-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أيها الرّاسبون… لا تحزنوا!

جمال لعلامي
  • 1687
  • 5
أيها الرّاسبون… لا تحزنوا!
أرشيف

عندما يسقط جرحى وحتى قتلى في احتفالات البكالوريا، أو بسبب الرسوب، فهنا يجب أن نتوقف جميعا لتحليل هذه الظاهرة الخطيرة التي أصبحت تتطور من سنة إلى أخرى وسط التلاميذ، وللأسف حتى الأولياء، ولكم أن تتصوّروا لماذا يحتفل الناجحون بالعنف، ويلجأ بالمقابل الراسبون إلى الانتحار؟
قد يقول قائل بأن تطور وسائل الاحتفال، مقارنة بالسنوات الماضية، هي التي جعلت الناجحين رفقة أوليائهم، يحتفلون بالفوز، بتفجيرات “السينيال” و”البوق” ومختلف الألعاب النارية التي يحرقون بها كذلك أعصاب وشعور ما لا يقلّ عن 300 ألف راسب في هذه البكالوريا العجيبة!
زمان، كان التعبير عن الفرحة بتوزيع قارورات “القازوز” على الأهل والجيران، بعد ما تعلو أصوات الزغاريد على كلّ الضوضاء، وكان الجميع يواسي المتعثرين بالكلام الطيّب والمعسول، وبتضميد جراح أهاليهم، وبجبر الخواطر، فتمرّ “النكسة” بردا وسلاما، وينجح الساقطون السنة المقبلة، وعندهم تـُشعل الاحتفالات والأهازيج بنفس طريقة السابقين!
اليوم، الاحتفال يكون بالخروج في “مسيرات” صاخبة إلى الشارع، ولم يعد هناك فرق بين الذكر والأنثى، فجميعهم في الفوز يصبح من الجمع المذكـّر السالم، وتصوّروا كيف تتكرّر الحوادث القاتلة بسبب المواكب الاستعراضية، والخروج من نوافذ السيارات، وبصوت واحد يصيح الجميع “جبنا الباك”، بشكل يُعطي الانطباع أن من لم يوفّق انتهت عليه الحياة!
بطبيعة الحال، مثل هذه المقاربة، هي التي دفعت أولياء إلى توبيخ وتعنيف أبنائهم الراسبين بطريقة مشينة انتهت أحيانا بالانتحار، والعياذ بالله، ليعتقد البعض واهما مخطئا، بأن “الباك” هو “قضية حياة أو موت”، فإما الفوز به للبقاء حيا، وإمّا خسرانه فيكون مصيره الموت المحتوم!
نعم، لن تنتهي حياة أكثر من 300 ألف راسب في بكالوريا 2018، لأن حياة الآلاف مثلهم لم تنته أيضا خلال المواسم السابقة، فمنهم من نجح في العام الموالي، أو الذي بعده، إمّا كمتمدرس أو كمترشح حرّ، ومنهم من توجّه إلى “خيار” آخر، فوفقهم الله، وربما تفوقوا في حياتهم المهنية والحياتية، على جزء من أولئك الذين انتقلوا إلى الجامعة، فبعضهم تخرّج ومازال من البطالين، والبعض الآخر حصل على وظيفة يأكل منها الخبز!
هذا لا يعني بأيّ حال من الأحوال، أن من نجح في البكالوريا ومختلف الامتحانات والشهادات، كمن فشل وخاب، لكن لا يجب أبدا اختزال الحياة في امتحان أو شهادة أو وظيفة أو تخصّص، فالرزق على الله، وقد يوفّق الراسب في ما سيفشل فيه الناجح، والأهمّ في المهمّ، أن يبتعد هؤلاء وأولئك، عن الروح الانهزامية والاستسلام والتخاذل، وليعلموا بأن معركة الحياة أكبر بكثير من أن تدوّن في مجرّد ورقة!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • Mohamed

    في صباي، كُنتُ( و لا أزال) من الأشخاص المحبّين للعلم ، كنتُ دائما الأفضل في اللغتين العربية و الفرنسية حتى أنّي صُنّفتُ في إحدى المرّات التلميذ الأوّل على مستوى كل المتوسطّة في مادة اللغة الفرنسية، لكن لظروف خاصة، لم أُوفّق في نيل شهادة التعليم الأساسي و كانت صدمة قويّة كوني لم أكن أتوقّع أبدا أن لا أكون في حياتي من أهل العلم و من المثقّفين، المهم تركت المدرسة و اتجهت للعمل مع والدي رحمه الله، لكن لم أتوقّف عن طلب العلم كعصامي و خاصة علوم الدّين، و الآن و مع تقييم أحد المثقّفين، أخبرني بأنّ مستواي الثقافي في الدين يُقارب الماجستير...زيادة على ذلك، فأنا أتحدّث أربع لغات بطلاقة و لله الحمد،

  • محمد

    والله أحسن لهم أن يعيدوا السنة ويحصلوا على باكالوريا بـ 12 أو 13 ومافوق..من أن لو حصلوا عليها من العام الأول وبمعدل عادي 10 و 11
    هناك أيضا ظاهرة سلبية جدا في التوظيف، لماذا تتسابق الشركات في رفع مطالبها ، وحتى الوظائف العمومية والخاصة، في كل المجالات، لاحظت أن الكثير من الوظائف، بكل واقعية ، تستلزم مستوى الثالثة الثانوي فقط مع تدريب بسيط ويكفي ذلك. لماذا المطالبة بأشياء لاتستعمل أصلا بعد ذلك في الوظيفة. أحسن شيء أخذ الخامة ونحتها كما تفعل الشركات الكبرى في العالم، التكوين وتطوير المهارات المستمر داخل الشركة على حسب إحتياجتها وليس محاولة إيجاد موظفين في مناصب بسيطة بأعلى الشهادات.

  • مواطن زعفان

    انا اب و ابني فشل في الحصول على الباكلوريا لكن حمدنا الله على كل حال و لم نتاسف كثيرا فعلي حداد و طحكوت و كمال البوشي......الخ لا يملكون من الشهادات الا شهادة الميلاد وهم من هم في بلد ميكي الذي يهان فيه الاطباء المقيمون و تهجر قصرا ادمغته و نخبه فاسالوا بلقاسم حبه و الزرهوني و غيرهم.

  • مهدي

    امر طبيعي.. هؤولاء الناس سيبقون في ازدياد مدام يحكمنى اصحاب العقلية العلمانية بشعارهم تهتمون بالصغائر الامور والمظاهر ....حتى اوصلنى مايسموها صغائر الى الهاوية

  • الطيب

    النهايات حسب البدايات ...هل نسيت يا جمال حالة الطوارئ القصوى و التأهب التي تسبق هذا الاختبار البسيط الذي خرج من المدرسة و تحول إلى غول يجوب الشوارع ؟! فكيف نستغرب هذه النهاية السعيدة !؟