-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أخرجوا “الإخوان”من أرض العرب!

سلطان بركاني
  • 1583
  • 3
أخرجوا “الإخوان”من أرض العرب!
ح.م

 ربّما يبدو العنوان أعلاه غريبا، وهو كذلك عند كلّ من يعلم وصية النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-في أواخر أيامه من هذه الدّنيا، حينما قال: “أخرجوا المشركين من جزيرة العرب”، ويعلم أنّ الحديث لا يمكن أن ينطبق على أكثر الطّوائف والجماعات الإسلامية انحرافا، فضلا عن أن ينطبق على “الإخوان المسلمين”.. لكنّ بعض غلاة التّجريح والتّصنيف في زماننا هذا رفعوه شعارا لهم بلسان الحال، حيث حرّضوا على الإخوان في جلّ بلاد المسلمين، ودعوا إلى التّشريد والتّنكيل بهم وإلى معاملتهم بإحدى ثلاث؛ قتلهم أو سجنهم أو نفيهم!

 لقد بلغ الأمر بغلاة التّجريح وغلاة الطّاعة إلى حدّ تحريف الكلم عن مواضعه وإلى حدّ الدّعوة إلى معاملة بعض المسلمين كما يعامل المشركون، حيث كتب أحد المداخلة المصريين، في الأيام الماضية، في خضمّ الحراك الأخير الذي عرفته مصر؛ كتب منشورا يقول فيه: “أخرجوا الإخوان من جزيرة العرب”، وهي الدّعوة التي تبدو متطرّفة، ولا يقول بها جلّ المداخلة، لكنّها في واقع الأمر نتيجة حتمية ومتوقّعة للفكر المدخليّ القائم على شعارات مثل: “المبتدع أضرّ على الأمّة من اليهودي والنّصرانيّ”، والتي تبلغ في غلوّها إلى حدّ تحريف كلمات مثل “شرّ النّاس المتشبّه بأهل الحقّ وليس منهم” عن مواضعها، وإعمالها على عباد الله المسلمين، وتصنيفهم من الأقلّ إلى الأكثر شرًّا اتباعا لهوى زعيم الطّائفة في إسقاط الرّموز والمنافسين، أو اتباعا لهوى بعض الأنظمة التي تريد إسقاط معارضيها خاصّة إذا كانوا من الإسلاميين.

هكذا يُبدي بعض المفتونين من مداخلة السلفيين تناغما عجيبا مع مداخلة المتصوّفة الذين سبق لهم وأباحوا دماء الإخوان وأفتوا الأنظمة بأن “يضربوا فيهم بالمليان”! بل ويتناغم هؤلاء وأولئك مع غلاة العلمانية الذين لا يجدون حرجا في تحريض الأنظمة على الإسلاميين بحجّة أنّهم يستغلّون الدّين للوصول إلى الحكم، وقد سبق للمشرف العام على صحيفة “صدى الإلكترونية” السعودية، طلال الضوي؛ أن كتب قبل سنتين مقالا بذات العنوان، على صحيفته!

المفارقة في الأمر أنّ غلاة التّجريح يزعمون انتسابهم إلى “كبار العلماء” ويشيعون بين النّاس أنّ مواقفهم تصدر عن فتاويهم، بينما لو تتبّعنا مواقف غلاة الطّاعة والتّجريح من قضايا الأمّة لوجدناها أبعد ما تكون عن فتاوى أولئك العلماء، فهذا مثلا الشّيخ الألبانيّ رحمه الله الذي يتمسّح المداخلة بقلنسوته، نجده ينكر بشدّة على من ينشغل بالطّعن في العاملين لدين الله في الوقت الذي يتعرّضون فيه لهجمة علمانية سافرة، فيقول: “الآن، الحرب بين الإسلام وبين العلمانية؛ في هذا الوضع، لا ينبغي للرّجل المسلم الغيور على دينه، في سبيل بيان موقفه من بعض الجماعات الإسلامية التي عندها انحراف قليل أو كثير عن الإسلام، لا ينبغي الدخول في هذه التفاصيل، ما دامت هذه الجماعات الإسلامية تتعرّض لهجمة علمانية شرسة، فلا مجال هنا أن يأتي ليشفي غيض صدور المؤمنين فيقول: هؤلاء الإسلاميين على الحقّ! وهؤلاء منحرفون قليلا عن الحقّ! وهؤلاء منحرفون كثيرا عن الحقّ! هذا ليس هذا مجاله…”.

الإخوان المسلمون جماعة من جماعات الأمّة، ليست معصومة ولا تحتكر الحقّ، لكن يكفيها أنّها سعت لأن تنتقل بالإسلام من الدّفاتر والكتب، إلى الواقع، فكوّنت رجالا كانت لهم بصماتهم في العالم أجمع على مدار ما يقرب من قرن من الزّمان.. أصابت كثيرا وأخطأت قليلا، وعانى قادتها ومنظّروها أشدّ المعاناة، مع أنّهم كانوا يبرؤون من الفكر التكفيريّ المتطرّف، ويقدّمون نموذجا دعويا معتدلا، يجمع بين تكوين الإنسان، وبين محاولة إصلاح الواقع أو على الأقلّ تخفيف الشرّ المتلبّس به.. واتَتهم فرصة من ذهب لينضمّوا إلى المشروع العالمي عندما سطع نجمهم سنة 2012م، وأوصت مؤسّسات البحث الإدارةَ الأمريكيّة بضرورة الاقتراب منهم واحتوائهم، وتحرّكت إدارة أوباما في هذا الاتّجاه، لكنّ الإخوان أبوا أن ينضمّوا إلى الرّكب، فكانت مؤامرة شياطين العرب لهم بالمرصاد، وانطلقت الآلة الإعلامية لشيطنتهم، مدعومة بآلة السلفية المدخلية التي تحتكر كثيرا من القنوات الدعوية والمنابر، هذه المدخلية التي لم تترك وصما وصمت به الطّوائف التي عرفها تاريخ المسلمين إلا ألصقته بالإخوان؛ فهم مبتدعة، وأصحاب هوى، وخوارج وتكفيريون ومعتزلة يقدّمون الرّأي على الوحي!!!

بل وانطلقت آلة التّحريض ضدّهم ترغّب في قتالهم وقتلهم، لأنّهم خوارج كلاب أهل النّار، وقد وجدت هذه الدّعوات طريقا لها إلى أرض الواقع في ليبيا، حيث انضمّ المداخلة إلى قوات حفتر لقتال الإخوان المسلمين، وقبلها في مصر حرّضوا ضدّ الإخوان بعد انقلاب يوليو 2013م.. وها هم بعض المداخلة يوسّعون دائرة الحرب على الإخوان، وينادون بإخراجهم من جزيرة العرب، على اعتبار أنّهم أضرّ بالأمّة من اليهود والنّصارى والمشركين!

الغريب في أمر هؤلاء الذين ينادون بإخراج الإخوان من جزيرة العرب، أنّهم يكادون يطوون حديث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: “أخرجوا المشركين من جزيرة العرب” (البخاري ومسلم)، لأنّه يحرج بعض “ولاة الأمر” الذين لم يكفهم أنّهم استقدموا المشركين إلى جزيرة العرب ومكّنوهم من حرمات المسلمين وموّلوا حروبهم الظّالمة على أمّة الإسلام؛ لم يكفهم هذا حتّى راحوا يلقون بحبال المودّة إلى الصّهاينة في أرض الإسراء، ويسارعون فيهم ولسان حالهم قبل لسان مقالهم يقول: ((نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ))!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • عبد الرحمان

    الحق أبلج...و لن يتوقف الرجال عن العمل لدعوتهم و دينهم لقول فلان من الناس

  • أنا

    مباشرة بعد فوز مرسي (رحمه الله) في مصر، كانت أول دولة عدتهو استقبلته هي السعودية و كثر المدح و الإطناب في قناة العربية بالعلاقات الواعدة التي تنتظر البلدين و فجأة (كذلك) ، ما إن انقلب السيسي على مرسي، حتى أصبح هذا الأخير (و حزبه) شيطاناً رجيماً يجب رجمه !
    المشكلة في الانظمة العربية أنها تملك أي استاتيجية مستقلة لا شرقية و لا غربية و إنما تنفذ الأوامر الفوقية (أوامر امريكا طبعاً) بالحرف و لو كان ذلك حتى ضد مصالحها !

  • إسماعيل الجزائري

    اللهم انصر من نصر الدين، و اخذل من خذل المسلمين.