-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل يَخطف غُراب الصهاينة قطة المسلمين؟

هل يَخطف غُراب الصهاينة قطة المسلمين؟

الغُراب في الثقافة اليهودية، والذي يُدْعى “أوريف” ليس نَذير شؤم، بل هو أحد أهم طائرين مذكورين في العهد القديم مع الحمامة (يونا)، وهو أفضل منها لأنه كَشَفَ لنوح عليه السلام موقع اليابسة الأقرب، في حين ذهبت الحمامة ولم تعُد…
وفوق ذلك فإن “أوريف” هو الطائر الذي أطعَم النبي “إلياهو” (إلياس عليه السلام) عندما كان مختبئا من قوى الشر كما جاء في إحدى القصص التوراتية ” (بريشيترباح 33: 5؛ الملوك الأول 17: 6).
وتتفق الثقافتان اليهودية والغربية إلى حد بعيد في كون الغراب لديه من الصفات الإيجابية أكثر من السلبية: إنه من أذكى الطيور، ولديه بُعد نظر حاد وقوي، وقدرة على فهم الاتجاه ومعرفة المسارات… الخ. وهي صورة مخالفة تماما لما نُدركه نحن عنه، وما تُعلِّمُنا إياه ثقافتنا الإسلامية: أنَّه من الدَّواب الفواسق،… إلى غيرها من الصفات القبيحة..
في ضوء هاتين الصورتين للغراب ينبغي أن نقرأ مُحتوى شَريطَي فيديو متداولين حاليا على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي وكبار القنوات العربية: الأول عن غراب ينتف علم الكيان الصهيوني حتى سقوطه، والثاني عن قطة تخدش ذات العلم المُعلَّق على حائط قصير حتى تُسقطه أيضا…
يَنظُر الكثير من المتابعين للفيديو الأول والثاني على أساس أنهما بِشارة للمسلمين ونَذير شؤم بالنسبة للصهاينة.. ومن دون محاولة لفهم أبعادهما الحقيقية، يُطلِقون العنان لتفسيرات معظمها من نَسْجِ الخيال، للحديث عن قرب نهاية هذا الكيان الغاصب.. ناسين تماما أن الصِّراع القائم حاليا بيننا وبينه إنما تَحكُمه موازين قوة تشمل كافة الجبهات… بما في ذلك الجبهة الإعلامية. بل أن هذا النوع من الإعلام إنما يهدف في جوهره إلى إبعادنا عن البحث عن توفير الأسباب لكسر ميزان القوة القائم بيننا وهذا الكيان على جبهة الصراع الفكري والإعلامي بالذات..
يكفي أن نعود إلى فيديو القطة الأول (قطة الإمام وليد مهساس أثناء صلاة التراويح) الذي أحدث تأثيرا في الرأي العالم العالمي وقدّم صورة إيجابية عن تسامح الإسلام ورِفْقِه بالحيوانات… لم يكن هذا الفيديو قطّ مقبولا لدى الدعاية الغربية بشكل عامّ والصهيونية بشكل خاصّ، ينبغي أن يتم تشويهه واستبداله بفيديوهات أخرى تُلغي مفعوله تماما. إنهم لا يريدون الإبقاء على أيِّ انتصار لنا على جبهة الصراع الفكري والوعي الاستراتيجي. القطة التي أبهرت العالم ينبغي أن تبدو معادية للكيان الصهيوني، وللوصول إلى ذلك كان لا بد من التفكير في حيوان آخر يكرهه المسلمون ولا تنظر إليه الشعوبُ الغربية بنفس النظرة لكي يتحقق الهدف.. وهكذا صَعَد الغراب (صدفة هذه الأيام) إلى أعلى البناية لينتف علم الكيان! وفي ذات اليوم نزلت قطة (مشابهة لقطة وليد) إلى الأسفل لتقوم بذات الشيء! وقد تَتْبعهما في الأيام القادمة حيواناتٌ أخرى، فيتم تشويهُها جميعا، ولا يُصاب العقل الغربي أو الصهيوني بأي أذى، لأن الغُراب الذي نتف عَلَمهم ليس بالضرورة نذير شؤم، أما القِطط فهي ليست بريئة كما قطة وليد…
بمفهوم آخر، علينا الانتباه قدر الإمكان لما يتم الترويج له من فيديوهات عبر منصات التواصل الاجتماعي، ووضع في عين الاعتبار أن معركة تزييف الوعي وتشويهه قائمة على قدم وساق، وهي من أهمّ المعارك التي نواجهها اليوم، قد تأتيك في صورة غراب أو قطة أو كلب أو حمامة، فقط لكي لا ترى الواقعَ بموضوعية وتفهم جيدا طبيعة الصراع، وتُدرِك الإشارات الحاملة للمستقبل التي ينبغي البحث عنها في مستوى الإنتاج المعرفي والعلمي بمختلف فروعه.. إنهم لم يَتحمَّلوا انتصار قطة وليد البريئة، فصنعوا لها قطة أخرى تُشوِّه براءتها، وغُرابا يريد أن يخطفها ويخطف الأبصار عنها.. هل نَسمح لهم بذلك؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!