-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هكذا يكون الفايسبوك شاهدا لك

سلطان بركاني
  • 678
  • 2
هكذا يكون الفايسبوك شاهدا لك
أرشيف

الدّعوة ونشر الخير على مواقع التّواصل الاجتماعيّ، أصبحت من المطالب الملحّة في هذا الزّمان، والفايسبوك –خاصّة- أصبح ميدانا متاحا ومغريا لكلّ صاحب قضية، وفي وسع كلّ أحد أن يخوض غماره ويدلي فيه بدلوه. والمسلم الذي يهتمّ بميزان حسناته وبآخرته، ويحمل همّ دينه وقضايا أمّته، هو أولى النّاس باستغلال هذا الميدان الرّحب في نفع نفسه وإيصال الخير إلى النّاس من حوله؛ فـ”الحكمة ضالّة المؤمن فحيث وجدها فهو أحقّ بها”.

ليس شرطا أن يكون المدوّن على الفايسبوك عالما أو إماما، حتّى يتصدّى لإشاعة الحقّ والفضيلة، بل يكفي أن تكون لديه نية صالحة، وينقل الخير من مصادره الموثوقة وينشره بين إخوانه، فيكسب من الأجور والحسنات ما لا يحصيه إلا الله ثمّ ملائكته المكلّفون بإحصاء الأعمال، وربّما يحشر يوم القيامة مع من قال الله فيهم: ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين)).. ولأجل بلوغ هذا الهدف، ينبغي لناشر الخير ألا يغفل عن مراجعة نيته بين الحين والآخر، وينظر في نفسه هل تحزن لقلّة الإعجاب والتفاعل، وتفرح لكثرة التعليقات والإعجابات؟ هل تحدّثه نفسه بترك النّشر والمشاركة عندما لا يجد إعجابا وتفاعلا؟ هل تغريه بنقل ما يكتبه الآخرون من دون أن ينسب الكلام إلى قائله والمكتوب إلى كاتبه؛ إن كان كذلك فينبغي له أن يصقل نيته ويذكّرها بحسرة ذهاب أعماله وأتعابه أدراج الرياح، ويرغّبها في الاهتمام باطّلاع الملائكة وإعجابها بعمله الصّالح وثنائها عليه ورفعها لذكره في الملأ الأعلى.

ليس حراما أن يفرح المسلم بثناء النّاس على عمله بعد أن تكون نيته الأولى ابتغاء وجه الله، وليس حراما أن يفرح باهتمام إخوانه بما يقول ويكتب وينشر، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ قال: “تلك عاجل بشرى المؤمن” (رواه مسلم).

هذا ليس حراما، إنّما الحرام هو أن يكون القصد في البداية طلب الإعجاب والثّناء، والحرام هو أن يزيد المسلم عمله كلّما زاد الإعجاب وينقصه كلّما نقص الثّناء.. الحرام هو أن يتكلّم المسلم بالحرام أو ينشر الحرام، لأجل موافقة النّاس ونيل إعجابهم.. يقول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام: “أهل الجنة من ملأ الله أذنيه من ثناء الناس خيرًا، وهو يسمع، وأهل النار من ملأ أذنيه من ثناء الناس شرًا، وهو يسمع” (صحيح سنن ابن ماجه).. الحرام هو أن ينشر المدوّن الخير ويحضّ على الصّلاة وبرّ الوالدين وبذل الصّدقات والإحسان إلى النّاس، وواقعه وحاله خلاف ذلك كلّه! يقول الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُون)) (الصفّ).. الحرام هو أن يعكف المسلم على مواقع التواصل ويعتكف في العالم الافتراضيّ، وينسى واقعه الحقيقيّ، فيضيّع صلاته ويهجر كتاب ربّه، ويتهاون في عمله ووظيفته أو يهمل تجارته، ويقعد عن تقديم العون لوالديه والجلوس معهما ومؤانستهما، وعن صلة أرحامه والسّؤال عن جيرانه.

لأجل هذا أحبّ أن أوجّه نداءً إلى إخواني الشّباب خاصّة، فأقول: اجتهدوا أحبابي الشّباب في استغلال الفايسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي، واحذروا من أن تستغلّكم.. سخّروها، واحذروا أن تسخّركم.. أعطوها بعض أوقاتكم ولا تعطوها كلّ الأوقات.. تذكّروا دائما أنّ عليكم ملائكة يسمعون ما تقولون ويرون ما تكتبون وتنشرون وتشاهدون، لا يغادر الواحد منهم صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.. لا تنسوا أنّ كلّ عبارة وكلّ منشور وكلّ مقطع وكلّ صورة، إمّا أن تكون في ميزان الحسنات أو في ميزان السيّئات.. وصفحاتكم على الفايسبوك أو التويتر أو الأنستغرام ورسائلكم التي تبعثون بها على الماسينجر أو الواتس آب، إمّا أن تكون جزءًا من صحائف الحسنات أو جزءًا من صحائف السيّئات.. مواقع التواصل وسيلة مبذولة وميسّرة لتقريب المسافات ونشر الخير ومشاركته، لكنّها وحدها لا تبني شخصية الإنسان ولا ترتقي بواقعه ولا تضمن له المستقبل الذي يتمنّاه، إنّما الذي يفعل كلّ هذا بعد توفيق الله هو العمل في الواقع الحقيقيّ.. التّنظير للصّلاح عمل صالح، لكنّه وحده لا يصنع الإنسان الصّالح المصلح والمجتمع الفاضل، إنّما السّعي لتطبيق المنشورات على أرض الواقع هو ما يصنع كلّ ذلك بإذن الله.. ما يُكتب ويُسطر ويُنشر إن كان صالحا مخلَصا سيكون بإذن الله في ميزان الحسنات، لكنّ الذي يؤنس العبد في قبره ويشفع له عند الله ويشهد له بين يدي مولاه هو عمله في أرض الواقع.. ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون)).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • reda

    اخبث مجا لا هو الفايسبوك . فاجتنبوه

  • محمد رضا

    فيسبوك ليس بالضرورة افضل قناة لفعل الخير. الدنؤا حافلة بالطرق المختلفة التي تمكن المؤمن من ذلك. فيسبوك والكل يعلم مفاسده هو انه يشجع على الاختلاط بين الجنسين ليتمكن من كسب المزيد من المشتركين وبيع المزيد من الاعلانات وكذلك عن طريق بيع معلومات خصوصية عن المشركين لشركات مجهولة. واذا حاولت نشر مقالا يحارب الصهيونية فستعرف وجهه الخفي.