-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل سيفلت ترمب؟

عمار يزلي
  • 1886
  • 0
هل سيفلت ترمب؟

الكونغرس الأمريكي، يبدو وكأنه استفاق اليوم فقط على جريمة شنيعة، أريد لها أن تقبر إداريا وسياسيا. موقف مجلس الشيوخ الذي بقي سنتين رهينة موقف الإدارة في البيت الأبيض، يتحرر أخيرا. بدا هذا واضحا لدى زعماء الشيوخ، الذين كانوا قبل سنتين منساقين وراء سياسة ترمب، الجمهوري، وبدا لهم تغليب مصلحة الموقف الحزبي على مبدإ قيم حقوق الإنسان، والتفرد، والمال والمصلحة الأمريكية التي بدت أخيرا أنها مصلحة شخصية أكثر مما هي مصلحة عامة تلك التي تقف وراء مواقف ترمب.
قبل عامين، كان فقط 27 من مجلس الشيوخ وافقوا على مشروع ضد حرب اليمن. اليوم صاروا نحو 60. هذه المرة، تحرك الكونغرس قبل موعد التغيير في جانفي المقبل، أي في وقت اللعب الإضافي، لكن بعد إحاطة رئيس المخابرات الكونغرس ثم مجلس النواب.
طبعا هذه الإحاطة، كانت برغبة من الكونغرس وضغط منه لما شككوا في قراءة ترمب للتقرير إذ رآه غير كاف لإدانة سياسية، لأنه جازم بشأن تورط محمد بن سلمان في الجريمة. وهنا كانت بداية الاستفاقة. ولعل كل ما دفع إلى الاستفاقة هو نتائج الانتخابات الجزئية التي خسر فيها الجمهوريون كثيرا من المقاعد لصالح الديمقراطيين فيما حافظوا على أغلبية في مجلس الشيوخ. إنهم يدركون بذلك أن ترمب خسر شعبيا، وأنه ما بعد جانفي لن يكون الأمر سيَّان.. لن تمر القوانين بسهولة ولا الميزانية ولا ممارسات الرئيس المتقلبة والمنحازة، خاصة أن ملف التدخل الروسي لا يزال شغالا، بل ويوشك على النهاية مع اتهام كوهن المحامي الشخصي واعتراف هذا الأخير بتورُّطه في جرائم فساد والتستر على ترمب في الحملة الانتخابية وما قد يكشف من قضايا قد تنهي مسار ترمب المريب وتقصِّر من مدة رئاسته المثيرة للجدل.
عوامل كثيرة متداخلة تركت الكونغرس يدور دورة 180 درجة في وقت قياسي، بدا أن إحاطة جينا هاسبل هي السبب المباشر بعد أن اتضح لديهم قناعة أن المخابرات واثقة من تورط ولي العهد السعودي في الجريمة وأن ترمب يعمل على إخفاء الحقيقة المرة.
الكونغرس له حساباته، ولا يريد أن يتستر بعد الآن على أحد ولو كان الرئيس، لأن قضية خاشقجي أصبحت قضية رأي عام أمريكي عالمي، وليس من المستبعد أن يحصل الضغط من أجل إجبار الرئيس على غسل يديه من ولي العهد والانضمام إلى الأصوات المُنادية بمعاقبته. وهذا يعني الدفع نحو الضغط من أجل التخلي عن محمد بن سلمان إذا أرادت السعودية أن تحظى بمعاملة متميزة مع الولايات المتحدة كما هو شأنها منذ 75 سنة.
الضغط يزداد باتجاه البيت الأبيض والديوان السعودي لقبول الاعتراف بأن وليَّ العهد ضالع مباشرة في القضية وأن القيم الأمريكية يجب ألا تغض الطرف عن أي كان ولو كان في أعلى الهرم.
الاحتمال الأضعف ولكنه ممكن أيضا هو استماتة ترمب في التغطية والدفاع عن ولي العهد، وهنا قد يأخذ الصراع بين الشيوخ والنواب ضد ترمب منعرجا خطيرا قد تضاف إليه نتائج تحقيقات في علاقة ترمب وصهره كوشنر التجارية المريبة مع السعودية والإمارات، كما قد يدخل تقرير مولر على الخط ليصل الأمر بالكونغرس بغرفتيه إلى عزل ترمب.. بل ومحاكمته.. وتكون بذلك سابقة في حق رئيس يمارس سلطته وهو على رأس السلطة؟
هذا أيضا احتمالٌ أكثر من وارد وغير مستبعد: نتائج تحقيقات اللجان البرلمانية المقبلة مع نتائج تقرير مولر ستكون المنشار الذي يقطع الشك باليقين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!