-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل تنتصر عقلانية المغاربة؟!

محمد سليم قلالة
  • 3762
  • 15
هل تنتصر عقلانية المغاربة؟!
ح.م

يبدو أن هناك قوى الآن تسعى إلى نشر الفتنة مَغربا بعد أن أوقدت نارها مَشرقا منذ عدة سنوات وتركتها مُستعِرة. لم تَبق أي دولة عربية دون أن تشتعل نار الحرب فيها أو تكون طرفا فيها.. كل بلاد المشرق اليوم إن لم تكن في حرب فهي متورطة فيها رغم أنه قيل أن الحكمة تربّت في أحضان الشرق.. فهل نسمح نحن بذلك بعد الذي شاهدناه في العراق وسورية واليمن وليبيا؟ وما الذي علينا القيام به؟

ليس لنا سوى بديل واحد، ونحن أبناء العقلانية الأندلسية الرُّشدية، وهو: رفع راية التسوية السلمية لحل أي نزاع مهما كانت حدته، ورفض كل خطاب تحريضي أو استفزازي مهما كان نوعه ومن أي كان، إن على المستوى الرسمي أو الشعبي، الفردي أو الجماعي، المؤسساتي أو المرتبط بالمجتمع…

علينا جميعا الوصول إلى اتفاق ضمني يقضي بهذا مهما تطورت الأحداث، ومهما سعى صُنّاع الفتنة لإيقاظها.. ليست هناك مشكلة بين الأشقاء لا حلَّ سلميا لها مهما كانت الصعوبات ومهما كانت الجراح.. فقط هي الأيادي العميلة والقوى الخفية التي تعمل ليل نهار لمنعنا من إدراك ذلك.

إننا دائما نقول بالحساب العقلاني البسيط: ماذا لو صُرفت أموالُ الحرب على اليمن على نهضة اليمن؟ والأموال التي صُرفت على العراق من أجل نهضة العراق، وكذلك الأمر بالنسبة لسورية ولبنان والأردن ومصر والسودان وليبيا؟

وعلينا اليوم أن نستمر في القول بضرورة استباق الأحداث واستحداث الأفعال التي نُريد، لا التي يريدها لنا تجارُ الفتنة وبائعو السلاح.. علينا التفكير بمنهجية وواقعية في سيناريوهات الحلول السلمية، وما أكثرها، وأن نَصنعها ونبتكرها إن لم نجد، من خلال وساطة العقلاء، وإن تعذّر نصوص القوانين الدولية، وإن تعذّر تجزئة الحل إلى فروع ومراحل، وإن تعذّر الاتفاق على مشاريع تنمية مشتركة إلى حين تتغير المعطيات، وإن تعذّر بالاتفاق على أننا كشعوب لا يمكننا خوض ثلاث حروب في آن واحد، ضد كورونا وضد الفقر وضد بعضنا البعض.. وعشرات البدائل العقلانية التي يمكن طرحها غير تلك التي طُبقت مشرقا وأدت الى  ما أدت إليه.. صراعات بلا نهاية فيها منتصرٌ واحد.. هو “كارتلات” السلاح العالمي، وتجار الحروب والمتاجرين بقضايا الشعوب ودماء الأبرياء.

لقد ذكر تقريرٌ صادر عن مجلس المحاسبة الفرنسي بعنوان “العمليات الخارجية لفرنسا ما بين 2012 و2015” والمنشور في أكتوبر سنة 2016 أن عمليات برخان “أي التدخل الفرنسي في مالي” كلفت فرنسا 600 مليون يورو في السنة، ولكنها مكنت شركات صناعة السلاح الفرنسية (مثل “داصو” و”سافران” و”طاليس”…) من بيع ما مقداره 20 مليار دولار من الأسلحة في سنة 2017، وتشغيل قرابة الـ200 ألف عامل، لتصبح فرنسا ثالث مورِّد للسلاح في العالم ومازالت إلى اليوم.

بما يعني أن الغربيين يبقون في آخر المطاف تجارَ أسلحة، وأكثر ما يُسعدهم أن تشتعل نيرانٌ أخرى ليس فقط في منطقتنا، بل في بقية بقاع العالم.

وما ينطبق على الفرنسيين ينطبق على غيرهم.. لنأخذ حذرنا.. ولا يقع المغاربة فيما وقع فيه المشارقة.. نار ليبيا مازالت مشتعلة.. ولا نُطفئها، ولا نستبق غيرها إلا بعقلانيتنا المعروفة بعد أن عَرفنا كيف كان مصير تعطيل حكمة إخواننا المشارقة، وإلى اليوم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • البليدي

    أين العقلانية في شعب يركع لملكه من دون الله ؟
    أين العقلانية في حب التوسّع على حساب الآخرين و كرامتهم ؟
    أين العقلانية في التنزال للعدو عن أرضك و عرضك ثم التعدي على من هو أضعف منك ؟

  • شخص

    الأولوية لحرية الصحراء الغربية ثم العقلانية إن شءت فيما بعد

  • benchikh

    الى اصدقائنا المغاربة التاريخ المغربي عرف باطماعه على الجزائر عبر التاريخ ,لما لا نبدل هذا الصراع ونجعله يخدم الشعبين بتوظيف العقل(اقتصاد) واصلاح اولي الامر من الطرفين (شرع الله) وان نجحنا ستعمم على الدول المغاربية والعربية ويزول كابوس "الفتنة" الذي فرضى على الشعبيين .

  • علي عبد الله الجزائري

    قوى الشر احرقت الشرق تريد نقل تلك الحرائق للمغرب الكبير
    وجدت خونة وعملاء يمررون مشاريعها بالمنطقة
    توظف الاعلام ،الدين ، شعارات وطنية والوحدة وخطاب العداء ، للتلاعب بمشاعر المواطن
    ذلك المواطن الذي غسل دماغه بشعارات منقمة لو تبحث عن ظروف معيشته
    لا صحة ولا تعليم ولا وسكن او ظروف حياة انسانية مقبولة
    ستجد كرامته مسحوقة ، مشرد اكثر من القطط والكلاب في بلاد اوروبا وامريكا التي لها حقوق وقوانين تحميها

    العقلانية نقيد العصبية لم تقتنع الشعوب المتخلفة بعد بضرورتها في صناعة التغيير
    لازال لها دور في صناعة القرار داخل المجتمع
    حين تقتنع بها لا يكون ذلك على حساب فئة منها و محاولة اقصائها

  • نفاق

    الحكمة والعقلانية هو أن يلتزم النظام المغربي بقرارات مجلس الأمن ..عندئد يعم الامن

  • جزائري أصيل

    مقال رائع يا أستاذ سليم، بارك الله فيك.
    لكن المشكلة تظل قائمة، وهي أطماع النظام المغربي في الصحراء الغربية، فهذه الأطماع وإصرار نظام المخزن على أخذ أرض الصحراويين بالقوة، وإخضاع الشعب الصحراوي لحكمه بقوة السلاح، فإن هذا العدوان يحول دون تجنب الصدام في المنطقة، وخاصة لما حط شيطان العرب بن زايد رحاله في المنطقة، فهو بارع في إثارة الفوضى والحروب والتحريش بين الدول العربية. أتمنى أن يعود نظام المخزن لرشده ووعيه، ويفوت على شيطان العرب فرصة إثارة الفوضى في منطقتنا.

  • said

    le premier article objectif dans une presse très très engagè dans un autre sens, espèrons que ceux qui ont des grandes difficultès a vivre le present et a construire le futur et qui sont figès encore dans un entetement des annèers 70, puissent comprendre que leur survie ne depend pas de la fuite en avant vers la crèation d'autres tensions, mais dans la solution de leur crise interne pour primis et entendre la voix de leur peuple , le seul qui est capable de leur donner la force et qui est celle de la legitimitè populaire et rien d'autre

  • ابن الجبل

    ومن الجروح التي لا تندمل هو القتال او الاقتتال بين الاخوة ... الجزائر والمغرب اخوة دينيا ولغويا وجغرافيا وعرقيا وحضاريا ... ومن الخطأ أن ننجر نحو العداوة ، مهما حاول اعداء الوطن دفعنا الى ذلك...وربنا العظيم يدعونا الى الأخوة والاتحاد واصلاح ذات البين قائلا : وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ... والصلح خير ...اللهم ألف بيننا وبين كل مسلم .

  • المنصف

    أنت تعلم إلى أي مدى أنا مغاربي سعيت وأسعى إلى الدفع بهذا المشروع. لكن من الواضح أن هناك قوى مصممة على إجهاضه. وبالتالي فكلما تقدمنا ووجد حل معقول للمشكل الصحراوي في إطار الحكم الذاتي داخل المغرب واتحاد مغاربي كبير إلا تقوم قوى معينة بنوع من الضربات الإرهابية لمنع ذلك. والناس التي تتحمل مسؤولية إفشال المشروع المغاربي هي التي تقف وراء عمليات البوليزاريو الأخيرة. وأنا لدي أمل في أن التغيير الذي سيحصل في الجزائر بتغيير القيادات وبالحراك وبالديقراطية سيأتي بجيل جديد من الحكام تكون لهم الشجاعة والوطنية. فلا يمكن أن نضحي بمستقبل مئة مليون مغاربي لأجل مئتي ألف صحراوي في حين إن هؤلاء يجدون أنفسهم معززي

  • احمد بن ناصر

    تحياتي لك استاذنا من المغرب..مقالك راءع ..نتمنى ان يصغو له حكامنا...ويستفيدو من افكارك النيرة...وجملتك الراءعة نحن في حرب مع كرونا و الفقر ولا نريد حربا ثالثة يجب ان تكتب بماء من ذهب..صدقت في كل ما قلت

  • ANTI VIRUS

    الاستاذ سليم ...منطق سليم ... المشكل ان صناع القرار يدركون هذا الخطر ولكنهم يتعمدون الإنتحار

  • مهدي

    من بين المقالات القلائل للإخوة الجزائريين التي لمست فيها العقلانية اشكرك.

  • Ahmed

    De trés belles paroles , fabuleues ! Sauf qu'elles doivent être ,àmon sens,aux aux bonnes personnes . Celles qui parainnent les conflits sous des faux pretextes . Celles qui n'ony encore compris que l'ère de la guerre froide est révolue . Celles qui ne répondent pas aux mains tendues . Celles qui s'obstinent à maintenir des frontières fermées malgré les multiples demandes de toutes parts et de tous niveaux . Il faut adresser ces belles paro;es aux bonnes personnes comme Mr Abdelaziz Moujahid par exemple . Si on est pas capable de nous adresser à ces personnes ., notre complicité est là

  • elarabi ahmed

    لاول مرة أقرأ فى شروق لكاتب مغاربى ( جزائرى )يتحدث بمثالية ويلامس وجدان كل ماهو مواطن يؤمن ويحلم بغد أفضل لمنطقة حرمت من الاندماج السياسى والأقتصادى بالرغم من وحدى الجغرافيا البشرية والدينية ووووو ....؟ وبما أن المثالية شيء محبب الا أن الواقعية هي الشيء المراد لتشخيص العلة وبكل صدق وتجرد
    تقبل منا سيد -محمد سليم قلالة- فائق الأحترام والتقدير ولك منا جزيل الشكر - الله يرحم والديك )

  • franchise

    - العقلانية هو إدراك للأشياء مبني على المنطق و العقل، و ليس المشاعر و العاطفة.
    - العقلانيّة تقتضي أن نرى الواقع الحاضر بحقيقته البشعة و القذرة، أين الخيانة هي المعيار في زمننا، و المرء يهروِل للعدو لضرب أخيه، و كلّ أساليب التآمٌر و الطّعن وراء الظّهر مشروعة .