلب التعامل مع حالات الولادة فرقا متخصّصة لإنقاذ حياة الحامل هي وجنينها، وتضم الفرقة الطبية للحماية المدنية بسكيكدة، على سبيل المثال، ستة أشخاص ما بين أطباء من الجنسين رجال ونساء ومن مختلف الرتب، حيث ساهم هؤلاء في إنقاذ حياة الكثير من الحوامل، لم يكن يفصلهن عن الخطورة سوى لحظات قليلة، وروى لنا أحد أطباء الحماية المدنية، بأن مع كل حالة قصة، وبفضل التدخل العاجل سواء داخل سيارة الإسعاف أو حتى في المنازل، تمكّن الطاقم الطبي من رسم الفرحة وسط عائلة كل حامل.
وأحيانا الظروف الوقتية التي تفرضها جغرافية المكان، وخاصة المناخية هي من تفرض على الطاقم الطبي تحويل سيارة الإسعاف إلى مشفى للتوليد، تجد فيه الحامل كل الضروريات الصحية، وفي حال تساقط الثلوج شتاء وغلق الطرقات، يصبح بيت الحامل هو المستوصف الميداني.
وذكر أحد أطباء الحماية المدنية لـ”الشروق” أن الفرق الطبية تعبّر عن سعادتها بعد نجاح كل ولادة ورؤية الأم وجنينها، بالاحتفال وتوزيع الحلوى وتبادل التهاني، إلى درجة ذرف دموع الفرح، ودائما ما يتلقون الشكر والثناء من طرف عائلات الحوامل، نظير إنقاذهن وإنقاذ أجنتهن، ويواصل محدثنا قائلا: “أحيانا تصادفنا حالات خطيرة وولادات عسيرة، لكننا نكسّر عامل الخوف، بتحمّل المسؤولية، ونتدخل في الوقت المناسب للتعامل مع الحالات الحرجة، وإن تطلب الأمر نقل الحامل إلى إحدى المصحات العامة، لوضع جنينها بواسطة عملية قيصرية، وهذا ما لا يمكن فعله في سيارة الإسعاف، من أجل الحفاظ على حياة الأم وجنينها”.

10 حالات ولادة بين البيت وسيارة الإسعاف
وقد أحصت مصالح الحماية المدنية بولاية سكيكدة عشر حالات ولادة، أغلبها في قلب سيارة الإسعاف من بداية جانفي إلى غاية منتصف شهر ديسمبر الحالي، في مختلف بلديات الولاية، منها عزابة، وسكيكدة، وفلفلة، والحدائق وغيرها من البلديات وبحي صالح شبل بعاصمة الولاية سكيكدة، وحي حمروش حمودي ببلدية حمادي كرومة.
وأغلب هذه الولادات كانت داخل سيارات الإسعاف، حيث يستجيب أفراد الحماية المدنية لنداء على الخط الأخضر، فيتنقلون بعتاد عمل معقم، للتجاوب مع أي طارئ، وفق خارطة طريق العمل، تتمثل في التنقل إلى مكان سكن الحامل بنية نقلها إلى مستوصف أو مستشفى، مع وضع احتمال أي طارئ في البال.
وتشير الإحصائيات المقدمة لنا من مصالح الحماية المدنية بسكيكدة، إلى أنه من بين 10 حالات توليد طارئة، أشرفت عليها ذات المصالح، كانت منها 8 حالات داخل سيارات الإسعاف والبقية في المنازل، وتحتل عاصمة الولاية سكيكدة الصدارة في عدد الحالات، إذ سجلت بها 6 حالات، مقابل حالتين داخل المنازل بكل من عزابة وبني بشير، ولم تسجل بلديات الجهة الغربية، وهذا على غرار القل وبني زيد، وكركرة، وتمالوس، والشرايع، وأولاد أعطية أي ولادة داخل سيارات الإسعاف، كون مصلحة الولادة بالقل تمكّنت من استيعاب العدد الهائل من الحالات، وتتواجد في وسط المدينة، وتحاط بها كل الوحدات السكنية.
ومرّت الحالات العشر بسهولة، ولم تسجل أي حالة حرجة أو قيصرية في حين أن الولادات التقليدية داخل البيوت، تقتصر على البلديات الريفية خاصة في زمن تهاطل الثلوج أو كما حدث في مرحلة جائحة “كورونا” وهو زمن أعاد الحوامل إلى الولادات التقليدية.

تشخيص سريع
يقتصر عمل الطاقم الطبي للحماية المدنية على مد يد المساعدة في حالات الولادة العادية التي تسبق الوقت، وتصبح ضرورية في الحال، حتى لا تتعرّض حياة الحامل ومولودها للخطر، أما في حالات التوائم أو الحوامل المصابات بأمراض أو الحمل الخطير، فيتم نقلهن على جناح السرعة إلى أقرب مستشفى، كما حدث في حالتين تزامنتا مع جائحة “كورونا”، حيث تم تحويل شابتين في العشرينات من العمر، إلى مستشفى “عبد الرزاق بوحارة” بمدينة سكيكدة، أجريت لهما عمليتين قيصريتين ناجحتين، والحالة تخص سيدتين إحداهما تبلغ من العمر 27 سنة والثانية 24 سنة، وكانتا مصابتين بفيروس “كورونا”، وذلك تحت إجراءات احترازية مشدّدة، منذ أن نقلتا عبر سيارة إسعاف الحماية المدنية، مع الأخذ بالتدابير الوقائية في ذلك الزمن الوبائي، لأجل حماية الفريق الطبي من انتقال العدوى، في قلب سيارة الإسعاف إلى غاية إيصال الحامل في ظروف صحية.
الرقم الأخضر والتدخلات اليومية لمصالح الحماية المدنية، مكّنت في الكثير من الأحيان من تغيير الخارطة الصحية لبعض الولايات، خاصة في المناطق المحرومة، حيث يتدخل رجال الحماية في بعض الدواوير ويكتشفون بأن المسافة ما بين بيت الحامل مثلا وأقرب مستوصف صحي قد تتجاوز ساعة من الزمن، ما بين تنقل سيارة الإسعاف ونقلها للحامل أو المريض عموما، وهنا يمكن تقديم تقرير يساعد السلطات الولائية على تقريب الخدمة الصحية من جميع المواطنين.
كما حدث، على سبيل المثال لا الحصر، في بلديات الجهة الغربية لولاية سكيكدة، وهذا على غرار قنواع، الزيتونة، عين قشرة، وأم الطوب، التي عاش أهلها في حالات الولادة المستعجلة على ضرورة الاتصال برقم الحماية الأخضر، وانتظار سيارة الإسعاف، وهو ما حقق إنشاء مصلحة للتوليد، كان نتاج تقارير حققت أهدافها، لأن المبتغى هو تسريع الخدمة الصحية خاصة في حالات الولادة المستعصية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!