-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل ضاع حلمُ أحلام؟

بقلم الدكتور: عمر صافي
  • 719
  • 0
هل ضاع حلمُ أحلام؟

فجأة، تتلقّى أحلام التميمي أمراً ملكياً بترك الأردن، مثلماً حصل مع زوجها منذ سنتين. مغادرة البلد والبحث عن بلدٍ آخر أصبح إنجازاً سياسياً وأمنياً تتباهى به حكومات عربية عجزت عن توفير رغيف خبز لشعبها ومنحه قارورة غاز وكأس ماء.

أحلام، لم تكن تنتظر هذا “الكرم” إذ أنها وُلدت في الأردن وتملك جنسية البلد الذي ترعرعت وكبُرت فيه، نست همومها وهموم عائلتها الصغيرة، فزوجها مبعد من الأردن منذ 2022، وقد كان أسيراً لدى الاحتلال. منذ ما يزيد عن السنتين وأحلام تناضل لكي يعود زوجها إلى الأردن، ليجتمع شمل العائلة، لكن لا حياة لمن تنادي.
حفِل السجن بأولئك الذين ألهمونا بصبرهم وصمودهم، كما ظلّ السجن في فلسطين جزءًا من حياة الفلسطينيين، إذ اعتاد الشبان على مقارعة الخطوب وتحدي البؤس الذي فرضه احتلال لا يرقب فيهم إلًّا ولا ذمّة.
أحلام التميمي تغادر السّجن بعد رحلة طويلة داخل أقبية مظلمة وبائسة امتدّت أكثر من عقد من الزمن. حين نزل الخبر، خبر إطلاق سراحها، اهتز القصر الملكي في عَمّان؛ فوجود أحلام على الأراضي الأردنية سببٌ كاف لكي تغضب الإدارة الأمريكية وتوقف مساعداتها السنوية، أحلام متّهمة بقتل أمريكيين اثنين بالقدس. وجود أحلام على الأرض الأردنية وسط عائلتها سببٌ للتضييق على المملكة..
أحلام التي تنتمي إلى حركة حماس متزوِّجة من مناضل فلسطيني ينتمي إلى حركة فتح، قضى أربع وعشرين سنة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، جرى زواجهما في السّجن، إنها قصة حب وطن غير عادية، هي قصة ترمز إلى رحلة طويلة، ذابت فيها المشارب الفكرية وانتصر الحب على كل ازدواجية أخرى. ازدواجية سياسية اجتمعت على عشق الوطن والنضال لتحريره. هذه الازدواجية الجميلة معاشة لدى الفلسطينيين بكل مكوناتهم وحركاتهم وتنظيماتهم.
نزار التميمي ابن عم أحلام التميمي، خرج الاثنان من السجن بعد أن حُكم عليهما بالمؤبد، تهمة أحلام لا تختلف عن تهمة نزار كثيراً: الإرهاب وقتل إسرائيليين.
أدين نزار عام 1993 بتهمة اختطاف إسرائيلي وقتله، في ذلك التاريخ، كانت أحلام بجامعة بير زيت بفلسطين، كانت جامعتها تبعد نحو أربعين كلم من السجن الذي يقضي فيه نزار حكم المؤبد، نزار أحد أبناء عمومتها، ولم تكن رأته من قبل، وجوده في السجن دفعها لزيارته، الواجب العائلي يفرض نفسه.
في ليلة من ليالي 2001، أيام انتفاضة الأقصى، نقل تلفزيون الاحتلال صورة لفتاة حُكم عليها بالمؤبد. كان نزار يتابع الخبر من خلال تلفزيون السجن. اعترفت أحلام بأنها من نشطاء حماس وأنها خططت ونظمت لعملية استشهادية على مطعم البيتزا شارو في القدس الغربية في أوت 2001، أسفرت العملية عن مقتل خمسة عشر شخصاً من بينهم اثنان يحملان الجنسية الأمريكية، وجُرح مئات آخرون، كانت أحلام حينها في الثانية والعشرين من عمرها.
جاءت صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011 التي حرَّرت 1027 أسير فلسطيني مقابل أن تفرج حماس عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، لتعيد البسمة لمئات العائلات الفلسطينية بغضِّ النظر عن مشاربهم الفكرية وقناعاتهم السياسية، هي فرصة العمر ليخرج نزار وأحلام من السجن، وانتقلت أحلام إلى بيت والديها بالأردن بينما ظل نزار في رام الله رهن الإقامة الجبرية. بعد سنين طويلة اجتمع شمل العائلة الصغيرة بالأردن، لكن الفرحة لم تدم طويلاً، السلطات الأردنية تقرر طرد نزار من الأردن. منذ أزيد من عامين وجمعيات حقوق الإنسان تجتهد لإعادة نزار الفلسطيني إلى الأردن ليكون بجانب زوجته أحلام، كان الأمل كبيراً لنجاح المساعي، فجأة توقَّف كل شيء، السلطات الأردنية تطلب من أحلام مغادرة الأردن، وهي الأردنية المتيّمة بوطنها، هل رأيتم بلداً يطلب من مواطنيه الخروج منه عنوة وإلا ستسلّمهم لأمريكا؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!