-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

.. وأضاءت الجمعة

جمال غول
  • 448
  • 3
.. وأضاءت الجمعة
ح.م

ثلاث وثلاثون (33) جمعة خلت من صلاة الجمعة، مرت علينا مظلمة كظلمة بطن الحوت، فقدنا فيها نورا كان يضيء لنا ما بين الجمعتين وفرقانا كان يهدينا لأقوم السبيلين، انقضت ثمانية أشهر ونحن محرومون من اجتماعنا الأسبوعي المبارك، الذي كنا نتزيّن فيه بالاغتسال والتطيب واللباس، تعظيما لشعيرة الجمعة، وكنا نتزوّد فيه بخير الزاد استعدادا ليوم المعاد،كما كنا نحظى فيه بملاقاة الأحباب والأصحاب، وما في ذلك من الأنس والسعادة وزوال الهموم والاكتئاب.

كان مَعلَم الأسبوع هو يوم الجمعة، ويوم الجمعة مَعلَمه الظاهر هو صلاة الجمعة، التي بتعطيلها لم يعد هناك معلم يميز أيام الأسبوع وصارت الأيام متشابهة تشابهَ البقر على بني إسرائيل .

وأظلمت الجمعة بتعطيل معلمها فعشنا الظلمة والتيه، وبلغت القلوب الحناجر، وكثرت الجرائم وكشّر الشرّ عن أنيابه وضرب الفساد بأطنابه لمّا خلا له الجوُّ بغلق المساجد، حتى جاء شهر المولد وشهر الثورة بالبشرى التي تُسعد المؤمنين، وتسُرُّ الناظرين إلى تلك الجموع العائدة إلى ما تعلقت به قلوبها كعودة الطيور المهاجرة إلى أوكارها، فامتلأت بيوت الله في صلاة الجمعة، بروّادها المصلين والراكعين الساجدين، وعادت الجمعة من جديد لتبدد ظلمات تلك الشهور ويشعّ منها نور الشعيرة الذي لا يخبو، فأضاءت الجمعة من جديد.

أضاءت الجمعة رغم الوباء الذي خيّم على الكثيرين وأصاب عددا منهم في مقتل.

أضاءت الجمعة بعودة أذانها مع إقامتها، وخطبتها التي يلقيها الأئمة على الساعين إليها فرحين بما آتاهم الله من فضله.

أضاءت الجمعة بفرحة غمرت قلوب المواطنين الجزائريين فجاؤوا ليشهدوا خير الجمعة زرافات ووحدانا، متخذين أسباب السلامة، ملتزمين بإجراءات الوقاية، مستسلمين للمنظمين استسلام احترام وتوقير، مستمعين لخطبة الإمام وكأنّ على رؤوسهم الطير كل في مكانه المحدد.

وبعد الصلاة خرجوا مسرورين بعد أن تزوّدوا وأزاحوا وحشة تلك الشهور المظلمة لا ردّها الله.

وأضاءت الجمعة، وفتحت لنا أبواب رحمة الله، فحق علينا أن نراجع أنفسنا ونحاسبها عن سبب ما أصابنا، مثلما فعل الصحابة الكرام بعد مصيبة أُحُد، إذ جاءهم الجواب من عند الله (قل هو من عند أنفسكم)، فهل ستكون لنا توبة صادقة مع رجوعنا إلى الجمعة؟ هل سيكون رجوعنا إلى الجمعة رجوع قلوب قبل أن يكون رجوع أجساد؟ هل سنتبرأ من كل معصية يُجاهَر بها، ومن كل تطاول على المقدسات، ومن كل تصرّف فيه مُحادّة لله ورسوله؟

وهل سنشكر الله تعالى على نعمة عودة صلاة الجمعة والجماعة بالاجتهاد في المحافظة على الصلوات والاستفادة التامّة من خطب الجمعة، والاجتهاد في أبواب الخير على حسب الوسع والطاقة؟

اللهم وفقنا وشرِّفنا بعمارة بيوتك العمارة الصحيحة، ولا تحرمنا من بيوتك التي أذنتَ أن تُرفع ويُذكر فيها اسمُك ويُسبَّح لك فيها بالغدوِّ والآصال.

اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله…).

اللهم آمين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • abou anes

    موضوع جيد...واصل الكتابة ، أراك موهوبا وأسلوبك له ذوق ،..،
    أناشد الشروق أن تشجعوا المواهب و تنشروا الوعي والعلم النافع، مللنا من أخبار البؤس الخذلان، نريد أخبارا سارة ترفع المعنويات ...

  • محب الجزائر

    قال تعالى: (الَّذينَ يُبلّغونَ رسالاتِ اللِه ويخشونهُ ولا يخشونَ أحداً إلا اللهَ وكَفَى باللهِ حَسِيباً).
    نعم, ثلاث وثلاثون (33) اسبوع من دون صلاة الجمعة. لكن اعلم ان المواطن اشتاق لبيت الله, ولكنه لم يشتق لموعظة امام CCP الذي فقد كل المصداقية.

  • عقبة

    الجمعة اختلفت كثيرا بعد التعليق عنها قبله