-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أخوَّة إنسانية كاذبة بين “بابوية” الفاتيكان و”مشيخة” الأزهر

حبيب راشدين
  • 1171
  • 1
أخوَّة إنسانية كاذبة بين “بابوية” الفاتيكان و”مشيخة” الأزهر

في حدثٍ يحصل لأول مرة منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، حلّ الحبر الكاثوليكي الأعظم البابا فرنسيس بجزيرة العرب، بعاصمة الأمارات العربية، ليوقع مع “الإمام الأكبر” شيخ الأزهر على وثيقة سميت كذبا “وثيقة الأخوَّة الإنسانية” خُصِّصت بالكامل لتبرئة ذمَّة الأديان من تهمة التعصب والإرهاب، قبل أن تناشد حكامَ العالم ونخبَه من المفكرين ورجال الدين والفلاسفة والفنانين والإعلاميين والمبدعين “العمل جديا على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلامّ”.
الدعوة هي بلا شك محمودة، منتظرة من “رجلي دين” هما في موقع مسؤولية روحية رفيع، يوجب في الحد الأدنى مسؤولية التبليغ الأمين لرسالة سماوية واحدة، تحرِّم سفك الدماء والفساد في الأرض، تحت أي عنوان كان، لا تفرق بين جريمة قتل يرتكبها الفرد من نسم قابيل، أو جماعة من الحشاشين القتلة زورا باسم الدين، أو مذبحة ترتكبها كياناتٌ تسمى دولا، تقتل اليوم كما بالأمس باسم تحرير الإنسان من “إصر” الدين.
تحت هذا العنوان المحمود “الأخوّة الإنسانية” استدرج حبرُ النصارى البابا فرانسيس أحد مشايخ المسلمين إلى شرَك آخر، ليفتكَّ منه تبرئة ظاهرية للمسيحية والإسلام كعقيدتين منزَّهتين حكما عن تهمة التحريض على سفك الدماء، مقابل تثبيت التهمة على المسلمين كأمة مجبولة على التعصب الديني والإرهاب، مع أن ما يُنسب من أعمال قتل اقترفها بعض أبناء الأمة الإسلامية لا يساوي عند الجرد النزيه واحدا في المائة من جرائم القتل والإبادة الجماعية التي ارتكبتها دولٌ غربية مسيحية المنشإ ترفع راية مزدوجة كاذبة: راية الحضارة المسيحية اليهودية، وراية التبشير بحقوق الإنسان ودولة القانون.
اختيار بلد عربي مسلم من جزيرة العرب تحديدا لاحتضان حفل التوقيع، يؤشر وحده بالبنان إلى الطرف المعني بالوثيقة، المطالَب باعتناق دين التسامح والأخوّة الإنسانية، خاصة أن الإمارات العربية قد عُرفت بنضالها مفتول العضلات ضد كل من يستهدي بالإسلام في نشاطه الدعوي، السياسي أو الفكري، فيما تتصدر قائمة الدول العربية والإسلامية المتسامحة مع حرية الأديان، وتحرير إنشاء الكنائس، والتبشير دون قيدٍ أو شرط.. حرية حُرم منها كثيرٌ من الدعاة المسلمين.
ثم يأتي اختيار شيخ الأزهر كممثل شرعي ووحيد لتمثيل مليار ونصف مليار مسلم لحمل ذمَّة المسلمين تجاه ستة ملايير من أتباع المِلل والنِّحل أكثرهم من إخواننا في الخليقة من الملحدين، لتمرير كيدٍ تكيد به الكنائس المسيحية منذ الصليبية الأولى، ويدبِّر له أرباب الماسونية وقادة النظام العالمي الجديد لبناء كنيسة للمسلمين قابلة للتسيير عن بُعد، تسلم قيادتها للأزهر دون سواه، وقد انساق إليها شيخ الأزهر من حيث لا يحتسب، فلم ينكر على الجهة المديرة لهذا المحفل تغييب نظرائه من مشايخ المسلمين وعلمائهم، وهو يعلم مسبقا أن سلطة الأزهر الفقهية والروحية بين المسلمين لا تتجاوز حدود مصر.
ثم ماذا يُنتظر من الطرف الثاني الموقع على الوثيقة: حبر الكاثوليك الأعظم، الذي يُشهر في العلن راية كاذبة للتسامح المسيحي، فيما يواصل في الخفاء حربا عدائية ضد الاسلام والمسلمين بأدوات التبشير، وقد ترك الحبل على الغارب لقادة الدول الغربية ونخبها لقيادة حروب إبادة متواصلة ضد ضعفاء المعمورة، وفسحة لتوطين الإلحاد والفساد والمجون داخل المجتمعات الغربية التي هجرت كنائسها ولم يعد لها من اتباع سوى مما يصنعه التبشير بين فقراء القارة السمراء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ahmed hamdoune

    لا يدعون إلى قتل من ارتد عن دينهم و لا أظن أن لديهم آية أو حديثا في قتل المرتد و قد تعلموا من ماضيهم الدامي و فهموا أنه لا مناص من حرية المعتقد و لا بد من استبعاد الدين من بلاط الحكم حتى لا يعطيه شرعية يضطهد بها الناس و قد أدركوا أنه لا تقدم و لا إبداع في غياب الحرية فانطلقوا نحو المستقبل بخطى عملاقة و بعد أن كانوا يرون في المسلمين قدوة و مثالا تجاوزنا و صرنا تابعين لهم في كل شيىء لأننا نحن عقدنا العزم على البقاء قابعين في القرن الثامن الميلادي متشبثين بفقه الشافعي و مجددينه بفق ابن تيمية و محمد بن عبد الوهاب. ابتدعنا الإعجاز العلمي في القرآن وعادينا العلم الحقيقي.