”أبناء الحرام”.. موضة جديدة في التلقيح الاصطناعي
كشف لنا طرح موضوع انتشار العقم في الجزائر والإقبال المتزايد على عمليات التلقيح الاصطناعي ثم تجميد بويضات العازبات، الكثير من الأسرار الخطيرة في هذا الميدان. فالحرمان من نعمة الإنجاب لدى بعض الجزائريين، جعلهم يفكرون في أمور محرمة شرعا، وممنوعة قانونا في الجزائر، وغير مقبولة منطقيا.
أكّد البروفيسور مراد ديك مختص في العقم وبيولوجيا الإنجاب، ومدير عيادة “هبة الرحمان” ببرج البحري بالعاصمة لـ “الشروق”، أنه منذ فتح عيادته عام 2010 استقبل حالات لأزواج جزائريين يحملون أفكارا غريبة عن المجتمع وخطيرة في الوقت نفسه، يقول: “يأتي بين الفينة والأخرى بعض الأزواج من مناطق بالجزائر، ويطلبون أمورا لا تصدق، أحدهم جاء رفقة زوجته مصطحبا معه رجلا آخر، طلب مني نزع النطاف من الرجل الثاني وتلقيحه مع بويضات زوجته، لأنه هو عقيم وليس بإمكانه الإنجاب، وبدا الرجل غير ملمّ بتعاليم الدين الإسلامي، وعندما أخبرته أن العملية حرام شرعا، ونحن نُلقّح فقط الزوجين المرتبطين شرعا وقانونا، تفهّمَ الأمر”. وأكد لنا الدكتور أن الحالات من هذا النوع كثيرة. وتحدّث عن ظاهرة مُحرمة أخرى، يقول: “بعض النساء ممّن تعدّيْن الأربعين سنة بكثير، يأتين إلينا وهن حوامل لنتابع حملهن، ويخبرنني بأنهن أجرين تلقيحا اصطناعيا في دول أوروبية خاصة بإسبانيا، وأنا من خبرتي في مجال الإنجاب أستنتج أن هاته النساء لا يملكن بويضات تصلح للتلقيح، أو يشكين من عجز في الإباضة، والأكيد أنهن لجأن إلى عملية زرع بويضات امرأة أخرى في أرحامهن، وهن يجرين هذه العمليات بدول أوروبية وحتى عربية، ثم يأتين إلى الجزائر لمتابعة حملهن، وتؤمّن العيادات الأوروبية مثل هذه العمليات لزبائنها، أما في الجزائر فهي محرمة شرعا، وتمنعها وزارة الصحة عبر قوانين”. ويمنع أيضا إجراء عمليات تلقيح اصطناعي للمتزوجين عرفيا، فحسب الدكتور تأتيهم الكثير من حالات الزواج العرفي، “نحن نرفضها لانعدام وثيقة زواج حسبما ينصّ عليه القانون”.
وفي سؤال للدكتور عن مصير البويضات والأجنة المجمدة في حالة وقع طلاق بين الزوجين، أخبرنا بوجود حالات لجزائريين تخلّوا عن أجنتهم المجمدة حتى من دون طلاق، ونسبتهم قليلة جدا لا تتعدى 5 بالمائة، ويشرح لنا الدكتور الموضوع: “في عملية التلقيح الاصطناعي نقوم بتنشيط أكثر من بويضة للمرأة المتزوجة، فمثلا ننشط 7 بويضات، ولتعذر توفر نطاف زوجها لعذر جسدي أو نفسي، نستعمل فقط بويضة أو اثنتين، ونُجمّد البقية، وفي عملية أخرى بعد تلقيح أكثر من بويضة نقوم بزرع بعض منها في رحم الزوجة، والبقية والتي نسميها طبيا “جنينا” لأنها بويضة ملقحة نقوم بتجميدها لتستعملها المرأة في عملية أنجاب ثانية، فبعض الأزواج عندما يرزقون بتوأم يطلبون منا إتلاف “الأجنة المجمدة” لأنهم لا يريدون مزيدا من الأطفال فنتلفها”. وفي حالة الطلاق “القانون واضح، بمجرد طلاق الزوجين، يُحضر لنا الرجل وزوجته حكم الطلاق، فنتلف البويضة أو الجنين المجمد فوريا، حتى لو تمسكت به الزوجة”. وبدوره، أكد لنا الدكتور نذير شريف مدير مركز طب الأنجاب “فريال” بباب الزوار، أن العيادات الجزائرية تُلقح الزوجين الشرعيين فقط، “لا نلقح زوجة مع رجل غريب، ولا نأخذ بويضات من امرأة غريبة ونزرعها في زوجة عاقر، حتى ولو كانت بويضات شقيقتها أو ضرّتها، ولا نُجري عمليات الأم البديلة”.
الدكتور محمد راتب النابلسي أول عالم يحلل الظاهرة:
هذه هي حالات التلقيح الاصطناعي المحرمة في الإسلام
رفض أغلب الأئمة والعلماء في الجزائر التطرق إلى موضوع أطفال الأنابيب، والإفتاء في عمليات التلقيح الاصطناعي في ظل تعدد حالاتها، ما دفعنا إلى اللجوء إلى رأي الدكتور محمد راتب النابلسي باعتباره أول عالم إسلامي يتطرق بالتفصيل إلى ظاهرة أطفال الأنابيب، المولودين عن طريق عمليات التلقيح الاصطناعي، وعدد الدكتور المتخصص في الإعجاز العلمي 07 حالات لعمليات التلقيح الاصطناعي الأكثر انتشارا في العالم العربي وهي كتاليّ:
* الحالة الأولى: أن يجري تلقيح بين نطفة مأخوذة من زوج وبيضة مأخوذة من امرأة ليست زوجته ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته.
* الحالة الثانية يجري التلقيح بين نطفة رجل غير الزوج وبيضة الزوجة ثم تزرع تلك اللقيحة في رحم الزوجة.
* الحالة الثالثة: أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة متطوعة مستأجرة.
* الحالة الرابعة: أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي رجل أجنبي وبيضة امرأة أجنبية وتزرع اللقيحة في رحم الزوجة.
* الحالة الخامسة: أن يجري تلقيح خارجي بين بذرتي زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى.
* الحالة السادسة: أن تأخذ نطفة من زوج وبيضة من زوجته ويتم التلقيح خارجياً ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته.
* الحالة السابعة: أن تأخذ بذرة الزوج وتحقن في الموقع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحاً داخلياً.
إن الطرق الخمسة الأولى حسب الدكتور النابلسي كلها محرمة شرعاً وممنوعة منعاً باتاً لذاتها أو لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب وضياع الأمومة وغير ذلك من المحاذير الشرعية أما الطريقان السادس والسابع فيجوز اللجوء إليهما عند الحاجة مع التأكيد على ضرورة أخذ كل الاحتياطات اللازمة.