-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أبا عبيدة.. إسرع إنها القدس!

صالح عوض
  • 908
  • 0
أبا عبيدة.. إسرع إنها القدس!
أرشيف

إلى الذين يفكرون باستعادة القدس فيما هم يجرُّون الخيبة في أذيالهم، مهازيل لا قوة فيهم، ويلقون إلى عدوهم الغاصب بالسلم، ويظنون أن القدس يمكن أن تعود من خلال حركة دبلوماسية أو نشاط سياسي أو استجداء من خلال مفاوضات أو علاقات عامة.. إلى هؤلاء نقول: كان ينبغي وأنتم إزاء مكان من الأرض استثنائي أن تلتفتوا إلى شواهد التاريخ وسنن حركته وقوانين تشكُّله إنكم حينذاك سترون القدس أكبر من كلمات ترمب ونتنياهو، كما أن القدس لا يستقر على المناكب الهزيلة والارادات الخربة والأفهام السقيمة..
تدفق اليرموك ماء زلالا ونصرا عزيزا واستلم أبو عبيدة أمين الأمة راية الجهاد، وقد أنزل الهزيمة بجيش القيصر في العام الخامس عشر من الهجرة، وارتفعت الرايات خفاقة وهزم الامبراطورية البيزنطية في اليرموك.. كان جيش المسلمين لايزيد عن 34 ألفا فيما كانت جيوش الروم تزيد عن ربع مليون مقاتل، وفي العام نفسه هزم المسلمون الامبراطورية الفارسية في موقعة القادسية.. ولم يجدِ تحالف الإمبراطور الساساني يزدجرد الثالث مع الامبراطور البيزنطي هرقل الذي بلغ حد التصاهر أثناء الحرب، وانبعث رجال الفكرة والرسالة قدرا يزيح الطغاة ومناهج الاستعباد..
أبوعبيدة إلى أين المسير؟ منذ أن وشَّحك رسول الله بالأمانة على الأمة وأنت الرقم الصعب والخيار الأصوب، وهاهي أخبار العراق تأتيك بالنصر المظفر على يد سعد بن ابي وقاص، وهاهي امبراطورية الروم تنهار فإلى أين المسير؟ إنها الخطوة الاستراتيجية الخطيرة التي ستقرر مستقبل الأمة وهويتها، هل تكمل الرحلة إلى شمال سورية أو تبعث بعضا من جندك إلى مصر؟ أم إنك تريد أن تضخ في جيوش الفتح بل وفي الأمة روحا تستأنف بها رحلة الرسالة والايمان؟ إذن فهي القدس يا صاحبي.. أي أفكار كانت تجوب رأسك؟ بماذا كنت ستخاطب الخليفة الذي ينتظر أخبار يومياتك..؟ إن الخليفة أحسن أيما إحسان عندما نصَّبك قائدا لجيوش الفتح بعد أن أدى خالد بن الوليد مهمته العسكرية، فالوقت الآن وقت المهمات الحضارية الرسالية وأنت لهذه المهمة الجليلة كنت..
أبوعبيدة لازال صليل السيوف وصكيك الرماح والسهام يملأ سمعك ولازالت دماء الجرحى أو مقابر الشهداء تلوح لعينيك.. لكن لابد من القدس يا صاحبي وبسلام فمهما عمل صفارنيوس من تهريب الأثريات العظيمة إلى القسطنطينية ومهما عمل من تحصينات حول القدس بعد سقوط جيوش هرقل في اليرموك إلا أن الجغرافيا والتاريخ يجتمعان لتسجيل اللحظة الفارقة..
تقدَّم يا صاحبي بكل يقينك ومعك جيش الفتح المبين، ولكن بسلام يليق بالمدينة ويليق بالرسالة وأرسل لصاحبك يأتيك من المدينة يركب ناقته بالتناوب مع خادمه.. أجل يا أبا عبيدة هذا هو درسك الكبير إنك لم تذهب إلى القدس إلا مكللا بالنصر وروح الانتصار.. فهل وصلكم درس أبي عبيدة الاستراتيجي؟ إنه الذهاب إلى القدس من مواقع الانتصار وليس من مواقع الهزيمة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!