-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أول اختبار للتعددية قبل العبور للديمقراطية

حبيب راشدين
  • 1036
  • 5
أول اختبار للتعددية قبل العبور للديمقراطية
ح.م

مع أن قرار تنظيم الاستحقاق الرئاسي في 12 ديسمبر القادم قد حُسم بإجراءات سياسية وقانونية وتنظيمية دُبِّرت في وقت قياسي، وتدافع أكثر من مائة مواطن للتنافس على موقع الرئاسة، فإن الطبقة السياسية ما زالت مصابة بالارتباك والضياع، غير قادرة على صياغة موقفٍ محمود واضح، يسمح لها بالمشاركة البنَّاءة، وبتنشيط واحد من أهم المواعيد السياسية التي سوف تقرر مصير البلد لعقود قادمة، ليكون الاستحقاق الرئاسي القادم أولَ استحقاق ينشطه مرشحون “أحرار” بلا هوية سياسية واضحة باستثناء مرشحين أو ثلاثة لا أكثر.

حتى الآن، سوف يغيب عن هذا الاستحقاق أحزاب موالاة: الممتنعة بالضرورة عن المشاركة بمرشح، كما انقسمت أحزاب المعارضة، ما بين مقاطع رافض للمسار (أبرزها الآفافاس والأرسيدي وحزب العمال) وأخرى تراوح بين المنزلتين، كما هو حال الأحزاب “الإسلامية” التي أفقدها الحراكُ البوصلة، ونراها تقصي نفسها بنفسها من استحقاق كان يُفترض أن يمنحها فرصة تجديد خطابها السياسي، واختبار حجم قواعدها الانتخابية.

ومن الواضح أنَّ موقف الأحزاب العلمانية اليسارية له من الأسباب الموضوعية ما يبرِّر خيار المقاطعة لاستحقاق سوف ينسف بالضرورة رهاناتها على مغانم المرحلة الانتقالية الساقطة، ويعرِّي مرة أخرى حجمها الانتخابي الهزيل، أعذار لا يمكن أن تلتمس للأحزاب الإسلامية، والتي سبق لبعضها، مثل حركة حمس، تسجيل حضور قوي في أغلب الاستحقاقات الانتخابية منذ بداية التعددية، وما زالت تمتلك فرصة التنافس الجدي مع بقية ممثلي التيار الغالب في المجتمع.

وسواء تعلق الأمر بما يسمى بأحزاب الموالاة أو المعارضة، فإن المشاركة الفعلية في هذا الاستحقاق بمرشح أو بتأييد أحد المرشحين الأحرار، قد أصبح فرض عين على كل من يتطلع للمشاركة في إعادة بناء مؤسسات الحكم، مشاركة تسمح للجميع بتسجيل حضور فعلي في الحملة، ولمَ لا، مقايضة مساندتها لمرشح بتبنِّي بعض أفكارها وبرامجها، تكون أرضية ومقدمة لتوافقات أوسع في القادم من الاستحقاقات المبرمجة لإعادة تأهيل بقية مؤسسات الحكم، خاصة وأن الرئيس القادم، وحتى مع ما يوفره له الدستورُ القائم من صلاحيات واسعة، لن يكون بوسعه تسيير البلد وهو يفتقر إلى قاعدةٍ سياسية داعمة في البرلمان وحتى في المجالس المحلية.

وكيفما كانت وجاهة تقديرات قيادات أحزاب التيار الغالب في المجتمع، الوطني منها والإسلامي، للخيار الذي تمسكت به السلطة القائمة بالعبور بالبلد نحو الاستقرار عبر الرئاسيات، فإن خيار المقاطعة يبقى خيارا عدميا، غير منتج، قد يفوِّت عليها فرصة انجاز قطيعة مرجوة مع ما يُحسب عليها من قصور وانبطاح، كانت تنكره عليها قواعدُها النضالية، قبل أن يسفِّهها الحَراك، ويلحقها بمن كان يدعو إلى ترحيلها مع وجوه النظام الساقط.

وحتى مع التسليم بوجود مخاوف مشروعة من خضوع الاستحقاق القادم لترتيبات قد توجّه نتائجه مسبقا لصالح أحد المرشحين، فإن الإعلان الصريح والقوي لقيادة الجيش بامتناع المؤسسة عن تزكية أي مرشح سوف يميّز هذا الاستحقاق عن سابقيه، ويمنع تكرار سيناريو 2004 حتى مع وجود بعض المؤشرات، على الأقل بحضور السيد بن فليس الذي قد يوفر فرصة لحضور جانب من القوى المحسوبة على ما يسمى بالتيار “الديمقراطي العلماني” ومشاركة السيد عبد المجيد تبون الذي قد يُسوَّق إعلاميا كمرشح ضمني للأفلان يحظى بدعم الدولة العميقة، فيما قد تجد الأحزاب الإسلامية فرصة للحضور والمشاركة بالاقتراب من أقرب المرشحين إليها، في شخص السيد بن قرينة الذي قد يمنحها فرصة الحضور غير المكلف لأهم مرتكزات خطابها السياسي، وقبل ذلك يمنحها فرصة اختبار حجمها الانتخابي لما بعد الحَراك.

وكما أنه ليس مسموحا لأحد أن يخوِّن من اختار طواعية المقاطعة، فليس مسموحا بالمقابل تسفيه من اختار المشاركة أو اتهامه بخيانة الحراك الشعبي، الذي بدأ بمعارضة العهدة الخامسة، وما زال أبرز شعاراته كل جمعة: تجسيد المادتين 7 و8 من الدستور بالاحتكام لصاحب السلطة التأسيسية عبر الصندوق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • J

    كلامك كله مغالطلت

  • HABIB

    هده الانتخابات ليست انتخابات للمنافسة الحزبية هده انتخابات لانقاد الجزائر من المؤامرة الدنيئة التي تصنع في المخابر الفرنسية و ايادي ملطخة من بني جلدتنا . الديمقراطية الحقيقية تتم بعد تعديل الدستور و انتخاب مجالس جديدة .انا لا ارى سوى حزب واحد في الساحة و هو الحزب الوطني للجزائريين الاحرار.

  • HOCINE HECHAICHI

    - الأحزاب "الوطنية" تريد اقتراعا "كلاسيكيا" يأتي ب "بو" جديد ( تبون) يبقينا في اقتصاد الريع، نستورد الغذاء واللباس والدواء والأفكار واللغات والرياضيين و... .
    - "التيوقراطيون" يحلمون بعودة الفيس برئاسية "نزيهة وشفافة " ليدخلهم الجنة في "الدنيا والآخرة"
    - "الجهويون" يريدون تأسيسية لدسترة " الحكم الطائفي". على الطريقة اللبنانية .
    - الطبقة الوسطي( محرك الشعوب) التي بدأت الحراك (المنسحبة الآن) ترى أن بداية الحل الدائم للإشكالية يكمن في انتخاب رئيس "تكنوقراطي" القادر بواسطة "اقتصاد حرب" أن ينقلنا إلى المرحلة الأخيرة "للمشروع الوطني": دولة وطنية عصرية.

  • شخص

    هذه هي المقالات التي ترعب الزواف !

  • ياسين

    الفرصة تاريخية قد لا تعوض مرة أخرى...فعلى الطبقة السياسية أن تحسن قراءة مثل هذه المفاصل التاريخية التي تمر بها الشعوب و الأمم و أن لا يضيعوها؟