-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وهمُ “السلام”.. نقطة النهاية

حسين لقرع
  • 606
  • 1
وهمُ “السلام”.. نقطة النهاية
ح.م

أخيرا اتخذت السلطة الفلسطينية القرار الصحيح، بإعلانها التحلّل من جميع الاتفاقيات الموقّعة مع الكيان الصهيوني، ومنها التنسيق الأمني معه ضد المقاومة، ما يمنح للفلسطينيين بصيص أمل، بإمكانية تغيير السلطة نهجَها القائم منذ 27 سنة كاملة، على ماراطون المفاوضات، والعودة مجددا إلى نهج المقاومة، إذا ثبُتت على قرارها هذه المرّة، ولم تتراجع عنه كما فعلت مراتٍ عديدة.

يأتي هذا القرار بعد أن تبيَّن بما لا يدع أيَّ مجال للشكّ أنّ الاحتلال الصهيوني قد أدار ظهره نهائيا لاتفاق أوسلو، وقرّر عدم السماح بقيام دولة فلسطينية، على حدود 4 جوان 1967، التي لا تشكل سوى 22 بالمئة فقط من فلسطين التاريخية، بإعلانه ضمّ المستوطنات وغور الأردن في شهر جويلية القادم، تطبيقا لـ”صفقة القرن”، وإذا علمنا أنّ الأغوار تشكّل نحو 25 بالمئة من أراضي الضفة، وأنّ الأراضي التي التهمها الجدارُ العنصري العازل تشكِّل 13 بالمئة منها، فإنّ مساحة “الدولة الفلسطينية” التي يسمح بها العدوّ ستتقلّص إلى أقلّ من 15 بالمئة فقط من فلسطين، وهي كما يشترط الاحتلالُ “دولةٌ” مفكّكة الأوصال، مرتبطة بمجموعة من الجسور والأنفاق، منزوعة السلاح، وبلا قُدس، ولا سيطرةَ لها على الأجواء والمعابر.. أي “دولة” تحت رحمة العدو، لا سيادة لها ولا كرامة!

ضمُّ الأغوار يعني عمليا نهاية اتفاق أوسلو 1993، وحصر الفلسطينيين في الزاوية، وفرض “صفقة القرن” عليهم، وهنا لم يعُد أمام السلطة الفلسطينية سوى أن تتحلّى بالشجاعة وتتخذ قراراتٍ تاريخية، وفي مقدّمتها الإعلان الصريح عن إلغاء اتفاق أوسلو، وحلِّ نفسها، والعودة إلى صفّ المقاومة مجددا، وتفجير انتفاضة ثالثة على الأقل، أو تنسحب وتترك غيرها يقاوم العدوّ؛ فقد ضيّعت على الفلسطينيين أزيد من ربُع قرن في مسلسل مفاوضاتٍ عبثية استغلّها الاحتلالُ لتوسيع الاستيطان وقضم المزيد من الأراضي وتهويد المدن والمقدّسات، وحان الوقت الآن لتعترف السلطة بأنّ مسار “السلام خيارٌ استراتيجي وحيد” واستجداء العدوّ ليسمح لها بإقامة “دولة” على حدود 4 جوان 1967، قد وصل إلى طريق مسدود، وأنّ “تنسيقها الأمني” مع الاحتلال كان أحد أكبر الكوارث في تاريخ الفلسطينيين وألحق أضرارا فادحة بقضيّتهم العادلة بعد أن صفّى المقاومة تماما في الضفة الغربية وأدّى إلى انقسامٍ فلسطيني عميق، ثمّ تحلُّ نفسها وتترك الشعب الفلسطيني وجها لوجه مع الاحتلال لتحرير أراضيه أسوةً بما فعل شقيقُه الجزائري في 1954.

لقد تحرّرت غزة في أوت 2005 بعد خمس سنوات من المقاومة الشرسة، وتقديم التضحيات بلا هوادة، وقبلها تحرّر جنوبُ لبنان في عام 2000، بعد 18 سنة كاملة من مقارعة العدوّ، وفي كلا الحالتين أجبر “الجيش الصهيوني الذي لا يُقهر” على الهروب مذموما مدحورا، ومن دون أيّ قيدٍ أو شرط، وما دام الاحتلالُ لا يريد حتى إقامة “دويلة” فلسطينية على 22 بالمئة فقط من أراضيها، ويريد استسلاما ذليلاً وغير مشروط للفلسطينيين، فليس أمام السلطة سوى أن تعترف بأنّ مسارها القائم على استجداء الاحتلال لإقامة الدولة الفلسطينية قد بلغ نهايته، وتنسحب لتتيح الفرصة لمن يريد تحرير الضفة بالقوة كما فعل مع غزة، ثم تحرير بقيّة أراضي 1948 على مراحل، ولا ريب أنّ درب المقاومة سيكون شاقا وطويلا ومليئا بالتضحيات والدماء والدموع، في ظلّ التفوّقِ العسكري الصهيوني الصارخ القائم على الدعم الأمريكي غير المحدود، مقابل خيانةٍ عربية غير مسبوقة لـ”قضيّتهم الأولى”، لكنّ المقاومة تظلّ الخيارَ الوحيد لإنقاذ فلسطين من الضياع، ومنع قضيّتها من التصفية والاندثار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جزائري

    القبول بمبدا السلام مع اسراءيل من طرف العرب يعني ان العرب يقولون بطريقة منافقة اذهب انت وربك وقاتلا ان ههنا قاعدون . اكثر من ذلك هم يفعلون كل شيىء ضد كل من يحاول المقاومة بدلا عن اسراءيل . هكذا هو واقع العرب ومازال لم يتغير اي شي ء . بل لن يتغير في المنظور القريب لان مخطط التطبيع جاهز وبدا تطبيقه علنا وفوق الطاولة .