-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أعطونا طائراتِكم نمنحكم قُففَنا!

حسين لقرع
  • 1863
  • 4
أعطونا طائراتِكم نمنحكم قُففَنا!

ذكّرنا سعيُ الولايات المتحدة الأمريكية إلى إدانة صواريخ المقاومة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ليلة الجمعة الماضية، بالبطل الجزائري التاريخي العربي بن مهيدي وهو يُعرَض على الصحافة الفرنسية بعد أن ألقت القواتُ الاستعمارية القبض عليه في أواخر فيفري 1957 بالقصبة، إذ سأله صحافي فرنسي قائلا “ألا تخجلون وأنتم تضعون القنابل في القفف وتفجّرون بها الملاهي والحانات وتقتلون المدنيين الأبرياء؟” فأجابه: “أعطونا طائراتِكم المُقنبلة ودباباتكم نعطيكم قُففَنا”.
الولايات المتحدة تزوّد الاحتلال منذ عقود بآخر ما وصلت إليه مصانعها الحربية من طائرات حديثة وصواريخ موجّهة بالليزر وقنابل مدمِّرة وتيكنولوجيا حربية متقدِّمة… لتساهم بذلك في كل المجازر التي طالت الفلسطينيين، ومع ذلك تستكثر على المقاومة في غزة امتلاك صواريخ بسيطة ذات قدرة تدميرية محدودة معظمها يسقط في أماكن مفتوحة، لذلك سارعت إلى إعداد مشروع قرار أممي لإدانة صواريخ حماس، بل إدانة حتى الطائرات الحارقة ومسيرات العودة بذريعة أنها “أعمال عنف واستفزاز لإسرائيل” كما يلمّح إلى ذلك مشروع قرارها الذي عرضته على الأمم المتحدة، وهذا لتجريد الفلسطينيين من أيّ شكل من أشكال المقاومة وإجباره على الاستسلام للاحتلال، فماذا لو عرضت المقاومة على الاحتلال تبادل صواريخها البسيطة بالترسانة الحربية الأمريكية الضخمة التي يحظى بها؟!
ومن حسن الحظ أن مشروع القرار الأمريكي سقط في الأمم المتحدة بعد أن وقفت ضدّه 57 دولة وامتنعت 33 دولة أخرى عن التصويت، لكن تصويت 87 دولة لصالح القرار أمرٌ يثير القلق فعلا ويدلّ على تراجع منسوب الدعم الدولي للقضية الفلسطينية مقارنة بالسنوات والعقود الماضية.. قرارٌ عنصري متحيّزٌ للاحتلال مثل هذا كان يجب أن لا يؤيّده سوى عدد قليل جدا من الدول وليس قرابة نصف دول العالم، لأنه يُضفي الشرعية على الاحتلال ويجرّم مقاومته، ما يعني أنه انقلابٌ على مبادئ الأمم المتحدة نفسها ومواثيقها التي تكفل للشعوب المستعمَرة حق مقاومة محتليها، فكيف يؤيّده هذا العددُ الكبير من الدول؟!
ومع ذلك، فقد كان للقرار الأمريكي حسنة؛ إذ وحَّد الموقف الفلسطيني مجددا، وفاجأت السلطة الفلسطينية العالمَ بوقوفها القويّ ضد إدانة صواريخ حماس، لتضع بذلك خلافاتها العميقة مع الحركة جانبا وتقف معها ضد العجرفة الأمريكية الصهيونية، وهو موقفٌ تاريخي سيُحسب للسلطة الفلسطينية.
ولابد أن نثمّن أيضا الموقف العربي الإسلامي الموحّد ضد القرار الأمريكي؛ حتى “دول التطبيع” التسع التي ضغط عليها ترامب للتصويت للقرار الأمريكي، رفضت ذلك وصوّتت ضدّه، وهو موقفٌ نشيد به من دون أيّ تردّد أو عقدة، ومهما كانت خلفية هذا التصويت، إذ ينبغي أن نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت في كل الحالات.
ربما كان سقوطُ القرار الأمريكي انتصارا سياسيا صغيرا تحققه المقاومة بعد انتصارها في “حرب اليومين” قبل أسابيع قليلة، لكن أهميته تكمن في أنه تحقّق بفضل الحاضنة العربية الإسلامية التي توحّدت وأسقطت المشروع الأمريكي، وهو أمرٌ لم نكن نعتقد البتة بأنه سيحدث بالنظر إلى الاختراق الصهيوني الكبير للمنطقة في الآونة الأخيرة. بقي فقط أن يستثمر الفلسطينيون في هذا الحدث ويتّخذوه منطلقا جديدا لتجاوز الخلافات وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • مجمد

    لقد تكتل العالم ضد القضية الجزائرية كما يقال لكن جبهة التحرير اعتمدت على شعبها بفضل وحدتها رغم فئة الحركة والعملاء وقاومت دون كلل الحلف الأطلسي المدعم القوي لجيش فرنسا.لكن الفلسطينيين والعرب يتعاملون مع من اغتصب أرضهم ويفضلون الجلوس على العرش الزائف ويفضلون المهرجانات والزيارات لقصور الفاسدين ويتسولون لإقامة المنشآت المدعمة لاقتصاد الصهاينة ويتمنون لو تبرع عليهم العالم الغربي بالفتاة ليسكتوا شعبهم المغلوب على أمره.إنهم أقاموا حكومات عميلة تخضع للابتزاز فساهموا في تشجيع حكام العرب الخونة على فسح المجال للصهيونية لتحميهم من شعوبهم المضطهدة.من المحال أن تستمر فلسطين بهذا الشكل في ثورتها دون حرب.

  • عباس الفرطاس

    لماذا يعطونك طائراتهم؟ لماذا لا تصنعها بنفسك في بلدك؟ من المضحك أن نكتب مثل هذا الهراء. بدلاً من إلقاء اللوم على الآخرين في مشاكلنا ، يجب أن نبحث عن سبب ضعفنا وقوتهم. وللتذكير ، الجزائر مستقلة منذ 58 سنة.

  • صوت الواقع القاسي بحقيقته

    بخصوص العربي بن مهيدي
    هو أعترف بالهزيمة دون أن يشعر
    أترف بالهزيمة بكلمة "أعطونا"
    فهذه الكلمة تكشف الكثير من الحقائق
    ولازلتم لغاية اليوم تنتظرون من يعطيكم
    كما أنني أحتار من الذي يعتبر بن مهيدي بطل
    هو ليس بطل وإنما مجرم إرهابي لا أكثر ولا أقل
    ما هذه السخافة والجبن وإنعدام الشهامة الذي تعانون منه
    لماذا لا تمتلكون الشجاعة لتقولوا الحقيقة
    لتقولوا مثل هذا الكلام الذي أقوله أنا
    الحقيقة تكمن في ردائة الشعب الذي لا يصلح لتكون له دولة
    هذه حقيقة وأستطيع أن أثبتها علميا
    وأعرف بان الكثير من الجزائريين بريئين من هذه الحقيقة
    لكنهم يمثلون الأقلية ولا تأثير لهم على الأغلبية

  • صالح بوقدير

    عالم مبني على القوة والمصالح فلا مجال فيه للمثل ولذلك نري المظلوم مسلوب الحق يسوق على انه هوالظالم وأن الجلاد المحتل المعتدي يسوق على أنه الضحية
    إن اكتساب القوة مطلب شرعي ضروري تحتمه الرغبة في البقاء والمحافظة على الكيان وأن قوة الامة تكمن في اتحادها بالاساس فإن اتحدت فلم تهزم ولو جمعت عليها من بأقطارها رغم البون الشاسع في امتلاك القدرات المادية التسلحية فهل أن لها أن تتحد؟