هكذا يحتفل مدربونا على طريقة زكري وسعدان وبلماضي والبقية

يصنع بعض المدربين الجزائريين الحدث بطريقة احتفالاتهم مع الفرق أو المنتخبات التي يشرفون عليها، خاصة في حالة الانتصارات الحاسمة أو تحقيق انجازات مهمة تصب في خانة التتويج أو ضمان البقاء وغيرها، حيث بقي المدرب نور الدين زكري وفيا لخرجاته التي تخطف الأضواء، من خلال ركضته الشهيرة التي يلجأ إليها للموسم الثاني على التوالي في الدوري السعودي، بعد ضمان فريق الخلود البقاء، في الوقت الذي نجد مدربين آخرين يفرحون في هدوء وآخرون يعيشون المباريات على الأعصاب على وقع التوجيه والصراخ بغية تحقيق انتصارات على وقع فرحة قد تكون ممزوجة بالصراخ والبكاء.
المعروف في الوسط الكروي، أن اللاعبين هم الأكثر تفاعلا مع الانتصارات المحققة فوق المستطيل الأخضر، سواء على صعيد الأندية أم المنتخبات، بحكم أن لكل لاعب طريقته في الاحتفال مباشرة بعد تسجيل هدف هام أو حاسم، حيث تحتفظ ذاكرة الجماهير الجزائرية باحتفالات ماجر وبلومي بعد الهدفين المسجلين في مرمى ألمانيا في مونديال 82، مثلما يتذكر الكثير طريقة احتفال بن ساولة وتاسفاوت ومراكشي وصولا إلى القائد الحالي للمنتخب الوطني رياض محرز، إلا أنه في المقابل نجد أن بعض المدربين الجزائريين لهم أيضا طقوس في الاحتفال بالأهداف الحاسمة أو الانتصارات والإنجازات النوعية التي تحققها الأندية أو المنتخبات التي يشرفون عليها، حيث عاد المدرب نور الدين زكري إلى الواجهة مع نهاية هذا الموسم، بسبب الركضة الشهيرة التي يقوم بها مباشرة بعد تحقيق الهدف المسطر في الدوري السعودي، وذلك من خلال ضمان البقاء مع فريق الخلود، حيث جرى مسافة معتبرة وسط تفاعل الأنصار ولاعبه الذين قرروا اللحاق به ومشاركته هذه الخرجة والفرحة، وهو نفس السيناريو الذي قام به نهاية الموسم المنصرم حين حقق البقاء مع فريق الأخدود، ما جعل الركض بعد تحقق البقاء علامة مسجلة محسوبة لنور الدين زكري الذي لم سبق له أن قام بمثل هذه الخرجة في البطولة الوطنية، رغم إشرافه على أندية معروفة مثل وفاق سطيف ومولودية الجزائر.
من جانب آخر، نجد طرقا أخرى متباينة في الاحتفال لدى بعض المدربين الجزائريين الذين تركوا بصمتهم مع الأندية أو المنتخب الوطني، على غرار رابح سعدان الذي يميل عادة إلى الهدوء والتزام الصمت وملازمة كرسي البدلاء، لكنه كثيرا ما تغلبه مشاعره ويجهش بالبكاء بعد كل انجاز نوعي، وهو الذي بصم على تأهل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس العالم في عدة منتسبات، لعل أشهرها في ملحمة أم درمان 2009 بالسودان، كما كشفت كاميرا التلفزيون طريقة فرحته بعد تسجيل بعض الأهداف الحاسمة، ولعل أبرزها المباراة الشهية ضد كوت ديفوار في “كان 2010″، حين أبدع رفقاء مطمور وتأهلوا إلى الدور نصف النهائي على حساب منتخب مدجج بخيرة النجوم الايفوارية التي كانت تنشط في أكبر الأندية والدوريات الأوروبية. وفي السياق ذاته، فإن المدرب الوطني السابق جمال بلماضي طريقته في الاحتفال بالأهداف المسجلة والانتصارات المحققة، سواء بالتفاعل مباشرة وهو الذي يقف دائما على خط التماس أو بالسجود أو حتى بالبكاء، على غرار ما حدث في “كان 2019” بعد المباراة الكبيرة والمثيرة التي جمعت “الخضر” بـ”فيلة” كوت ديفوار، وعم الاحتكام فيها إلى ركلات الترجيح التي ابتسمت للعناصر الوطنية. وفي السياق ذاته، لا تختلف طريقة احتفال بن شيخة مع جمال بلماضي، مع تفضي بن شيخة خيار الهدوء رغم وقوفه الدائم على خط التماس، فيما وقفت الجماهير الجزائرية على الهدوء الذي يميز المدرب الوطني الحالي بيتكوفيتش الذي يتفاعل بالتصفيق بعد كل هدف، ليعود إلى حالة الهدوء، وهذا على خلاف البوسني خاليلوزيتش الذي كثيرا ما تتفاعل مع لقطات لاعبيه، فتختلط مشاعره بين الصراخ والبكاء وحتى الجري، مثلما حدث في مونديال 2010، بعد التأهل التاريخي إلى الدور الثاني.
ويؤكد الكثير من المتتبعين أن بعض الأحداث الكروية والإنجازات المحققة، هي التي تجعل بعض المدربين تصدر منهم ردود الأفعال التي تجمع بين الفرحة أو الحزن والغضب، ومادمنا نتحدث عن الانتصارات التي كثيرا ما تعبد للتتويجات، فإن الجماهير الجزائرية تتذكر طريقة احتفال لاعبي المنتخب الوطني بعد التتويج باللقب القاري عام 1990، حين رفع زملاء ماجر المدرب الراحل عبد الحميد كرمالي على أكتافهم اعترافا بتضحياته وبصمته، ماج عل هذا الأخير يذرف الدموع، ونفس الأمر قام به لاعبو “الخضر” في ملحمة أم درمان 2009، حين رفعوا رابح سعدان على الأكتاف بعد الفوز الحاسم على المنتخب المصري بفضل صاروخية عنتر يحي، في الوقت الذي تحتفظ الذاكرة الكروية بإنجازات نوعية لمدربين معروفين لكنهم كثيرا ما يفضلون التزام الهدوء والتعبير عن فرحتهم في إطارها الطبيعي دون أي استعراض أو مبالغة، على غرار المدرب الراحل خالف محي الدين الذي ترك بصمته مع شبيبة القبائل والمنتخب الوطني وحتى خارج الوطن، وكذلك رشيد مخلوفي الذي منح أول تتويج للمنتخب الوطني في نهائي ألعاب البحر المتوسط 1975 ضد المنتخب الفرنسي، وعبد الحميد زوبا الذي ترك الأثر الطيب على صعيد المنتخب والأندية، وغيرهم من المدربين الجزائريين الذين قدموا الكثير في صمت ورحلوا في صمت.