-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أمريكا واستراتيجية “السلام من خلال القوة”!

أمريكا واستراتيجية “السلام من خلال القوة”!

كيف تمكن النظام الإيراني من النفاذ إلى عواصم عربية تمتلك خصائص جيوسياسية لا يمكن التفريط بها؟
ما دور الولايات المتحدة الأمريكية في دعم قواعد هذا التوسع غير المشروع ونسف قواعد الأمن القومي العربي، قبل أن تعلن التصدي له، بفرض حصار اقتصادي مطبق، تتكرس فيه المخاطر التي تهدد مستقبل الشعب الإيراني؟
تساؤلات تُطرح الآن.. الإجابة عنها قد لا تثير من تابع السياسات الخارجية الأمريكية منذ ولاية جورج بوش “الأب” مرورا بـالرئيس بيل كلنتون وجورج بوش “الابن” والرئيس باراك أوباما، إذ ظهر النظام الإيراني أداة توغل اعتمدتها إدارات البيت الأبيض المتعاقبة، منذ حرب الخليج الأولى “عاصفة الصحراء 1991″ وصولا إلى احتلال أفغانستان في 2001 والعراق في 2003، ونشوب ما يعرف بثورات الربيع العربي.
لقد ساهمت الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، مساهمة مباشِرة في توسيع إيران لنفوذها بالمنطقة؛ فإسرائيل فتحت أبواب لبنان أمام التغلغل الإيراني عبر حزب الله الذي تحول إلى دولة داخل دولة إن لم يكن الآن الدولة كلها، بينما فتح الاحتلال الأمريكي أبواب العراق واسعة أمام الهيمنة الإيرانية، بعد أن كان جدارا مانعا لسياساتها التوسعية، في حين بسطت ما يعرف بـ”ثورات الربيع العربي” التي دعمتها إدارة البيت الأبيض، مناطق نفوذ جديدة لطهران في دمشق وصنعاء، وظلت عينها مفتوحة على المنامة وعواصم في شمال إفريقيا، حتى تكاد خارطة الشرق الأوسط تشهد متغيرات ترسي دعائم كارثة لن ينجو منها أحد.
لكن المثير الآن هو عزم الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، على إنهاء النفوذ الإيراني، وتحطيم قواعد تواجده، وصولا إلى إنهاء النظام نفسه، الذي تُوِّج بأقسى عقوبات اقتصادية عرفها التاريخ، دخلت مرحلة التنفيذ.
تدَّعي الولايات المتحدة الآن، أنها تعالج حجم الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبها بوش وكلنتون وأوباما، فالأداة التي وظفوها في تنفيذ سياساتهم الخارجية، لم تجنِ منها أمريكا سوى خسائر أدت إلى انحسار نفوذها، وزعزعت أمن منطقة الشرق الأوسط، وفتحت الباب واسعا أمام مارد روسي أنهى دورة سباته، وعدو اقتصادي صيني، يغزو العالم بقفازات ناعمة.
إزاء هذه الوقائع التي أفاق ترامب على ضجيجها المزعج، قرر الإعلان عن استراتيجية جديدة تركز على حماية الأراضي الأمريكية وتعزيز الرخاء والحفاظ على “السلام من خلال القوة” وتعزيز النفوذ الأمريكي.
وتماشيا مع ما سمي بـ”استراتيجية السلام من خلال القوة” سارع وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إلى إبلاغ القادة العسكريين المسؤولين عن وضع الخطط العسكرية في دائرة البنتاغون، و”التفكير في خطوات يمكن اتخاذها ضد إيران” مع مراعاة الانشغال الأمريكي بالملف الكوري الشمالي، وما يفرضه من تهديدات نووية.
دعوات الوزير ماتيس لا تتضمن إعلان حرب ضد إيران، طبول الحرب مازالت مركونة في مخازنها، فمثل هذه الحرب مجرد احتمال مستبعد، لِما لها من مخاطر متزايدة على أمن الشرق الأوسط، قد تفتح حربا إقليمية، تصطفُّ أدواتها وراء القوى الكبرى المتنازعة حول مناطق النفوذ وممرات التفوق الاقتصادي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • المخ لص

    بعد اغتيال فكرة العالم بقرنيين، قطب راس مالي و قطب اشتراكي و بعد لازمة فكرة الربيع العربي و نهاية الحرب الباردة. اعتقد ان التاريخ يرهص لزوال امريكا و حلفائها على يد رئيس متهور لن يترك للنظام وقتها التعلق بقاعدة ( ختامها مسك ) لان امريكا تعيش ظاهرة نهاية الاستراتيجيات عكس ما يروج له رئيسها الحال.. قد يبدو الطرح هنا ساذجا، تماما كما كنا نعتقد بعدم فرضية زوال 15 جمهورية عاشت في اتحاد و ماتت بغير اتحاد.... رب فرضية وصفت بالسذاجة فاثبتت الايام نجاعتها.

  • الطيب

    أمريكا سخرت قوتها منذ عقود لحماية دويلات البترودولار التي تعتير أهم مورد لمليارات الدولارات و لكنها اكتشفت في النهاية أنها قدمت المنطقة العربية كلها على طبق من ذهب لإيران و روسيا و الصين مما جعلها تحس بخطورة على وضعها لذلك تلجأ للتهديد بالقوة العسكرية و الحصار الاقتصادي على إيران و هي في الحقيقة رسالة لروسيا و للصين من أجل المساهمة في كبح الأطماع الإيرانية . و لكن المستقبل سيكون بحل وسط هو السلام مقابل تقاسم الكعكة الخليجية و الاتفاق على حرب لا نهاية لها هي الحرب على الإرهاب و تأمين صفقة القرن ...!