-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أنكر الأصوات

عمار يزلي
  • 728
  • 1
أنكر الأصوات
أرشيف

لم تعرف الانتخابات الرئاسية منذ 1962، شكلا كهذا الشكل الجديد من التميع والإسفاف من خلال تركيز بعض وسائل الإعلام المرئية على أشباه مرشحين، يفتقرون إلى رجاحة العقل والذكاء والفطنة، فضلا عن أشياء أخرى. ليس العيب في دعاة الترشح، بل في بعض هذه القنوات التي تعمل على تمييع الانتخابات لتصبح مهزلة وحملة للضحك، الغاية منها لا تبرّر الوسيلة، وهي أن تظهر الجزائر عقيمة من مثقفيها وعلمائها وسياسييها وكبارها وأحزابها، حتى إن الأمر بدا وكأنه تصحُّرٌ سياسي مطلق وقد خلت البلاد من أهلها وعقلائها وبشرها.
إنه الإسفاف حقا.. لا نريد أن نحمِّل مواقع التواصل الاجتماعي المسؤولية، لأن دورها تواصليٌّ لا إعلامي ولا توجيهي، إنما هذه القنوات الرسمية تعمل على ذلك قصدا وطمعا في خلق مناخ من التسيُّب وبعث التشاؤم في نفوس الناس. وفعلا: كل العقلاء، إلا قليلا منهم، أعلنوا عن ترشحهم في هذه الفوضى الخناقة، ربما لأنهم رأوا أن الجو مناسب في ظل سكوت الرئيس إلى حد الآن وفي غياب أي مؤشر يدعو إلى التفاؤل الذي تتحمله هذه القنوات والخطاب السياسية الرسمي الغائب الأكبر.
لا شيء يبدو مريحا وقد صرنا نعيش شبه فراغ في كل جهة، من المجلس الدستوري إلى رئاسة البرلمان.
عندما تقوم هذه القنوات بمتابعة وتغطية، سخرية واستهزاء أحيانا ولكن أحيانا بمتابعة تبدو للمرشح المزعوم أنه قدّها وقدودها، وأنه لا مانع أمامه من أن يترشح لرئاسة البلاد في ظل الفراغ وفي ظل التمييع، كل من دبّ ومن لا يهبّ، يفكر في كرسي الرئاسة: المعتوه والمجنون والمريض عقليا والعاطل عن العمل ومن ليس له سكن.. ولا حتى أدنى درجة من الإدراك لما يقوم به: شبه مسرحية هزلية، تعمل هذه القنوات على إخراجها وتسويقها بالمجان.. أو بمقابل رخيص.. إنه الإفلاس الإعلامي والثقافي والسياسي الوضيع.
بالتأكيد أن وراء هذه القنوات فكرة تقول إنه لابد من تتفيه المشهد السياسي وتعويم المرشحين الآخرين الأكثر قابلية وأكثر عقلا واتزانا وحكمة، ليدخلوا كلهم في خانة المهابيل والمعتوهين، مما يدفع إلى القول في نهاية المطاف شعبيا.. الواقفة خير من التالفة والقاعدة خير من الراقدة.. وهذا هو الأخطر، لأنه يتسبَّب في الإحباط المطلق في ظل الإحباط الشامل، وهذا ما يدفع إلى التيئيس. والكل يعلم أن الشعب أحيانا لا ينقصه إلا عود كبريت، وما حدث مؤخرا في المغيَّر بولاية الوادي، يؤكد أن الناس تعيش ضغطا نفسيا رهيبا بإمكانه أن يؤجِّج الوضع.
بالتأكيد، هناك ضبابية وهناك وضعٌ غير طبيعي، لكن ليس معنى هذا أن ندفع بالأوضاع إلى الحضيض من خلال خطاب تمييعي تتفيهي تيئيسي. وصحيح أنه في غياب لعب للكبار يدخل الصغار والمجانين إلى ساحة اللعب، لكن هل يُعقل على الإعلام الكبير أن يترك الكبار ويذهب ليغطي لعب المجانين؟ هذا هو الجنون؟ لماذا لا تبحث هذه الوسائل في برامج بعض المعروفين، صغارهم وكبارهم ومتوسطيهم؟ هل يزعج ذلك الجهات الرسمية؟ ألا يزعجها على العكس، أن ترى عاملات نظافة ومجانين الحق العام والمدّعين للنبوة والمهدي والكلام الفارغ، يحتلون الصدارة في التغطية والمتابعة، ولو بأسلوبٍ تهكمي؟ هذا هو مقام كرسي الرئاسة واش صار يسوى؟
إننا بالفعل في غياب حس سياسي ومواطني وأخلاقي واختلاط المعايير والقيم، صرنا نعمل على تنكيس الناس نحو التحمير والتبغيل.. في ظل شبه حصانة على التحيوين السياسي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • قدور مول سبع قدور مترشح حر

    لنرى يا أستاذ عمار ماذا قال الشيخ أفلاطون : ان خير دولة أو خير حكومة هي التي تضع كل فرد من أفراد الأمة في خير مكان يليق به حسب استعداده وكفاءته ويستطيع أن يظهر فيه مواهبه ثم تمده الدولة بجميع ما يحتاج إليه لأداء مهامه ... والطلب غالي والمطلوب رخيص لم تستطع أية دولة مهما كانت راقية الوصول إليه ولكن وصل كثير من الأمم الحية الى بعض هذا