هكذا عاش تلاميذ البكالوريا وحراسهم فترة الامتحانات

انتهت امتحانات البكالوريا، واستراحت الأعصاب المشدودة، وتنفس الأولياء الصعداء.. وهدأ القولون العصبي ومعه “الخلعة” مؤقتا في انتظار نتائج قد تدخل التلاميذ في نشوة أو تجعل من الاكتئاب نصيبهم، وبين كل هذا يدعو المختصون في علم النفس للتحكم في المشاعر القوية، تجنبا للإصابة بأمراض نفسية يصعب التخلص منها لاحقا.
عاش المترشحون لامتحان البكالوريا خمسة أيام صعبة ومرهقة، أدخلتهم وأولياؤهم والمجتمع ككل في دوامة قلق وترقب وتوجس، ويؤكد مختصون في علم النفس بأن فترة امتحان البكالوريا تعتبر من أكثر الأيام تأججا بالمشاعر القوية، سواء كانت فرحا أو حزنا وقلقا، وهو ما يجعل معدل الإصابة بمختلف الأمراض النفسية مرتفعا جدا.
وفي هذا الصدد، عاشت كثير من العائلات التي لديها مترشحين لدورة “باك” 2025 على أعصابها، سواء من حيث السهر ليلا للوقوف على مراجعة أبنائها، أو تحضير أشهى المأكولات لهم طيلة أيام البكالوريا.
انقطع عن العمل أسبوعا لمرافقة ابنته المترشحة!
قرر العديد من الأولياء مرافقة أبنائهم يوميا لمراكز الامتحان، ولو استدعى الأمر كراء سيارة أجرة يوميا، وسمعنا عن آباء انقطعوا عن العمل خلال امتحانات البكالوريا، مقدمين عطلة مرضية أو مقتطعين من “الكونجي” السنوي.. فلا شيء أهم من مرافقة أبنائهم في هذه الفترة التي يعتبرونها “مصيرية”، وهو ما ذكره والد من بلدية درقانة بالجزائر العاصمة، والذي اضطر للغياب عن العمل بصفته إداريا بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، والسبب هو مرافقة ابنته المترشحة في شعبة تسيير ومحاسبة، رغم أن الأخيرة تمتحن في مركز إجراء لا يبعد سوى بـ10 دقائق عن مقر إقامتها، ووالدة أخبرتنا بأنها صرفت قرابة مليون سنتيم في أسبوع فقط، لتطهو مختلف الأكلات الشهية لولدها الممتحن، حتى يركز في الحفظ والمراجعة.
مترشحات كل يوم بملابس جديدة
ومن دون نسيان مصاريف الملابس الجديدة التي بات يشتريها الممتحنون مع كل دورة بكالوريا، وكأنها مناسبة عيد، لدرجة سمعنا عن مترشحات يذهبن كل يوم بطقم ملابس جديدة طيلة أيام البكالوريا..!
أولياء يتنفسون الصعداء والمترشحون الأحرار الأكثر تماسكا
وفي الجهة المقابلة، عاش غالبية المترشحين للبكالوريا، أياما عصيبة، لاقتناعهم بأن “الباك” امتحان مصيري، به يتحدد مستقبلهم.
ويكشف حراس مراكز إجراء امتحانات “الشروق” بأنهم كانوا يعايشون يوميا حالات مزاجية مختلفة للتلاميذ بمجرد تسلمهم مواضيع البكالوريا، تتراوح بين البكاء الشديد والصدمة، واصفرار الوجه وضيق التنفس.
بكاء وإغماء ونوبات صرع وربو في الأقسام
أستاذة، حارسة بمركز إجراء ببلدية بوزريعة أخبرتنا، بأن إحدى المترشحات أصابتها نوبة ربو شديدة بمجرد تسلمها موضوع الفلسفة، ولحسن الحظ أنها تحمل جهاز الربو معها، ولكن الأستاذة تملكتها حالة رعب لجهلها بنوبات الربو وضيق التنفس. وقالت للشروق “نحن حراس البكالوريا نعاني مثل المترشحين والأولياء.. فأنا أدخل منزلي مساء في حالة نفسية صعبة، وتتغير معاملتي لزوجي وأبنائي في هذه الفترة من السنة كل مرة”..
الأحرار.. راحة نفسية للمترشح والحارس
ويبقى المترشحون الأحرار للبكالوريا الأفضل نفسيا”، فغالبيتهم إما متحصلون سابقون على شهادة البكالوريا، ويريدون تحسين معدلهم للالتحاق بشعبهم المفضلة، أو هم موظفون أو كبار في السن يحاولون تحقيق حلم نيل البكالوريا ولو بعد عمر طويل، وهو حال مترشحة من مستغانم بلغت الثمانين من عمرها، ومع ذلك شاهدناها تجري امتحانات البكالوريا لتحقيق حلم طفولتها.
“سامية” أستاذة، حارسة بمركز إجراء ببلدية دالي إبراهيم بالجزائر العاصمة، أخبرتنا بأنها عاشت فترة امتحانات “مريحة” لكونها حرست 10 مترشحين أحرار للبكالوريا، وجميعهم متحصل على البكالوريا بمعدلات جيدة، لكنها لم تؤهلهم للتسجيل في شعبهم المفضلة.
تخصصات جديدة تثير اهمام المترشحين
والملاحظ مؤخرا حسب ما كشفته محدثتنا، أن الطب والصيدلة لم يعودا “حلم” النوابغ في البكالوريا، بل الغالبية تسعى للالتحاق بالاختصاصات التقنية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والرقمية، وقالت “في قسم الأحرار الذي حرسته هذه المرة، 6 من المترشحين يحوزون شهادة البكالوريا بمعدلات تتراوح بين 13 و14 والتي لا تؤهلهم للالتحاق بمدرسة الذكاء الاصطناعي التي يحلمون بها، ولذلك قرروا إعادة امتحان البكالوريا”.
أما الطريف عند حراسة المترشحين الأحرار، حسب ما كشفته محدثتنا، أنه في اليوم الأول للامتحان مثلا قد تجده ممتلئا لتتفاجأ به في اليوم الثاني شبه فارغ، لأن بعض المترشحين عندما يشعر بعدم إجابته الصحيحة في إمتحان معين، فيقصي نفسه بنفسه في الأيام اللاحقة، ولا يكمل بقية الامتحانات، وآخرون تمنعهم ظروف عملهم أو دراستهم الجامعية من إكمال بقية الامتحانات.