يوسف بوزيدي.. المدرب الذي رفع التحدي في بطولة الضغط والمصاعب

ودعت الجماهير الجزائرية المدرب يوسف بوزيدي، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 67، حيث رحل بعد أيام قليلة بعد وفاة المدرب الوطني الأسبق خالف محي الدين، وقبل ذلك أحد أيقونات الكرة الجزائرية، ممثلا في الفقيد رشيد مخلوفي، مات يؤكد للجميع أن مغادرة هذا العالم أمر حتمي والعبرة بترك الأثر الطيب، حيث أجمع الكثير على طيبة المرحوم يوسف بوزيدي، الذي كان حريصا على رفع التحدي مع مختلف الأندية التي أشرف عليها مثلما كان حريصا على حسن التعامل والتواصل مع الجميع.
لم يكن طريق الفقيد يوسف بوزيدي في مجال التدريب مفروشا بالورود، فقد عمل واجتهد في صمت حتى يترك مسارا ايجابيا، من خلال النتائج والبصمات التي تركها مع عدد معتبر من الأندية الناشطة في بطولة القسم الأول والدرجة الثانية وحتى الدرجة الثالثة، حيث كان طموحه كبيرا في رفع التحدي والبرهنة على كفاءته في بطولة كروية سمتها الضغط والمصاعب ونكران الجميل، خاصة وأن المدرب مهدد بالإقالة في أي لحظة بمجرد تعثر أو ضغط يمارس عليه من طرف الإدارة أو الجماهير، فيجد نفسه مرغما على حمل حقيبته أملا في خوض تجربة أخرى للرد على المشككين في إمكاناته. وهو الخيار الذي اتبعه المرحوم يوسف بوزيدي الذي بدأ مسيرته مدربا للشبان ثم مدربا مساعدا مع عدة تقنيين منهم الدولي السابق شعبان مرزقان، الذي عمل معه مع عدة أندية في الوسط والشرق الجزائري، وفي مواسم أغلبها تتسم باللعب على ورقة الصعود أو تفادي شبح السقوط، من ذلك تحقيق الصعود مع نصر حسين داي عام 1998، ومع مولودية بجاية عام 2002، وتضييع ذات الهدف مع اتحاد الحراش موسم 2003-2004، في الوقت الذي خاض تجربة مماثلة مع مولودية باتنة في الموسم الموالي (2004-2005) وكللت بتحقيق الصعود إلى القسم الثاني، حيث بدأ المهمة مع مرزقان ثم أكملها مع مصطفى عقون بعد أن غادر مرزقان نحو شباب ميلة مباشرة بعد انتهاء مرحلة الذهاب، ليلبس بعد ذلك يوسف بوزيدي رداء المدرب الرئيسي، محققا عدة انجازات مهما في مجال الصعود أو تفادي السقوط، حيث ساهم في صعود عدة أندية إلى الدرجة الثانية، مثل اتحاد سطيف عام 2007 وشبيبة سكيكدة في العام الموالي، ثم أمل مروانة عام 2009، مثلما تألق مع مولودية بجاية محققا الصعود عام 2011، وكذلك رائد القبة سنة 2017. وفي السياق ذاته ساهم في صعود سريع غليزان إلى القسم الأول عام 2020. كما كانت له بصمته في منافسة الكأس، والبداية مع شبان نصر حسين داي، حين توج باللقب مع صنف أقل من 17 سنة عام 1996 وصنف أقل من 19 سنة في السنة الموالية، فيما نشط نهائي الكأس مرتين في صنف الأكابر، وذلك مع النصرية عام 2016 ومع شبيبة القبائل عام 2018، في الوقت الذي توج بالكأس الممتازة مع اتحاد بلعباس في ذات العام.
وبعيدا عن رهاناته التي كانت أغلبها ناجحة مع الصعود وتفادي شبح السقوط على ضوء المصاعب وكثرة الضغوط من الناحية الفنية والنفسية والجماهيرية، فقد ترك بصمته حين أشرف على عدة أندية تلعب في القسم الأول، حيث نجح في إيصالها إلى برز الأمان أو غادرها من الباب الواسع، على غرار ما حدث له مع شبيبة القبائل في مناسبتين، ومع اتحاد بسكرة، وحتى مع مولودية وهران التي ساهم في تفادي سقوطها إلى الدرجة الثانية خلال الموسم المنصرم، وغيرها من الأندية التي تبقى شاهدة على جده واجتهاده في بطولة تتسم في الغالب بالضغط ونكران الجميل، ليغادر هذا العالم وسط حضور غفير للمشيعين الذين أشادوا بمناقبه وطيبته ومسيرته التي تزيد عن 27 سنة من العمل في الميادين، مسيرة شهدت إنجازات مهمة وبصمات نوعية لمدرب كان رهانه الأول هو النجاح ورفع التحدي ولو على حساب صحته وراحة باله.