-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل يوجد طب حتى يكون مجانيا؟

هل يوجد طب حتى يكون مجانيا؟

الحالة التي وصلها قطاع الصحة اليوم لا تحتاج إلى قرارات استعجالية أو إلى برنامج خاص أو إلى اجراءات جديدة كما يُقال عادة، إنما إلى مراجعة الخيار الاستراتيجي ذاته في هذا القطاع. والأمر لا يتعلق أبدا بما تعرف الحالة الصحية في البلاد في المدة الأخيرة من صعوبات جمة في مواجهة حالات الكوليرا المسجلة في أكثر من ولاية، ولا بأي مشكلات معروفة في التسيير أو في توفير الوسائل اللازمة لعلاج… إنما بمرض هيكلي أصابها منذ عقود من الزمن يتعلق بالمفهوم المركزي الذي حملته السياسة العامة لهذا القطاع، المعروفة بمجانية العلاج.
لقد بدا هذا المفهوم الذي حملته كشعار في السنوات الأولى للاستقلال صالحا وصحيحا، ثم ما لبث أن تَحوَّل إلى عنوان فارغ المحتوى، عندما بدأت نوعية العلاج ذاتها تتقهقر إلى درجة أن أصبح حديثنا بلا معنى عن “الطب المجاني”، وقد أصبحنا بلا طب أساسا فكيف نتحدث عن كونه مجانيا…
جميع مستشفياتنا اليوم، لم يعد بإمكانها تقديم العلاج للمرضى في ظروف عادية، سواء أكانت مجانية أو غير مجانية. الكل يشتكي: المرضى والهيئة الطبية والإدارة. جميعهم يدفعون اليوم ثمن سياسة صحية عامة غير سليمة مازالت تقتات على شعار تم ضرب أحد أجزائه بالآخر، حيث قتلت المجانية الطب، واللاّطب المجانية، أي بدل أن يكون لدينا طب ومجاني أصبح لدينا لاطب مجاني، فخسرنا كلاهما، ذلك أن لا فائدة من مجانية خدمة غير موجودة.
وعليه فإنه علينا مراجعة هذا الاختيار بخيار استراتيجي آخر يأخذ بعين الاعتبار التطورات الحاصلة في الميدان الصحي في العالم وتجارب مختلف الأمم في هذا المجال، خاصة تجارب الدول التي باتت تعرف نظاما صحيا متقدما في المدة الأخيرة رغم أنها لم تكن مُصنَّفة ضمن الدول المتقدمة (تركيا، الأردن، تونس…).
الدول الرأسمالية المتقدمة برغم أنها لا ترفع شعار مجانية العلاج، إلا أننا لم نسمع، أَنَّ أحدا من مواطنيها فقيرا كان أم غنيا لم يتمكن من العلاج، بل أكثر من ذلك لم نسمع أن أي “أجنبي” غير مقيم أو حتى بلا وثائق لم يتمكن من العلاج مجانا ولو عن طريق “أطباء العالم”، والدول التي ما زالت شيوعية مثل الصين، لسنا في حاجة للتذكير بمدى تطور العلاج بها، والدول القريبة مِنَّا التي لم تلغ نهائيا القطاع العام، تمكَّنت من تطوير منظومتها الصحية الخاصة إلى درجة أن أصبح القطاعان مكملبن لبعضهما البعض… أما نحن فما زلنا لم نتمكن من أن يكون لدينا طب فما بالك أن يكون مجانيا… لنخرج من مرحلة الشعار إلى مرحلة الفعل والعمل لعلنا نعيد بعض الأمل للناس.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • نبيل

    إنكار للجميل،اجحاف في حق المنظومة الصحية،تغليط للراي العام؛تلك بعض الاوصاف التي يمكن ان تكون عنوانا لمقالك سيدي الفاضل .لكننا نحن مستخدمي الصحة تعودنا ان نكون في الجبهة،نتلقى دائماً اول ضربة،وان نكون شماعة إخفاقات السياسيين ،وعدم غسل الناس لايديهم قبل الاكل،وعدم إصلاح البلديات لقنوات صرف المياه،و.......

  • شخص

    باختصار شيدي، مشلكة الطب في الجزائر أن الطبيب يكره المريض !

  • فلان بن فلان

    كلامك عن مجانية الطب و حالته الكارثية في الجزائر لا يختلف فيها إثنان ، لكن قولك أنك لم تسمع في الدول الرأس مالية من لا يجد العلاج فهذا إجتناب للصواب
    في الو م أ عراب الديموقراطية و الرأسمالية و شعارات الحرية في العالم إلا أن مواطنيها لا يجدون للعلاج سبيلا فقد أهلكهم نظامهم الصحي ، فمن لا يمتلك بطاقة رعاية صحية سيتعفن و يموت حتى و إن كان في غرفة الإنتظار في المستشفى

  • حفيد اللشهداء- الجزائر

    لا يوحد في بلدي علاج مجاني اللهم ما عدى العلاج بالقسطرة الوريدية ( السيروم) فالدواء تشتريه من عند الصيدلي والفحوصات والتصوير الاشعاءي والتحاليل كلها تنجز عند مخابر الخواص فعندما تطلب شيئ بقال لك الجهاز معطل او البرودوي ماكانش ( produit)

  • ابن الشهيد

    يا سي سليم أليس ملك الجزائر كان أمير الطب المجاني والعهد الأشتنراكي ؟ أليس طاقمه من طبق الثورة الأشتراكية والثورة الزراعية والثورة الثقافية ؟ أليسوا كلهم كانوا يكدبون على الغاشي بهده الشعارات ويجهزون أنفسهم الى هدا اليوم ؟أليس القطاع الصحي الخاص ومن عمل ويعمل فيه اغتنى من القطاع العام ؟ أزمه 1986 للصور بالأشعغة تدفع ثمنها عند الخواص وتجريها في المستشفيات ؟ أليس خيط الجراحة يباع في أسواق الحراش ،رحبة الجمال ،السويقة،لخروب،أي بقعة من الوطن وبالأرقام معروفة من الجميع وبتشجيع من النظام في حد داته؟ الله يصلحنا ويأتي من يصلحنا من الأجيال القادمة وليس بولد عيشة وغول

  • جزائري حر

    كل شيئ يصل العبر إلا وقلبوه تجارة .

  • شاهين

    معلومتك خاطءة تماما و كأنك لم تجد شيءا تكتبه , كلامك هذا لا يستند إلى أي منطق , هناك طب في الجزاءر أنتم لا تريدون رؤيته أو تنكرون وجوده , هناك نقائص صحيح لكن الكل يعمل ظمن قوانين معدة مسبقا و ماتوفر ه من إمكانات على حسب المناطق و الأةلويات, المشكل أنكم تريدون خدمات طبية على مقاصكم و بدون أن تدفعوا و لا دينار , تتكلمون عن تونس و تركيا ؟ بكم؟ في تونس لا تذهبون إلى العيادات إلا لفترة وجيزة بغية غجراء العمليات أما تاقي الأيام تقظونها في نزل من 5 نجوم بين الجميلات اللواتي يرقصن بالمايوهات في المسابح و الموسيقى و الأطعمة الفاخرة هذا ما تريدنه، هذا ما يعرفه جيراننا فصنعوا لكم الطب الذي تريدونه

  • عبد النور

    وماذا عن كوبا التي تصدر الأطباء ، أليس الطب بها مجاني ، ماذا عن الدانمارك وغيرها ..ماذا عن ألمانيا التي التعليم بها مجاني ، هل أثر ذلك في جودة التعليم وجودة المتخرجين من الجامعات؟

  • الطيب

    هذه هي الكوليرا الحقيقية التي سكنت عندنا عقودًا و لا نعلم إن كان هناك أمل لرحيلها أم لا !؟
    54 سنة استقلال و لا قطاع واحد يفرحك و يدخل السرور إلى قلبك . و يقتلوك بكلمة سهلة النطق" المجانية " ! بالله عليكم كيف هي حال قطاع الصحة ؟ و كيف هي حال التربية ؟ كيف هي حال الجامعة ؟ كيف هي حال اقتصادنا ؟ كيف هي حال ثقافتنا و سياحتنا و بيئتنا و فلاحتنا و صناعتنا و طرقاتنا و مدننا و قرانا و ملاعبنا و شواطئنا ؟ كيف هي حال سياستنا و سياسينا ؟ كيف هي حال طفولتنا و شبابنا ؟
    هذه هي كوليرتنا التي تقتلنا عشرات القتلات في اليوم.. !!؟