هكذا يصنع الأولياء من التلميذ المتفوق راسبا..

يستاء الكثير من الأولياء إذا تحصل طفلهم على نتائج أضعف من المعتاد، تجعله يتراجع في رتبته الدراسية، أو رسب في امتحان نهائي، بعد تعليق أمل النجاح بتفوق عليه. وعادة، ما يبدأ هؤلاء في البحث عن الأسباب والدوافع لذلك، لكن قليلا فقط من أولياء التلاميذ المتعثرين، يمكنهم أن يتوصلوا في إجابتهم إلى أنهم وراء تعثر الطفل المتفوق، من خلال التعامل الخاطئ معه، واستقبال نتائجه برد لا يناسبها.
مستقبل الأبناء، هو أكثر ما يشغل الأولياء، مهما كان مستواهم الثقافي أو الاجتماعي، ونتائجه الدراسية تعد أكبر دليل لهم على مساره في الحياة. فالأولياء الذين يحقق ابنهم علامات جيدة، عادة ما يشعرون بالاطمئنان والراحة النسبية على مستقبله، والعكس.. لهذا، نجد غالبية الآباء والأمهات يهتمون بشكل مفرط بالموضوع، ما يدفعهم إلى إبداء سلوكيات خاطئة، من شأنها أن تدمر المسار الصحيح الذي يبنيه الطفل، سواء بذكائه الفطري أم باجتهاده الشخصي.
سلوكيات حتى وإن كانت نابعة عن حب شديد وخوف واهتمام، إلا أن الاعتدال فيها ومراجعتها، خاصة في الأوقات الحساسة، كاقتراب الامتحانات، يعد أكثر من ضرورة يلزم بها الأولياء مع جيل تجريبي، بحسب ما يصفه المختصون، جربت عليه وسائل التربية التقليدية، وطبقت عليه قوانين التربية الذكية والإيجابية.
لا تقارن طفلك بالبقية
يستعمل الكثير من الأولياء، وخاصة الأمهات، أسلوب المقارنة الخاطئة مع طفلهم، لحثه على بذل قصارى جهده وإخراج أفضل ما لديه، لكنهم يفاجؤون بنتيجة عكسية تماما. تقول الأخصائية النفسية، عقيلة دبوب: “الطفل الذكي يعرف بالفطرة أنه متفوق على البعض بمهارات معينة يدركها، وإذا استمرت مقارنته بأشخاص آخرين يجد أنه لا مجال لمقارنة نفسه معهم، فإنه يتراجع تلقائيا، محاولا إثبات ذلك، كما قد يزرع هذا السلوك الشك والتردد في ذاته، ويفقده الثقة في قدراته.. وهذا ما يفسر انتكاسته المفاجئة”.
الضغط والتضييق يولد الملل والتمرد
مع اقتراب موعد الامتحانات، يشرع الأولياء أنفسهم في عيش الضغوطات التي ينقلونها إلى أبنائهم، من خلال مطالبتهم بالتحضير والدراسة في جميع الأوقات، وإلغاء كل النشاطات الترفيهية التي اعتادوا عليها، كمشاهدة التلفاز واللعب خارج المنزل.. وهذا التغيير في برامج الطفل، قد لا يتناسب مع قدراته الفكرية، ما يدفعه إلى محاولة التخلص من الضغط والملل الذي يعيشه بكل الطرق المتاحة لديه، كالتهرب من الدراسة، النوم المطول وأحيانا حتى المرض.. وهي وسائل دفاعية أثبتت الدراسات أن العقل الباطن يقدمها كحلول للجسم من أجل التخلص من الضيق والضغط. تقول الأخصائية النفسية دبوب عقيلة: “من المعروف، أن الطفل لديه مدة تركيز مثبتة علميا، بحيث لا تتجاوز 17 دقيقة في الساعة الواحدة، وتختلف اختلافا طفيفا من طفل إلى آخر، ما يعني أن بقية الوقت مخصصة للاسترخاء، ويمكن لأي محاولة للضغط على مخ الطفل أكثر من اللازم، أن تحمل نتائج سلبية”.
معاقبة الطفل على إخفاقه يثبط عزيمته ويقنعه بالفشل
رغم كل تحذيرات المختصين بخصوص الأساليب التقليدية التي ينتهجها بعض الأولياء لعقاب أبنائهم في فترة الفروض والتقويمات، خوفا من تحصيلهم نتائج ضعيفة في الامتحانات، إلا أن استعمال الضرب، والشتم والتقليل من قيمة التلميذ، أو الصراخ عليه، لا يزال شائعا بكثرة، مخلفا نتائج ما دون المتوقع دائما. فقد أثبتت الدراسات أن ضرب الطفل، خاصة الذي ضعفت نتائجه لأسباب خارجة عن إرادته، يعني أنه اجتهد وفعل ما بوسعه ولكنه تأخر، لا يمكن إلا أن يحبط عزيمته، ويشعره بالفشل وأنه مرفوض عند الإخفاق مهما بذل من مجهود لتفاديه.