-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أيُّ رئيسٍ لبلدٍ بلا ساسة؟

حبيب راشدين
  • 1217
  • 2
أيُّ رئيسٍ لبلدٍ بلا ساسة؟
ح.م

الظاهر أن صدور المرسوم الداعي للهيئة الناخبة قد أضاف مزيدا من الإرباك للمشهد السياسي، حتى وإن كان قد أنقذ البلد من مسار التمديد الذي كان سيرحّل نفس العقد المتراكمة منذ نهاية العهدة الثانية، دون التمكين لفتح فرص فعلية للتغيير والإصلاح هي في الأصل غائبة من أجندة النظام وليست مرجوّة من أحراش المعارضة المهددة بالتصحر.
الإرباك حاضر في سلوك أحزاب المعارضة كما بين صفوف الموالاة التي دخلت في اعتكاف تنتظر خروج المهدي المخلِّص حتى آخر ساعة من المهلة الدستورية، وكما كان متوقعا سلفا انتقلنا من حالة ترقب ظهور هلال تنظيم الاستحقاق في موعده الدستوري إلى حالة يترقب فيها الجميع ساعة حسم النظام لموقفه من دعم خيار العهدة الخامسة إلى خيار التسويق لمرشح بديل، لندخل وقتها في مسار عدمي آخر.
وفي الجملة، فإن الاستحقاق لن ينتظر فتح صناديق الاقتراع نهاية 18 أفريل ليُحسم في الثالث من مارس: تاريخ إغلاق باب الترشح، ما دامت المعارضة على قناعةٍ تامة باستحالة الفوز أمام مرشح النظام، سوى ما ظهر من تحد ومكابرة عند المرشح العسكري السابق علي غديري، أو ما قد يكابر به بعض المغمورين المرشحين للعب أدوار الكومبارس.
هذا المشهد السريالي يكفي وحده لتوفير مادة انتقاد دسمة يواجَه بها مرشح النظام ـ أيا كان ـ بحصيلة سياسية كارثية لن يشفع لها بما قد يُسوَّق من إنجازات النظام المادية في الاقتصاد، أو ما يُنسب إليه من إنجازات فعلية في مجال استعادة السلم والأمن، وتوفير قدر من الأمن الاجتماعي، ليس ثمَّة ما يضمن استمراره مستقبلا مع تراجع أسعار النفط.
ومع التسليم بأن المشهد السياسي قد وُلد ولادة قيصرية، وفي ظروف استثنائية في تسعينيات القرن الماضي، وحرمته فتنة العشرية السوداء من فرص النمو الطبيعي في مسارات تعددية يراكم فيها التجربة والخبرة، فإن العهدات الرئاسية الأربع قد أخضعته لعمليات تجريف منتظمة مستدامة، لم يسلم منها أي حزب في الموالاة والمعارضة، حتى مع استفادتها من فرص التنافس في أغلب الاستحقاقات الانتخابية الوطنية والمحلية على امتداد عشرين سنة.
ولا جرم أن مكوِّنات المشهد السياسي تتحمل بدورها قسطا من المسؤولية في هذا التجريف المنتظم المستدام، وهي التي اختارت أسهل الطرق، ورضيت باقتسام الفتات داخل اقطاعيات حزبية تتقوّت من المساعدات ومن عوائد منتخبيها في المجالس المحلية والبرلمان، ولم تنفق أي جهد في بناء أحزاب ذات شأن، بمؤسسات ديموقراطية حقيقية تضمن التداول الداخلي على القيادة، كما لم تجتهد لتوسيع قواعدها الانتخابية، أو تحقيق قدر من الانفتاح على كفاءات من الشباب الجامعي تعضد به قدراتها على بناء برامج حكم بديلة ذات مصداقية.
وإلا كيف يعقل أن تنجح هذه الأحزاب في إقناع الجزائريين بإعادة تأسيس الدولة كما تدَّعي، أو بصياغة برامج حكم تعِد بتوفير الرفاهية وبالتوزيع العادل للثروة ومحاربة الفساد، فيما نراها تفشل بعد أكثر من ربع قرن في بناء مؤسساتها، وتوسيع قواعدها الانتخابية، كما فشلت في تحقيق التداول الطبيعي على مراكز القيادة، ولم يسألها أحدٌ: كيف يجوز لقياداتٍ فاشلة الخلودُ في مناصب القيادة لأكثر من ربع قرن، مثلها مثل ما يعاب اليوم على نظام كان أمامه أكثر من فرصة وفسحة لتدبير خليفةٍ للرئيس، تعفيه من حرج التسويق لعهدةٍ خامسة مكلفة ترحِّل أزمة الحكم إلى أجل غير مسمى؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • نمام

    ربع قرن مر اكلت فيه الظنون عقولنا وحلمنا بمشروع يكون فيه احترام الدستور يحترام ابناءه مهما اختلفت اراؤهم ومكانتهم الاجتماعية وتكون الغلبية مقيدة بحقوق الاخرين وطن يحكمه دستور المواطنون سواء امام القانون وطن نشعر فيه بالامان وطن فيه حرية راي والاختلاف لا لعناد وانما لبناء مجمتع يقر بتنوع مواطنيه لا وطن تعد فيه الانجزات العرجاء مكسب و الدعاية تحجب الراي المخالف و تخونه ونسال اين نحن من هذا وكلنا يعرف الاجابة لان الحقائق تتكلم بنفسها فشلنافي ادارة تنوع مواطنينا وغرتنا الاغلبية وصنعنا ديمقرطية الصنودقراطية واصبحت الاغلبية اسوا من الديكتاورية تعطل القانون و تحكم الامر الواقع وتدعمت شرنقةالمظلومية

  • صالح بوقدير

    هذا هو القماش والعارضة الحقة مقصاة وما عداهافهم يسبحون في فلك واحد والشعب في خبر كان