-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أردوغان والجري على الحبال

صالح عوض
  • 1568
  • 6
أردوغان والجري على الحبال

بلاشك، يبدو الرئيس التركي، الطيب رجب أردوغان، متمرسا في إدارة الأزمات واللعب على المتناقضات في الإقليم دون مواقف مسبقة، الأمر الذي يمنحه فرصا عديدة في الاستفادة من إمكانيات اختراق التشابك الدولي والإقليمي مع أن ذلك كله محفوف بالمخاطر والمغامرات.
ما تم مؤخرا في إقناع أردوغان للرئيس الأمريكي ترمب يكشف قدرة سياسية فائقة لأردوغان في إبعاد الجيش الأمريكي عن سورية والمنطقة، وهنا لابد من أن نسارع بالقول إن في ذلك مصلحة استراتيجية لتركيا حيث يتم بعد الخطوة الأمريكية مباشرة لجم القوى الكردية الانفصالية وإرجاعها إلى حضن الدولة السورية، وبذلك يؤمن حدودا لتركيا طالما وجدت تسربا للمجموعات الانفصالية الكردية.. وبهذا، يكون قد قطع الطريق على إسرائيل في تحقيق أهدافها في تفجير المنطقة إثنيا وتقسيم سورية على ذلك الأساس، ووجد فرصته في التصعيد اللفظي ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، مستفيدا من برودة التواصل بينه وبين الرئيس الأمريكي.
أردوغان خاض غمار تحرك سياسي مكوكي بين الاتحاد الأوربي وأمريكا والمنطقة وروسيا وكانت سرعة تنقلاته من موقع إلى آخر تعني أن لتركيا موقعا استراتيجيا ولا يمكن الاستغناء عنها في أي صيغة للاستقرار أو المصالح الكبرى للدول العظمى، ومن جهة أخرى، تعني أيضا عدم تمسكه بأي علاقة بأي محور من المحاور، الأمر الذي يعني بوضوح أنه يبحث عن الاستفادة من كل المعطيات التي تبدو أحيانا متناقضة.
الاختلاف معه وارد في ملفات عديدة ولعله في بعض مغامراته جلب على نفسه غضب كثير من العرب السياسيين الذين رأوا فيه مشاركا أساسيا في زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية، وأنه بذلك كان شريكا للولايات المتحدة في مشروع الربيع العربي.. لكنه سريعا ما ينقلب على ما مضى وينظر دوما إلى الأمام لأنه معني بوضوح على كسب المنطقة العربية والعالم الإسلامي الذي كان يوما ما تحت الخلافة العثمانية.
ولكن على الرئيس التركي أن يدرك أن هناك قضايا استراتيجية لا يمكن تجاوزها، أهمها على الإطلاق أنه لا ينبغي الاقتراب بسوء من المنطقة العربية التي هي عمق استراتيجي له.. صحيح أن الضعف البادي في المنطقة العربية قد يغري بعض الأطراف باللعب فيها واتخاذ مواقع نفوذ له فيها الآن التجربة تؤكد تماما أن أي محاولة في هذا الصدد تبوء بالفشل وتزرع بذور التناقض بين الأمم والشعوب.. كما أن الشأن السوري والعراقي يضع سياسات أردوغان على المحك ولن يغفر العرب لأردوغان أي ممارسة سيئة في حق وحدة سورية ووحدة العراق..
أردوغان الطموح يريد أن ينتقل بتركيا إلى مصاف الدول العظمى، ولكن أمامه تحديات كبيرة اقتصادية وسياسية وأمنية وهو كمن يجري على الحبال.. الخطأ الأول هو الخطأ الأخير.. تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • عمر

    أردوغان متقلب الأحوال كل مرة يقول شيء ثم يتراجع! لو كان حريصا على حدود تركيا ووحدة سوريا والشعب السوري وعدم انفلات الأمور لما دعم المعارضة السورية وكان عليه الحياد أو الوقوف مع بشار! أردوغان مصلاحجي شارك في تدمير سوريا حتى يقضي على المنافسة بين مصانع النسيج السورية والتركية، وبين منتجات الفلاحين السوريين والأتراك! أردوغان يعرف كيف يتلاعب بمشاعر العرب و يخليهم اليه وهو في الخفاء يسير على خطى أمريكا وإسرائيل! إسرائيل تقبل ببقاء بشار واردوغان ناور ثم قبل به ويحارب الاكراد بأوامر من إيران لصالح بشار ولرجوع دولة سوريا البشارية! أردوغان يخدم مصالح تركيا والغرب على حساب العرب الأغبياء!

  • شاوي

    لست عربيا ولا تركيا
    نعيمة صالحي عباسي مدني و قادة بن عمار و زيطوط و سليم صالحي و....هؤلاء عرب يهمهم المقال أكثر منا كأمازيغ
    أريد القول
    إذا هؤلاء ـ العرب ــ راضون بما يجري لهم من إغتصابات لأطفالهم ونساءهم ورجالهم وآراضيهم
    وهو شيء طبيعي في ثقافتهم
    علينا الحذر ثم الحذر من العرب يمدحون مغتصبيهم يطبعون مع مغتصبيهم و.....

  • متسائل

    العلاقات الدولية لتشارك فيها و تكون فعال غير مفعول به, يجب ان تكون مثل الاخطبوط يتبنى محيطه و يتلون معه يمكنه الانكماش و التاقلم بسرعة دون الذوبان, يملك اذرع طويلة قوية مختلفة (8) و فم يبلع كل ما مر امامه يمكنه الغوص في اعماق و ظلمات المحيطات ليجد عيشه كما يمكنه العيش على السطح. كما يملك ثلاثة قلوب كل بوظيفته و مهمته في نظام رباني مبهر. تحية للاستاذ على كتاباته.

  • زعموش

    أردوغان حول بطونكم الى مجاري.على غرار مجاري الصرف الصحي....يكفي اردوغان أنه محبوب ان لم أقول(معبود) كل الشعب العربي المسلم...أردوغان (غصــــــــــــــــــــة)في حلوق كل (الكائنات المسماة الحكام العرب)...يكفي أردوغان الحب الذي يكنه له الشعب العربي المسلم من طنجة المغربية الى جاوا وجاكرتا الاندونيسيـــة.....أردوغان على الرأس وفي العين...وأشربوووووووووووووو

  • أمازيغي مسلم

    تابع... أولا وقبل كل شيء: لن يغفر الشعب لحكامه الكذابين المستبدين المتسلطين السيئي الأخلاق والسمعة القاصري العقول والسياسات.. الشعوب تموت تحت القهر والفقر والجوع وحصار النخب المستبدة المقطوع بلاوطنيتها... الموظفة عند الأسياد الغربي السارقين للأموال الناهبين للخيرات، ألم يقلها ملك الأردن الأسبق" أنا موظف عند البريطانيين"؟ ماذا بقي لكي تصحوا من الغفلة؟

  • أمازيغي مسلم

    مهما كانت سياسات الآخرين فإن من الأمور البديهية أن نلتفت لواقعنا نحن وما جنته أنظمتنا على شعوبها، فنقول الحقيقة دون محاباة ولا عنصرية... لا عنصرية عربية ولا عنصرية أمازيغية ولا عنصرية كردية ولا غيرها... إنما نحن نتبنى الحق والصدق في ديننا وحضارتنا: يجب التفريق بين أمرين: بين الدولة السورية وبين نظام بشار الإرهابي... وكذلك التمييز بين الدولة العراقية ونظام المالكي الطائفي البغيض.... ألم تر أنهم قسموا المواطنين في هذه الدول إلى طوائف حدية متنابذة متصارعة متقاتلة، منهم من أحيا نظام الأبارتايد، ومنهم من أحيا الفتنة الكبرى...وأين حقوق الإنسان في هذه الكيانات المسماة "دول عربية"؟...يتبع