-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أخلقة الأخلاق!

جمال لعلامي
  • 442
  • 4
أخلقة الأخلاق!
ح.م

مشروع الأخلقة، لا ينبغي أن يُختصر ويُختزل في أخلقة السياسة، ومنع مزج المال بالانتخابات، فالمطلوب أيضا أخلقة التعليم، وأخلقة الإدارة، وأخلقة الجامعة، وأخلقة الصحافة، وأخلقة المجالس المخلية، وأخلقة البرلمان، وأخلقة الصحة، وأخلقة التجارة، وأخلقة الاستيراد، وأخلقة البناء والتعمير، وأخلقة الأشغال العمومية، وأخلقة الأخلاق نفسها!

مثل ما باع سياسيون وأحزاب ومنتخبون، الوهم و”الهفّ” للمواطنين، وباعت حكومات “الفستي” للجزائريين طوال سنوات، كذلك، هناك صحفيون يبيعون “المواضيع”، ومعلمون يبيعون الدروس في الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعات، وأطباء يبيعون العلاج للمرضى، وموظفون يبيعون الوثائق للمواطنين، وتجار يبيعون الموت للمستهلكين، ومقاولون يشيدون مباني الموت، وآخرون أنجزوا طرقات القتل العام!

لأخلقة كلّ هؤلاء وأولئك، و”حاشا ألـّي ما يستهلش”، فهناك شرفاء ونزهاء في كلّ القطاعات والمجالات والتخصصات بالأمس واليوم وغدا، يجب أخلقة الأخلاق نفسها، فقد تحوّلت للأسف الرشوة إلى معاملة يومية، عوّضت في كثير من الحالات “صباح الخير”، و”السلام عليكم”، وأصبح الفساد في كلّ مكان، بعد ما انتصر مشروع “أفسدة” المجتمع بوزيره ومديره وميره ونائبه وإمامه وأستاذه ومهندسه وموظفه مواطنه!

صحيح أن من يسرق مسمارا أو دينارا، ليس كمن ينهب المليار أو البليار، والذي يسرق بقرة ليس كمن يخطف حجرة أو يقطع شجرة، غير أن السرقة هي سرقة في كلّ الأحوال ومهما كبرت أو صغرت قيمة المسروقات، والسارق يبقى سارقا، حتى وإن سرق إبرة ولم يتعظ من العبرة!

فعلا، وهذا هو الواقع المرّ، السياسي “دارها للقرون”، لكن أخلقة الفعل السياسي والانتخابي، دون أخلقة باقي الميادين، لا يُمكنه أن “يؤخلق” مجتمعنا الذي نهشه الفساد وأصبح أفراده يستلذون الفساد، كلّ على ما استطاع، وحتى “العاملين عليها”، في مختلف القطاعات، لم يعودوا أهلا للثقة والأمانة والإخلاص، فقد مدّ بعضهم أو أغلبهم، أيديهم وأرجلهم لما ليس لهم، بحجة أنه يستحيل لمن يعمل في العسل ألا “يلحس” أصابعه!

مصيبتنا أن “اللحس” تحوّل إلى وظيفة، يحميها القانون، ويوفّر لها المستفيدون والانتهازيون والغمّاسون الحصانة والنفوذ، ولذلك، انتحرت الأخلاق وأضحت “جياحة” لا توكل الخبز ولا تسمن ولا تغني من جوع، وهو ما رفع عدد المسمّنين بغنائم الإفساد، وقد عمّت المصيبة ولم تخفّ!

عندما تعمّ ظاهرة “حاميها حراميها”، وتنتقل العدوى إلى “العسّاس”، وينتشر الوباء في السلطة والمعارضة والأحزاب والإعلام والمستشفيات والإدارات والشركات الاقتصادية والمحلات التجارية والمقاولات ووسط المستثمرين والفلاحين والمستوردين ورجال المال والأعمال و”البقارة” و”أصحاب الشكارة” والنواب، وغيرهم، ويظهر منتحلو المهن والوظائف، ويصبح هناك مزيفون ونصابون ومحتالون في كلّ زاوية، من الطبيعي أن يكون الفساد حتما مقضيا!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • ياسين

    يعني بصفة عامة "أخلقة المجتمع بالكامل" من قدمه إلى رأسه؟؟؟ فالأخلاق التي نبغي و نريد هي الأخلاق التي تمشي و تسري في دم الإنسان مهما كان وظيفته أو مركزه في المجتمع... اي أن تترجم الأخلاق الفلسفية إلى سلوكات الأفراد في المجتمع...فالأمم الأخلاق ما بقيت***فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا"...فهي لا تخص طبقة أو مجموعة أفراد بل تشمل كل أفراد المجتمع من صغيرهم إلى كبيرهم و من المتعلم إلى الأمي...؟؟؟ هكذا أفهم الأخلاق و من يريد فهما آخر فمرحبا بفهمه؟؟؟

  • عبدالله FreeThink

    اعجبتني الصورة ، معناها أن الدولة الناجحة القوية لاتنمو في الوسط العفن ، المليء بالطفيليات والاعشاب الضارة. لابد من تنقية التربة، وسقي النبتة بالماء الطاهر. الذي هو الأخلاق.

  • أحمد

    بدل الأخلقة ، يجب الأنسنة أولا ، ثم نتدرج في القيم و الأخلاق.

  • Ali topaza

    سي جمال كلمة العساس هي كلمة فصحة عربية.