-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مختصون يشرحون واقع الطفولة في عيدهم العالمي ويحذرون:

أطفال ضحايا حوادث قاتلة.. تعنيف وإهمال في عز كورونا

وهيبة سليماني
  • 923
  • 0
أطفال ضحايا حوادث قاتلة.. تعنيف وإهمال في عز كورونا
ح.م

أكثر من شهرين في الحجر المنزلي، بين أحضان أسر تختلف في المستويات المعيشية والفكرية والسلوكية، وجد ما يفوق 9 ملايين تلميذ أنفسهم ليلا ونهارا وجها لوجه مع آبائهم وأمهاتهم بعيدا عن المدرسة، وساحات الركض واللعب وتفريغ الطاقات.. حرموا من عطلة الربيع ومن الأصدقاء ومن الزيارات والمنتزهات.. جاء عيد الفطر أيضا بوجه مختلف تماما، وبقي التلاميذ والأطفال عموما في الأجواء الاستثنائية التي فرضها فيروس كورونا المستجد، من دون مرح وفرح ومن غير حدائق تسلية وتنزه ولا زيارات.. أطفال زيادة عن الحجر المنزلي غاب أحد الوالدين عنهم، لأسباب تتعلق بإجراءات كورونا..

وها هو الْيَوْمَ العالمي للطفل، يأتي لكن “بأي يوم جئت يا يوم كنت للطفولة؟”. فالحجر يلقي بحقوق الطفل في دائرة الظل!

إن إغلاق المؤسسات التربوية ودور الحضانة وفرض حظر التجول، أدى إلى تغيير فجائي للروتين اليومي للأطفال، وضاعف انعزالهم عن العالم الخارجي وعن أصدقائهم وزملائهم شعورهم بالقلق، وحالة التمرد لدى بعضهم، وأصبح الوالدان في دائرة الضوء تحت مجهر السلطة الأبوية والمسؤولية الملقاة على عاتق كل ولي ورب أسرة.

أطفال ضحايا حوادث مؤسفة وقاتلة في عز الحجر الصحي

حوادث وقعت في مرحلة الحجر الصحي، راح ضحيتها أطفال، قد تكون مؤشرا حقيقيا حسب الناشطة الحقوقية، ورئيسة مركز المعلومات والتوثيق حول حقوق الطفل والمرأة، نادية آيت زاي، لتخلي الأولياء عن مسؤوليتهم تجاه أبنائهم.

فغرق 4 أطفال في بركة بومرداس، ودهس طفلة عمرها 10 سنوات، شهر أفريل الماضي في العلمة بسطيف بسيارة وقت الحجر المنزلي، وهي تقطع الطريق، ووفاة طفلة منذ أيام عند راق في قالمة، بسبب التعنيف، وحوادث أخرى، يمكن أن تكون صورة من صور المعاناة وحالة الاكتئاب والتمرد للطفل، وانشغال الأولياء بأشياء أخرى رغم الحجر وإهمال دورهم في الوقت المناسب.

قهر وعذاب نفسي للأطفال بسبب إهمال الأولياء

وترى آيت زاي أن عزل الأطفال في المنازل عن العالم الخارجي وبصفة مفاجئة وغير معهودة، وإبعادهم عن النشاط والحركة الواسعة، جعل ظروفهم صعبة للغاية، وتختلف درجة هذه الحالة الصعبة باختلاف المستوى المعيشي للأسر والمستوى التعليمي والأخلاقي والسلوكي للأولياء.

وفِي كل الأحوال حسبها، يبقى الطفل في مرحلة الحجر المنزلي للوقاية من كورونا، بين جدران البيت العائلي، بعيدا عن الضوء، وعن جمعيات وهيئات الدفاع عن حقوقه، وأدى الحجر إلى إلقاء حقوق الطفل في زاوية الظل، حيث أوضحت الحقوقية، آيت زاي، أن شريحة واسعة من الأطفال، ورغم محافظة أوليائهم، على صحتهم بالعزل، هم ضحايا عدم المتابعة والرعاية النفسية، وبعضهم يعانون العنف في صمت سواء من الأم والأب معا، أو أحدهما، أو أن بعض حقوقهم، مهضومة، كالنفقة وحق رؤيتهم.

وقالت رئيسة مركز المعلومات والتوثيق، نادية آيت زاي، إن حقوق الطفل في مرحلة الحجر المنزلي، قاب قوسين أو معطلة وغير معمول بها، حيث يوجد، حسبها، أطفال في خطر، يعيشون تحت تعنيف وقهر أحد أفراد العائلة، وقد يكون هؤلاء يتامى، ويتم استغلالهم من بعض الأقارب بعيدا عن الرقابة والجهات المعنية.

..العنف ضد الأمهات مأساة نفسية للأبناء

وكشفت آيت زاي عن حالات صعبة تتخبط فيها الكثير من الأمهات اللواتي يتعرضن للعنف الجسدي واللفظي من طرف الأزواج أو الأقارب أو الجيران، وهي عينات لسيدات اتصلن بها، يمثل الحجر المنزلي لهن، سجنا وبه جلاد..

لكن الكارثة في رأي آيت زاي، تتعلق بالأطفال الذين يشاهدون العنف أو قد يكونون جزءا منه، وهم تحت وطأة القلق من انعزالهم عن العالم الخارجي. وتساءلت الحقوقية نادية آيت زاي، عن دور وزارة التضامن، في الوقت الراهن، وعن دور مديريات النشاط الاجتماعي، خاصة أن المرحلة حسبها صعبة، بالنسبة للفئات الهشة.

غياب آليات الحماية والمتابعة داخل الحجر للهيئات الحقوقية

وأعابت المحامية آيت زاي، عن غياب المتابعة والتنسيق من طرف المؤسسات التربوية، والهيئات الحقوقية، للطفل داخل الحجر المنزلي وبعيدا عن المدرسة، حيث قالت إن التعليم عن بعد وعبر التلفزيون، لم ولن يحقق نتائج إيجابية بالأمر المنتظر، وحسبها، فإن أغلب الأطفال انشغلوا بالرسوم المتحركة وبالأنترنت، وبالألعاب الإلكترونية.

وإن المسؤولية من طرف الأولياء، حسب ذات المتحدثة، تكاد تكون غائبة تماما، والرقابة والقوانين الخاصة بمعاقبة المهملين لأبنائهم هي أيضا، غير حاضرة في مرحلة الحجر المنزلي.

أطفال عزلهم الحجر عن حنان الوالدين

وفِي السياق ذاته، قال رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل “ندى”، عبد الرحمان عرعار، إن فئة من الأطفال لم يروا أحد الوالدين أو كلاهما، منذ بدء الحجر المنزلي، فهم يعيشون الأمرين، ضغط العزل وغياب أحب أقرب الناس إليهم، ولأن وباء كورونا، عطل وسائل النقل، وضعف مسؤولية بعض الموظفين سواء في قطاع الصحة، أو الأمن والحماية المدنية، فيرى عرعار، أن الخوف من نقل العدوى إلى باقي أفراد الأسرة، أو الالتزام بالمسؤولية في ظرفها الاستثنائي، جعل هؤلاء الموظفين والعمال لا يَرَوْن أبناءهم منذ تسجيل الحالات الأولى لكورونا.

يتامى وأبناء مطلقات وأبناء عمال في مناطق بعيدة، هم أيضا حرموا من مقابلة آبائهم في الغالب، ومنهم من تهرب أحد والديهم من حق الزيارة أو منع منها، وبعضهم رفضوا دفع النفقة، واستغلوا تعليق عمل المحاكم الجزائية، حيث أكد عبد الرحمان عرعار، تلقي شبكة ندى عدة اتصالات عبر رقمها الأخضر، تكشف معاناة الطفولة في مرحلة الحجر المنزلي.

ونبه، إلى أن بعض الأطفال لا يملكون الأنترنت والهواتف الذكية، وبعضهم الآخر لا يزال سنهم أصغر لاستعمال هذه التكنولوجية، ومعرفة الخوض في الفضاء الأزرق، ما يزيد قلقهم في الحجر.

الحاجة دفعت بأطفال إلى العمل رغم الوباء!

وإن تحققت الحماية الصحية للطفل في الكثير من الأسر الجزائرية، والوقاية من كورونا، بعزلهم عن الشارع والأصدقاء، فإن شبكة “ندى”، رصدت وخاصة في شهر رمضان، وضعا سيئا لفئة من الأطفال، والذين خاطروا بحياتهم وتحدوا كورونا، في الأسواق الشعبية، وعلى حواف الطرق السريعة للسيارات، لبيع “الحشيش” و”القطايف” و”المطلوع”، وكحمالين في أسواق الجملة، لسد حاجيات عائلاتهم. وأوضح عرعار، أن الكثير من هؤلاء إِمَّا يتامى أو ضحايا طلاق.

الأطفال سريعو التأقلم مع المستجدات وللحجر إيجابيات

من جهته، تفاءل البروفسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث “فورام”، وطبيب الأطفال، بالدور المهم والإيجابي الذي قد يلعبه الحجر المنزلي في سلوكيات الطفل، وقال إنه فرصة غير مسبوقة، جمعت شمل العائلة، وتمكن الأولياء خلاله من معرفة جيدة بأبنائهم، واكتشاف عيوبهم ومحاسنهم، مشيرا إلى أن بعض الأسر توصلت إلى أن أبناءها مدمنو مخدرات، وحبوب مهلوسة، أو يعانون من أمراض اضطرابية، ونفسية، وحتى عضوية.

ويرى أيضا، أن حتى استعمال التكنولوجيا، وألعاب الإلكترونيك، من طرف الأطفال، أصبح مراقبا، وموجها من طرف الأولياء، وتحت رعاية الوالدين.

وعلق خياطي بالقول “لا تخافوا على أولادكم من الحجر المنزلي، فالأطفال أسرع في التأقلم مع الأوضاع والحالات الجديدة من الكهول، وإن ولعهم بالتكنولوجيا فيه فائدة لمراجعة الدروس”. وأشار إلى أن أحسن شعار لليوم العالمي للطفل في زمن كورونا هو “لتبقى ايجابيات الحجر بعد الحجر”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!