وداعا محيي الدين خالف
فقدت الأسرة الرياضية اللاعب والمدرِّب والمحلل الرياضي، محيي الدين خالف، عن عمر ناهز 80 سنة، لتنطفئ شمعة طالما أضاءت الكرة الجزائرية بتحقيق العديد من النتائج، التي لا تزال راسخة في الأذهان، وخاصة الفوز التاريخي على المنتخب الألماني في أول مقابلة يلعبها الخضر في نهائيات كأس العالم 1982، ليدخل صاحب “ملحمة خيخون” التاريخ من بابه الواسع.
محيي الدين خالف، الذي كان لاعبا في شبيبة القبائل في الموسم الكروي 72-73، تمكّن من تحقيق أول لقب له لاعبا ومساعد مدرِّب، ليقرر بعد سنة وضع حد لمشواره الكروي والإشراف على النادي بعد ذهاب المدرّب بوبيسكو، الذي كان يشرف على الشبيبة يومها، ومع مجيء الروماني بوبيسكو في الموسم الموالي أبقى عليه مساعدا له، ومنه تعلم أبجديات مهنة التدريب، ليكون له الشرف بعدها لإحراز الثنائية (البطولة والكأس) لسنة 1977 مع شبيبة القبائل، ويكتب رفقة اللاعبين المميزين تاريخا يصعب على الجيل الحالي تحقيقه، خاصة وأن الفريق كان يمتاز يومها بالصرامة والانضباط، بدليل سيطرته على البطولة الوطنية سنوات عديدة محليّا وإفريقيّا.
خالف، تحمَّل مسؤولياته مع المنتخب الوطني مبكرا؛ ففي شهر ماي 1979 عندما استقال رشيد مخلوفي من تدريب “الخضر”، رفض الكثير من المدربين الذين اتصلت بهم “الفاف” يومها تولي المهمة، لكن خالف قبل التحدي، وتأتي أولى الثمار بالفوز التاريخي للجزائر على المنتخب المغربي بخماسية بالدار البيضاء، في 1979، ليشق طريقه بنجاح، بدليل وصوله إلى نهائي كأس إفريقيا بنيجيريا 1980، وأسند إليه سنة 1982 تدريب المنتخب بعد إقالة الثلاثي سعدان ومعوش وروغوف، بمناسبة كأس العالم بإسبانيا، وتمكّن من الفوز بمباراتين، أمام ألمانيا والشيلي، وخسارة غير منتظرة أمام النمسا، ولولا مهزلة ألمانيا والنمسا لتأهّل رفقاء لخضر بلومي للدور الثاني، وهو ما جعل “الفيفا” بعدها تقرِّر لعب كل لقاءات الجولة الثالثة من كل المنافسات في وقت واحد حتى لا يجري التلاعب بنتائج المقابلات.
حقّق خالف في مشواره العديد من النتائج الإيجابية الأخرى، مثل كأس إفريقيا في ليبيا 1982 التي احتل فيها “الخضر” المرتبة الرابعة، والثالثة في كأس إفريقيا 1984، وكان وراء تألق الكثير من اللاعبين سواء الذين تمكّنوا من الاحتراف، على غرار عصاد وماجر وبن ساولة ومناد وغيرهم، أم آخرين من مختلف الأجيال.. كما يعدّ المهندس الحقيقي لتتويجات فريق شبيبة القبائل محليا وقاريا، إذ نال معه لقب البطولة الوطنية ثماني مرّات، وكأسين للجزائر، وثلاث كؤوس إفريقية. لذلك، يعدّ أحد أحسن المدرِّبين الذين أشرفوا على فريق شبيبة القبائل، وهذا بشهادة كل اللاعبين الذين أشرف عليهم وبشهادة كل الأنصار الذين يعتبرونه الأب الروحي للفريق، إذ كان ولمدة طويلة يتدخل من أجل إيجاد الحلول للأزمات التي واجهت الشبيبة.
غير أن عددا كبيرا من الشخصيات الرياضية التي فقدناها في الآونة الأخيرة على غرار رشيد مخلوفي وبلعيد لكارن واليوم محيي الدين خالف، لم تستفد منها كثيرا الكرة الجزائرية، التي تتخبَّط في دوامة من المشاكل.. علينا، أن نلتفت قليلا إلى الّذين لا يزالون على قيد الحياة، لنستفيد من تجربتهم أكثر، بدل تهميشهم وإنكار ما قدَّموه للجزائر.