-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أنقذوا العربية من الصحافيين!

أنقذوا العربية من الصحافيين!

لطالما تصدّرت الصحافة المعرّبة في الجزائر صفوف المنافحين عن التعريب، وناضلت لأجل التمكين للغة الوطنية في كافة مناحي الحياة العامّة، حدث ذلك في عزّ الصراع الإيديولوجي والثقافي واللساني منذ مطلع الاستقلال، بين أحفاد ابن باديس وعرّابي باريس، لكن اللافت هذه السنوات، هو بروز رِدّة لغويّة خطيرة، يروّج لها الإعلامُ المعرّب عن جهل أو عن قصد!

كل قارئ للصحف ومتابع لبرامج القنوات الجزائرية، لا شكّ أنه لاحظ منذ فترة طغيان الألفاظ الفرنسيّة بشكل ممجوج، في الكتابات الخبريّة وتعاليق المنشطين والمذيعين، والأسوأ أنها تشين صفحاتها الأولى بالبند العريض!

صحيح أنّ بعض الكلمات دخلت قاموس العاميّة على نطاق واسع، وصار جائزا وفق النظريات الصحفية الحديثة الاستعانة بها، لإيصال الفكرة إلى وعي القارئ بشكل مشحون، لكن تلك المفردات تبقى محدودة جدّا، قياسًا إلى ثراء اللغة العربية، ولا تبرّر إطلاقا الاستعاضة عنها إلى أيِّ لغة أجنبيّة.

من المؤسف أنّ بعض الصحافة المعرّبة تتنافس اليوم على تدجين اللغة العربيّة، بل تلويثها عن طريق الفرْنسة، إذ تستدعي الكلمات اللاتينية دون أي مبرّر، وتلوي أعناقها ثم ترسمها بالحرف العربي، فقط من باب مجاراة لغة الشارع!

لقد أعمى منطق التجارة والإشهار والتسويق بصائر البعض، فلم يعد يهمُّه سوى جمع المال، ولو كان ذلك على حساب الضمائر واللغة والمهنة وحتّى القانون، أمّا تهذيب ذوق الجمهور فهو آخر الاهتمامات على سلّم القيم الماديّة، التي أضحت وحدها المحدد لخيارات الإعلام المشوّه.

وما زاد الطينة بلّة هذه السنوات، هو تدشين عهد التعدد في قطاع السمعي البصري، هذا الأخير على محاسنه الكثيرة، ركب بدوره موجة العدوان على لغة الشعب، حيث تصادف مذيعين يتقعّرون في حديثهم، وبركاكة مقرفة يحشرون الفرنسيّة في كل صغيرة وكبيرة، إلى درجة أنّ برامجهم صارت أقرب إلى الإعلام الأجنبي منها إلى الوطني.

حتّى ذلك التبرير الذي يرفعه بعضُهم في وجه الناقدين، لا يصمد كثيرا أمام حقائق الواقع، إذ إنهم يتعللون برطانة اللسان الجزائري، الذي أضحى خليطا بين العاميّة والعربية والفرنسيّة، ولكن هذه أيضا مغالطة، لأنّ الجزائر بلدٌ بحجم قارّة، وما ينتشر في بعض مُدنها الحضرية الكبرى لا يستسيغه الناس في مناطق أخرى، أمّا تباين اللهجات المحلية فهو حكاية طويلة، تتنوع فصولها بين القرى والأعراش المتجاورة، لكن ما نلاحظه هو أنّ الإعلام الجديد يكرّس ثقافة “الحومة” على حساب الوطن الجامع.

 إنّ المسألة أصبحت فعلا مثيرة ومستفزّة، وهي اليوم تعني مؤسسات الدولة بالأساس، لأنها تمثل تجاوزًا قبل كل شيء، لقوانين الجمهوريّة، حيث إن وسائل الإعلام ملزَمة باحترام استعمال اللغة المختارة، عربية أو فرنسية أو غيرها، ولا نقصد فقط قانون تعميم استعمال اللغة العربية، لأنّ ذلك في حكم المغيّب منذ سنوات طويلة، بل قانون الإعلام، ومن واجب سلطات الضبط المختلفة والمخوّلة، التدخل لوضع الأمور في نصابها الصحيح.

ولكنّ الأمل المرجوّ، يبقى على عاتق المهنيّين المُحترفين، والغيورين على ثوابت الهويّة، ليفرضوا على الجميع تقديس العربيّة، كلغة وطنيّة رسميّة، سقط لأجلها الشهداء، وكرَّسها دستور الجمهورية ضمن مواده الصمّاء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
21
  • محمد العيساوي

    يقول أبوحيان التوحيدي فى مقابساته :اللغة كائن حي ألفاظه خلاياه تحيا بالإستعمال وتموت بالإهمال.. وعليه فإن على كل جزائري وطني مخلص غيور على لغته العربية سواء على المستوى الرسمي أوالشعبي أن يعمل على أستعمالها فى جميع نشاطات حياته وذلك من خلال :
    1- التحدث بها دون غيرها من اللغات الأجنبية.
    2- كتابة كل الرسائل والوثائق الإدارية الرسمية والخاصة بها دون غيرها فليس هناك قانون يلزم المواطن كتابتها
    بالفرنسية
    3- العمل على تعريب المحيط وذلك بكتابة حميع اليافطات وأسماء المؤسسات والمحلات التجارية بها

  • إقتباس من كتاب

    "...زعموا أن غراباً رأى حجلة تدرج وتمشي، فأعجبته مشيتها، وطمع أن يتعلمها. فراض على ذلك نفسه، فلم يقدر على إحكامها، وأيس منها، وأراد أن يعود إلى مشيته التي كان عليها: فإذا هو قد اختلط وتخلع في مشيته، وصار أقبح الطير مشياً. وإنما ضربت لك هذا المثل لما رأيت من أنك تركت لسانك الذي طبعت عليه، وأقبلت على لسان العبرانية، وهو لا يشاكلك، وأخاف ألا تدركه، وتنسى لسانك، وترجع إلى أهلك وأنت شرّهم لساناً.."

  • Hadjoumokh

    مادم وزراء ومسؤولون يخاطبون الشعب بالفرنسية...اذا رب البيت بالطبل ما على الاولا الا الرقص

  • وائل

    بارك الله فيك على هذا المقال. صدقت ، عمل مشين ومقرف جدا ما تفعله بعض الصحف والقنوات التي تدعي الاحترافية والمهنية وأنها الاولى في كوكب الأرض وأنها وأنها وووووووووو

  • بدون اسم

    العرب هم من علموك الوضوء، إن كنت تتوضأ ، وإلا فلا كلام معك .

  • شلفي

    لا أعتقد انه العمد وهذا لا يقلل خطورة لأن الجهل المنتشر بين طلقات "المتعلمين" كارثي، المشكلة ان جامعات الجزائر يتخرج منها منا منذ نهاية الثمانينات جيلا من الأميين ، وليست الأمية كلة تنطبق فقط على من لا يقرأ و لايكتب. أي صحافة لدينا في الجزائر؟ كم يستغرق القارىء في قراءة أي مقال ؟ لصبحنا شعبا بدوية هويى لغويىة ـ لا نتحدث العربية و لا الفرنسية و إن كان الإعتقاد السائد بأننا متفرنسين فهذه مغالطة كبرى ـ اصغوا جيدا الى من يتحدثونا في البرامج التلفزيوينة ، يبدأون الجملة بالفرنسية وينهونها بالعربية

  • بدون اسم

    "لا شكّ أنه لاحظ منذ فترة طغيان الألفاظ الفرنسيّة بشكل ممجوج، في الكتابات الخبريّة وتعاليق المنشطين والمذيعين". نعم لاحظنا ذلك وهناك من استفسر وعلم أنه يوجد تعليمات من بعض كبار المسؤولين لإدخال ألفاظ غير عربية في كلام الصحافيين والمنشطين في الإذاعة والتلفزة

  • بدون اسم

    من العرب اختار الله رسولا هو خاتم الانبياء و بلغتهم انزل القران الذي يقرأه العربي و الاعجمي
    و بلغتهم ايضا يتشهد الجميع قبل موتهم فتكون آخر كلمات الانسان بالعربيه مهما كان عرقه و جنسه
    و ما عادى العرب الا من مسح الله من قلبه الايمان و بالتالي هو دون مستوى الرعاع بمراحل

  • المراكشي

    لاتنه عن خلق وتأتب مثله عار عليك إذا فعلت عظيم _ أحد شوقي
    فهل الكنغ لفظ عربي أصيل أم هو من باب حلال عليناحرام عليهم؟

  • حمودي

    اوافقك الرأي. ولكن لماذا القنوات الجزائرية، لا تترجم لمن يتكلم بالفرنسية!!! مهما كان جزائريا او اجنبيا. رغم ان الغالبية الساحقة من الجزائريين لا يتقنون الفرنسية.

  • Nostradamus

    انت ايضا كتبت مقالا "الكينغ" خالد في البيت الحرام!

  • بدون اسم

    وعلى هذا الاساس نقول انقذوا البلاد العربية من السرطانات الجاثمة على العروش.في الجمهوريات والمملكات العربية....انقذوا الاحزاب السياسية من الشكاريست الجهال الهمج الرعاع....الخ...الخ

  • بدون اسم

    بعض الائمة لايتوانون في فرنسة بعض الكلمات من على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم...لم نسمع او نقرأ عن حاخام او قس او (امام) يهودي او مسيحي تجرأ أو أخطـــأ في الحديث بالعربية..لم يحدث هذا ابدا ولن يحدث...انها الأخلاق والعفة والمناعة والعزة وهي أمور وأشياء لاأثر لها في دماء وعقول ومخ ومبادء وأخلاق هؤلاء الأعراب كلهم دون استثناء وخاصة ما يسمى الصخشيات الكبيرة..

  • بدون اسم

    ....وأنقذوا البشريـــة من الرعاع والطغاة العرب....

  • فوضيل

    إن السياسة اللغوية القسرية هي التي ولدت هذا التلعثم اللساني،وكونت جيلا متذبذبا والذي أظهر الجزائري بالشعب الذي لا يتقن أية لغة؟ فانا كجزائري لا تنتظر مني"فصاحة اللسان"لأني أفكر بلغة وأتكلم بلغة أخرى"مفروضة"،وقد نتج عن ذلك ظهور قلق هوياتي وتذمر كبير وهو ما أحدث تمزقات في المجتمع، بين التمزيغ والتعريب والفرنسة،من حقكم الاهتمام بلغة القرآن،هذا لاينسيكم التزاماتكم تجاه اللغة الأم التي عزلت لحين من الدهر،الحمد لله بدأت تستعيد عافيتها،وقد تكون رسمية فعليا على ارض الواقع إذا صدقت الإرادة وحسنت النيات

  • ابن الجبل

    شكرا ياأخ عثماني على هذا المقال ، والله ، لقد دار هذا الموضوع سهرة الأمس وأنا أتابع احدى القنوات الجزائرية الخاصة ، التي قررت تقديم نشرة اخبارية باللهجة الجزائرية الدارجة ، لأن اللهجة الجزائرية في طريق الاندثار ، بفعل موجة الخليط اللغوي ، الذي يعم القنوات الجزائرية بلا استثناء ... علينا أن نطلق صفارة الانذار ، أين نحن سائرون بهذا الخليط اللغوي ؟ في الوقت الذي نرى جيراننا في المغرب ، يستعملون دبلجة المسلسلات الأجنبية باللهجة المغربية ، لجعلها مفهومة لدى دول المشرق . أما الجزائر فقد اخترعت لغة ؟!

  • الجاهل

    ***السلام عليكم.هذا مخطط مقصود لمواصلة الحرب الشعواء بألسنة عربية غربية نصف عربية و نصف غربية مهزومة انبطحت ﻷسيادها عبر دارجة الشارع لتشريع االواقع في الكتب المدرسية االمنظورة.***السلام عليكم.

  • بدون اسم

    بوركت اخ عبد الحميد وانتهز كونك نائب رئيس تحرير الشروق للفت انتباهك الاشاره لنقطتين :
    الاولى ان تحاول الشروق الابتعاد عن المفردات الفرنسيه المكتوبه بالعربيه على سبيل المثال : البريكولاج .. الدوفيز .. البوناني... الخ
    الثاني اليوم تحتفل الامم المتحده باليوم العالمي للغه العربيه ولم نجد في الشروق بل الجزائر اي احتفال او اشاره لذلك

  • مراقب

    صدقت سيدي فيما ذهبت إليه والأدهى والأمر أننا نشهد يوميا دبح اللغة العربية عن قصد وعن غير قصد على التليفزيون الرسمي دون وجل فمثلا أن تظهر زعراء التلفزيون وتفتتح النشرة بقولها ( نشرتاو الأخبار ، وتسمي الشهور بـ سبتمبغ ، أكتوبغ نوفمبغ..... وغيرها من الأخطاء الفضيعة لشئ نأسف له أشد الأسف

  • بدون اسم

    ان من اكبر عوائق التعريب في الجزائر هو هذا الموقف المحنط الذي عبرت عنه من استعمال العامية والمفردات الاجنيية في لغة التواصل الاعلامي لان يقف ضد التطور الطبيعي للغة . قم بدراسة لنوعية اللغة العربية اللتي كانت في العصر الجاهلي ثتم الاموي ثم العباسي والاندلسي وعصر النهصة الحديث فستجد تباينا واختلافا جذريا . دورك يا سيدي ان تشجع هذا الاستعمال لا ان تقف ضده والا ذهب الناس الى لغة اكثر مرونة .

  • أنا البحر

    أين هو ذلك الجيل من الصحافة، وأين محمد عبدون وأين الرقيب اللغوي على صفحات الشعب يرصد كل شاردة ويصقل كل قلم. صدقني اليوم هجر الناس الصحف ألا أعمدة قليلة يستأنس بها وأصموا آذانهم عن سماع ما يلوثها. ليس هناك فكرة أو معنى أو غاية المهم اللغط وملء الفراغ واحتلال الفضاء رغم ما يعرض من مادة ثقافية نوعية مجانية أحيانا ولكن المنتجين والعناوين تفضل الأرخص ثمنا والأضعف والأحط محتوى، على من تقرأ زابورك يا داوود. الرداءة تحمي حماها.