-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المصابون بالتريزوميا في الجزائر

أرواح لطيفة تعاني التهميش وقسوة المجتمع

صالح عزوز
  • 1051
  • 0

..وأنت تحلم بإنجاب طفل حسن الخلقة والملامح، يرزقك الله ولدا مصابا بـ”التريزوميا”، فكيف تكون ردة فعلك، إحساس لا يعرفه إلا من وقعت معه الحادثة، تعاني هذه الفئة من واقع مر من حيث الدعم والاهتمام، وكذا اختلافهم عن الأطفال الآخرين، وهو اختلاف لم يختاروه لأنفسهم، غير أنه تأسرك بشاشتهم حين تتصادف معهم في الكثير من الأماكن، أردنا أن نقف على عالمهم البريء، حتى ولو كانوا متأخرين في ترجمته، لكنها ترجمة من روح طيبة وبأنامل صادقة.

من أجل الوقوف على كيفية سير عملية إدماج أطفال هذه الفئة في المجتمع، سواء في الجانب الدراسي أو التكوين، ونقل اهتماماتهم والعراقيل التي تقف أمامهم، قمنا بزيارة مقر الجمعية الوطنية للإدماج المدرسي والمهني للمصابين بالتريزوميا، التي أصبحت لا تستوعب أطفالا آخرين من هذه الفئة، وبقي الكثير منهم في قائمة الاحتياط، في انتظار حل قريب، من السلطات المعنية.

السيدة سهام كارى مسؤولة الأرطوفينيا: “لا نملك ثقافة تقديم الطفل المصاب بالتريزوميا إلى الوالدين”

“نقوم في هذا الجانب بإرشاد الوالدين بكيفية التعامل مع طفلهما، بعد الولادة مباشرة أي من 0 سنة، لأنه لا يخفى عليكم أن الكثير من الأولياء صعب عليهم تقبل مثل هذا الطفل في البداية، خاصة في انعدام ثقافة إعلان الطفل المصاب للوالدين، وأصبح كل من هب ودب يقوم بذلك، وكان من الأجدر ترك المختصين القيام بهذا، فلو نرجع إلى عشرين سنة مضت، فإنك لن تجد طفلا من هذه الفئة في الشارع، لأن أغلب العائلات كانت تخفيهم في البيت خجلا وخيبة أمل فيهم، لذا نحرص نحن على مساعدتهم  لتقبله من الناحية النفسية، وهو الأهم في إدماج هذا الطفل، خاصة في مشاركة العمل بين الجمعية والوالدين لتطوير الطفل المصاب بـ”التريزومي”، نصل اليوم إلى عدد 1019 طفل عبر التراب الوطني، في هذه الفئة يحصلون على التكفل في الجانب الأرطوفوني في سن 6 سنوات، مقسمين إلى 20 ، تتصدر الجزائر العاصمة الإحصاء بـ490 طفل تريزومي”.

السيدة نادية … مساعدة بيداغوجية: “نحضر قسما من هذه الفئة للمشاركة في امتحان السنة الخامسة”

“بعد المرحلة الأرطوفونية نمر إلى مرحلة الإدماج المدرسي بعد السنة السادسة، ويكون هذا بعد انتقاء الأطفال الذين يملكون مؤهلات بإجراء امتحان من طرف المختصين، مع التركيز على العمر الذهني وليس الحقيقي لهذه الفئة، عندما نحضر الأقسام في المدارس بموافقة وزارة التربية، تبدأ عملية تحصيل برنامج وزارة التربية الوطنية، في أقسام تؤثث من طرف الجمعية بمعية أولياء هذه الفئة، تنطلق السنة الدراسية بالمستوى الأول التحضيري لمدة سنة، ثم التمدرس الأولى والثاني والثالث وغيره، لمدة سنة ونصف لكل تمدرس، وبمعدل 12 طفلا في كل قسم، يكون التأطير من طرف مربية ومعلمة، نشارك بقسم من هذه الفئة في امتحان السنة الخامسة لهذه السنة، كما فتحنا 8 أقسام في العاصمة هذا العام، ولدينا 23  مدرسة، 34 قسما، 68 مؤطرا بين المربين والمعلمين، عدد الأطفال المتمدرسين فهو 311 طفل في العاصمة، أما على المستوى الوطني فيوجد 814 طفل.بعد التمدرس، وبوصول الطفل إلى سن 18 يوجه إلى عالم آخر هو التكوين، نملك 3 أقسام ما قبل التكوين هنا في العاصمة في اختصاص الطبخ والرسم وغيرها، ويكون التكوين لمدة أربع  سنوات، كما خصصنا ورشة تابعة للجمعية يعمل فيها شباب من خريجيها”.

أولياء هذه الفئة: الحمد لله على نعمته

ربما تشفق على هذه الفئة من الأطفال، وهو إحساس يختلف في درجاته من شخص لآخر، لكن ومن أجل نقل الإحساس الصادق تجاههم، حرصنا على لقاء بعض الأولياء لهذه الفئة، لمعرفة علاقتهم بأطفالهم منذ إعلان إصابتهم بـ”التريزوميا”، وكيف كانت ردة فعلهم، إحساس لم يختلف كثيرا بينهم، في صعوبة تقبل الأمر في البداية، واشتراك أغلبهم في سؤال واحد حين يعرف أن طفله مصاب، وهو لماذا أنا؟ ماذا فعلت حتى أرزق بطفل من هذه الفئة؟ لكنهم في الأخير ومع مرور الوقت وبمساعدة مثل هذه الجمعية بإرشاداتها، أصبح أغلبهم متعلقا بهم أكثر من أولادهم الآخرين، بل فيهم من أكد لنا أنه اليوم يحمد الله على أن رزقه هذا الطفل، لأنه كان سببا في إرشاد غيره ممن يخجلون بأولادهم من هذه الفئة وتقبلهم كفلذات أكباد لهم الحق في العيش كغيرهم، ووجوب تقديم رعاية خاصة لهم، كما نقلوا لنا نظرة المجتمع لمثل هذه الفئة إلى درجة السؤال عنلى كيفية إنجاب امرأة لهذا النوع من الأطفال؟

فرضية كبر سن المرأة هو السبب تسقط… وكل الأولياء معرضون لإنجاب طفل مصاب بالتريزوميا

تؤكد الدراسات الحديثة، أن كبر سن المرأة ليس الدافع الأول لإنجاب طفل من هذه الفئة كما يعتقد البعض، فقد حصل وأنجبت فتاة ذات 23 سنة وزوج 24 سنة طفلا من هذه الفئة، ضف إلى هذا أن كل الأولياء معرضون لإنجاب مثل هؤلاء الأطفال دون استثناء وحتى  الأطباء ممن يولون اهتماما كبيرا للمتابعة الطبية لأطفالهم أثناء الحمل، حصلوا على طفل مصاب بالتريزوميا، وفي السابق كان يرى البعض أن هذه الفئة لها سن محدد لكن الواقع يرى عكس هذا، ففيه من يصل عمره اليوم إلى سن السبعين.

البوفيسور بوضياف راضية مختصة في الأمراض الوراثية: “يوجد خلل في الانقسام الخلوي”

“أقوم بالمتابعة الطبية لهذه الفئة، لأنها تحتاج إلى رعاية دائمة، وإلى حد الساعة لم يقف الطب على سبب مباشر لإصابة الطفل “بالتريزيميا”، لكن توجد هناك أسبابا تؤدي إليه، مثل خلل الانقسام الخلوي والكرومزومات، حيث أن 2 21 يذهبون إلى خلية واحدة ومن هنا بدأ البحث في أسباب هذا الخلل، نجد مثلا نقص في الفيتامينات خاصة فيتامين ب12،  بالإضافة إلى الخلل الهرموني عند المرأة، وكذلك المرأة المصابة بالسكري، وهي من العوامل التي تحدث خللا في انقسام الكروموزمات وتعرض الطفل للإصابة بالتريزوميا. فيما يخص الإحصائيات العالمية عامة توجد هناك حالة في كل 700 مولود جديد، أما في الدول المتطورة فانخفضت وأصبحت حالة واحدة في كل 1000 مولود جديد، لأنهم يسمحون بالإجهاض في مثل هذه الحالات”.

الأم المتهم الأول في إصابة الطفل..

حتى وإن انفتح المجتمع على هذه الفئة وأصبحت الكثير من العائلات تتقبلهم بشكل ايجابي، إلا أننا تحصلنا على قصص غريبة تدمي القلوب على طرق التهميش لهذه الفئة حتى من طرف الوالدين والأقربين، وما زاد غرابتنا أن الكثير من الأزواج حملوا مسؤولية هذه الإصابة للأم، وفيهم من طلقها مباشرة بعد الولادة، وطبيب يخجل من طفله ويدعي أنه ابن خادمته، كما أن الكثير من الأولياء حين عرفوا أن هذه الفئة أدمجت في المدارس مع أولادهم الطبيعيين، اعترض الكثير منهم ومنعوا أولادهم من الدراسة، وكأنهم يحملون مرضا معديا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!