-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الراحل أوصى بإهداء مكتبته الخاصة إلى المكتبة الوطنية

“أحمد شريبط” مسار أكاديمي وإبداعي حافل في خدمة الأدب الجزائري

حسينة بوشيخ
  • 461
  • 0
“أحمد شريبط” مسار أكاديمي وإبداعي حافل في خدمة الأدب الجزائري
ح.م
الكاتب الراحل شريبط أحمد شريبط

لم يكن الكاتب الراحل شريبط أحمد شريبط كاتبا عاديا أو أكاديميا يسعى لتأثيث مساره المهني وترصيعه بمؤلفات ترفعه نحو الرتب والمناصب، ولكنه كان كاتبا من طينة الكبار مسكونا بحب كل إبداع ينتمي إلى الجزائر أو يحتضنها أو يتحدث عنها، مكلّلا بشغف المعرفة والبحث والكتابة، فعاش لعمله وإبداعه ينثر المحبة والتواضع كما كان ينثر الابتسامات حتى الرمق الأخير.

بكثير من المحبة وبعض الدموع والتأثر، تذكر رفاق أحمد شريبط هذا المبدع الذي رحل عن مدينة عنابة التي عشقها وعن عالمنا منذ أربع سنوات، تاركا إرثا كبيرا من الكتب والمؤلفات التي تنوعت بين الدراسات الأدبية والنقدية والإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه وكتابة عشرات المقدمات لمؤلفات العديد من الكتاب.

نظم بيت الشعر في عنابة بالتعاون مع مديرية الثقافة، يوما أدبيا حول أعمال وسيرة الكاتب الراحل بحضور عائلته وأصدقائه من الأدباء والشعراء وبعض الأساتذة الجامعيين الذين قدموا شهادات حية عن سيرة ومسيرة الرجل على غرار المداخلة التي قدمها الدكتور مقران فصيح من قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة باجي مختار، في شكل دراسة بيبلوغرافية عن أهم آثار وأعمال الراحل الذي قال إنه من خيرة الكتاب الجزائريين وقد نذر حياته لإعلاء شأن الأدب الجزائري والتّنظير له، على عكس كثير من الأكاديميين الذين قد تستهويهم الدراسات الأدبية العربية أكثر، فشريبط أراد دائما أن يعرّف بالهوية الجزائرية التي حاول الاستعمار الفرنسي طمسها أكثر ممّا حدث مع الهوية العربية في المشرق تحت نظام الانتداب، فأصبح موسوعة في الأدب الجزائري سواء في القصة والرواية أو الشعر وكل الأجناس الأدبية.

ويضيف الدكتور فصيح قائلا، إنّ شريبط كان قوميا ووطنيا ومعتزا بنساء ورجال الجزائر، فكتب عن الأديبة “زليخة السعودي” ولملم شتات أعمالها وخصّها بكتاب آخر حول سيرتها الذاتية، كما كتب عن المجاهدة “جميلة بوحيرض” التي أضحت أيقونة ورمزا للمرأة المناضلة لأجل قضية وطنها العادلة في العالم العربي .

كما كتب عن الثورة الجزائرية، فجمع الشعر العربي الذي قيل فيها، واختار مائة قصيدة تغنت بمآثرها الخالدة، كما قدم كتاب “الخطاب الأدبي الجديد في الجزائر منذ بداية الثمانينات وحتى بداية الألفية الجديدة .. وهم الواقع وعنف المتخيل”. وهو بذلك يكون قد كتب عن فترة عايشها بكل تجلياتها.

وكان الراحل شريبط قد بدأ رحلة الدراسات الأكاديمية العديدة التي أجراها مع رسالة الماجستير التي تناول فيها الحركة الأدبية في الجزائر من 1947 إلى 1985 وهي فترة طويلة رصدت التجربة النقدية في القصة الجزائرية، كما أنه عمل أكاديمي جبار يعادل اليوم دكتوراه الطور الثالث؛ حسب المتحدث .

ويرى الدكتور فصيح، أن أحمد شريبط لم يكن أكاديميا صرفا في تجربته النقدية، بل حاول أن يكون منفتحا وغير مقيّد بالمدارس والمناهج الكبرى، كونه سعى إلى مخاطبة طبقات واسعة من قرائه الذين تجاوزوا حدود الوطن . لذلك فقد سعى إلى تجاوز المناهج البنيوية الكبرى لأنّها وصلت إلى باب مسدود بعد الخمسينات من القرن الماضي، وسعى إلى توظيف مناهج أخرى مثل المناهج السوسيولوجية، فكان مواكبا للعصر ومتمكنا من تطويع المبادئ الأكاديمية فنال انتشارا كبيرا داخل الجامعة وخارجها.

وعن إنجازات الراحل، قال المتحدث إنه ترك 10 مجلدات تضم أعماله الكاملة، كما ترجم لنفسه في كتاب أعلام النقد العربي في القرن 20 بالاشتراك مع زملائه وكان رئيسا لخلية البحث. وعموما فقد كان غزير الإنتاج وملتزما بالقراءة والكتابة اللذان يعتبرهما عشقه المستديم رغم المرض. فاتجه أيضا في سنواته الأخيرة نحو منهج النقد الثقافي وقدم إشارات ثقافية وكلام بارد ومقاربات في الأدب والثقافة والفكر. وبذلك فإن شريبط بدأ مثاليا وتوسط واقعيا وانتهى صوفيا من خلال اللغة والمفردات التي أصبح يوظفها، حسب المتحدث.

أما الدكتور عيلان فقال في شهادته أن شريبط هو صاحب فكرة مجلة التواصل الأكاديمية التي تصدر اليوم عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية لجامعة عنابة، وقد أصبحت مجلة دولية محترمة، مؤكدا بأن الراحل أضحى اليوم مرجعا مهما في دراسات القصة القصيرة بالخصوص في مختلف الجامعات العربية، مع العلم أنه أوصى بإهداء مكتبته الخاصة إلى رصيد المكتبة الوطنية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!