-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وزارة التربية تحذر ومختصون يستعجلون الحلول

هوس الشاشات يسيطر على قاعات الدراسة

بلقاسم حوام
  • 755
  • 0
هوس الشاشات يسيطر على قاعات الدراسة
ح.م
تعبيرية

لم تعد قاعات الدراسة محصنة من هوس الشاشات والإدمان على مواقع التواصل والهواتف الذكية، التي باتت سحر العصر، الذي خطف عقول المتمدرسين، ولم يسلم من تأثيره حتى الأساتذة من الجيل الجديد، الذين تربوا على ثورة الانترنت وباتوا يبحثون عن التسويق لبضاعتهم على السوشل ميديا على نهج المؤثرين، وهو ما جعل وزارة التربية تدق ناقوس الخطر لأول مرة، من اختراق موبقات التكنولوجيا للحرم المدرسي وتأثيرها سلبا على التحصيل الدراسي وهيبة التعليم..
كان البيان التحذيري الأخير لوزارة التربية بمثابة “القرصة” التي أقيضت الأولياء من سباتهم التربوي، وتساهلهم من الاستعمال المفرط لأبنائهم للهواتف الذكية، التي تحولت حسب المختصين إلى إدمان يصعب التخلص منه، والخطير في الأمر أن هذه الهواتف باتت تقدم للمتمدرسين على شكل هدايا ومكافآت ووسيلة للتهدئة، حيث يظهر العديد من الأولياء سعادة كبيرة بتعامل أبنائهم مع الهاتف الذكي، معتبرين ذلك ذكاء مبكرا، كما أن منهم من يعتبر المراهق عبقريا، من خلال تعامله مع الأجهزة الذكية، فهل فكر الأولياء ولو لحظة في المخاطر والأضرار التي من الممكن أن يسببها هذا الإدمان على التلاميذ، وهو الأمر الذي حذرت منهم وزرة التربية، أين امتدت هيمنت الهواتف الذكية على عقول المتمدرسين من البيوت إلى قاعات الدراسة، ووصل الأمر إلى تصفح التلاميذ للهواتف حتى وهم بطريقهم الى المؤسسات التربوية، وفي أثناء تلقي الدروس ومنهم من ينفصل ذهنيا عن الدراسة والأستاذ يشرح في القسم، ويسرح في عالم آخر من العوالم الافتراضية، وما تحمله من إغراءات وتحديات وعلاقات وتأثيرات سلبية على التحصيل الدراسي، بالإضافة إلى التأثيرات الصحية والاجتماعية، ما يتطلب اهتماما كبيرا من الأسر في طرق استخدام هذه التكنولوجيا، وكيفية وطريقة الاستفادة منها، بالإضافة إلى تكثيف الرقابة عليهم للحد من الاستخدام السيئ لها، وتعزيز سلوك الاستغلال الإيجابي للخدمات التي تفعلها الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية.

تخوف وسط الأولياء ومطالب بتشديد الرقابة
وفي هذا الإطار أبدت الفيدرالية الوطنية لجمعيات أولياء التلاميذ تخوفها الكبير من اختراق العديد من الظواهر السلبية للحرم المدرسي، واستقبلت البيان التحذيري لوزارة التربية بقلق شديد، خاصة وأن الكثير من الأولياء لم يكونوا على علم بانتشار هذه السلوكيات في المدرسة، على غرار استعمال التلاميذ للهواتف الذكية في أثناء الدراسة، والغريب أن الأمر لم يقتصر على التلاميذ بل امتد إلى الأساتذة الذين باتوا يصورون التلاميذ والدروس وينشرون الصور على مواقع التواصل الاجتماعي دون إذن من الأولياء ولا ترخيص من المدرسة..
وفي هذا السياق، انقد الأمين العام للفدرالية الوطنية لجمعيات أولياء التلاميذ، عادل زروق في تصريح لـ “الشروق” تساهل الطاقم الإداري والتربوي للعديد من المدارس مع استعمال التلاميذ وحتى الأساتذة للهواتف الذكية، مؤكدا أن القوانين تمنع من التلميذ من استعمال الهاتف داخل المحيط المدرسي لما يترتب عنه من تأثير سلبي على التحصيل الدراسي والتواصل مع الأساتذة، غير أن الإدارة تتساهل مع التلاميذ الذين يتم ضبطهم وهم يستعملون الهاتف داخل الأقسام والذي عادة ما يسلب منهم ويتحصلون عليها بعد انتهاء الحصة الدراسية أو بعد تدخل الأولياء.

انحراف في السلوك ومشاحنات وصلت إلى القضاء
وقال عادل زروق، إن استعمال الهاتف في المدارس تسبب في انحراف خطير في سلوك التلاميذ ووصل الأمر إلى القضاء، بعد نشر فيديوهات وانتشار مقاطع تسيء للتلاميذ، وقال إن بعض الأساتذة يطلبون من التلاميذ استعمال الهواتف الذكية لتصوير الدروس، وهو ما شجع المتمدرسين على الأمر، وطالب محدثنا بضرورة تشديد الحلول الردعية على غرار منع إدخال الهواتف للمدارس، وللمخالفين يتم حجز الهواتف نهائيا وتسليمها في نهاية السنة، ليكونوا عبرة لغيرهم، وهذا للحفاظ على هيبة المدرسة وقوانين وزارة التربية.
وأردف عادل زروق، أن الكثير من الأولياء يعانون من إدمان أبنائهم للهواتف الذكية خاصة بالنسبة لتلاميذ المتوسط والثانوي، “أين بات الأمر يؤثر على نتائجهم المدرسية، ما جعل العديد من الأولياء يستعينون بمختصين نفسانيين لترشيد أبنائهم، فيما فضل آخرون الحلول الردعية ومنعوا أبناءهم نهائيا من الهاتف والانترنت لتمكينهم من التفرغ للدراسة وهذا ما يجب أن يكون في المؤسسات المدرسية التي يجب أن تكون مكانا للدراسة فقط والتعلم بعيدا عن هوس مواقع التواصل وبالبحث عن الترندات والشهرة، خاصة وأن الهواتف أصبحت مدرسة ثانية فيها الكثير من المغريات والملهيات والمحفزات”..

يجب التفريق بين الاستعمال غير القانوني والإدمان على الهواتف
وبدوره، أكد المختص في التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل سعيد أقدال، أن استعمال الهواتف الذكية والإدمان على مواقع التواصل هو مشكل عالمي وليس حالة خاصة بالجزائر فقط “كلنا نعاني من هذا الأمر وأنا أعاني مع أولادي لأن طبيعة تصميم المحتوى يجعل الكل مرتبط ومدمن على الشاشات التي باتت لا تفارق الكبار وحتى الصغار..”
وأضاف محدثنا أنه يجب التفريق بين الاستعمال الغير قانوني للهاتف من طرف أساتذة يصورون التلاميذ أو العكس، من باب الحفاظ على حقوق الأطفال، “و في إطار غياب الرادع والنص الصريح قد يتمادى التلاميذ والأساتذة في هذا الأمر، خاصة وأن أغلب الأساتذة الجدد حسبه تربوا على ثورة الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وهم لا يستطيعون الاستغناء عن الهاتف حتى في عملهم اليومي، أين يستعملونه كوسيلة تعليمة أو في التواصل مع التلاميذ رغم المحاذير الموجودة في هذا الأمر.

هذا أخطر ما يسببه الإدمان على مواقع التواصل
ومن جانب آخر، قال سعيد أقدال، إن أخطر ما في الهواتف الذكية، هو الإدمان على الفيديوهات القصيرة من مقاطع الريلز والتيكتوك، التي تجعل ذهن التلميذ مشتت وتصعب عليه عملية التركيز والتحصيل الدراسي، وتسبب له كثرة الملل من الساعات الطويلة للدروس وشرح الأساتذة، وقال أن هذه الفيديوهات امتدت إلى غاية المساجد هي معضلة حقيقية، وطالب المتحدث من وزارة التربية ضرورة تنظيم أيام دراسية وبرامج للتصدي لهذه الظاهرة وترشيد استعمال التكنولوجيا الحديثة الخاصة بالاتصال ومواقع التواصل..

هكذا يؤثر الهاتف على التحصيل الدراسي
وفي ما يتعلق بالتأثير السلبي للهواتف الذكية على التحصيل الدراسي، أكدت المختصة النفسانية والتربوية ليلى اسعد، في تصريح للشروق “أن المشكل لا يكمن في استعمال الهاتف الذي له العديد من المنافع والمحاسن، ولكن يكمن الخلل في الإدمان عليه واستعماله لساعات طويلة، خاصة في الليل، أين يسهر التلميذ ويعاني من اضطرابات النوم وهو ما يجعله عرضة لقلة التركيز وتشتت الانتباه والعزلة والاكتئاب وصعوبة التواصل مع الأساتذة ما يؤثر سلبا على النتائج الدراسية والتحصيل العلمي”.
ونصحت المختصة الأولياء بضرورة تفادي منح الأطفال تحت 12 سنة الهاتف، مع تخصيص من يستعملونه زمنا محددا لا يتجاوز ساعتين في اليوم مع المراقبة والمرافقة، بالإضافة إلى الابتعاد عن منح الهاتف للتلاميذ كأسلوب مكافأة أو الحرمان منه كوسيلة عقاب مع المتابعة الوالدية..
وقالت المتحدثة إن الكثير من الأولياء يجهلون تماما ما يتصفحه أطفالهم في الهاتف وهذا ما يعرضهم للخطر والتيه وربما نسج علاقات غير صحيحة، ما يتطلب حسبها تفطن الأولياء لهذا الأمر وعدم التهاون في مراقبة أطفالهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!