إحصاء الأثرياء وتحديد هويّاتهم وممتلكاتهم!

شرعت الحكومة مجددا في إحصاء العدد الحقيقي لأثرياء الجزائر، بعد أن دخل الملف الثلاجة، عقب تجميد مقترح فرض ضريبة الثروة عبر قانون المالية لسنة 2018، وراسلت وزارة المالية وزارات العمل والتجارة والصناعة وصناديق الضمان الاجتماعي ومديرية الضرائب لجرد ثروات هذه الفئات وممتلكاتهم من عقارات وسيارات ومصانع بالدرجة الأولى، وتحديد مصاريفهم وفواتيرهم السنوية ونسبة الضرائب التي يسددونها.

كشف وزير المالية عبد الرحمن راوية في تصريح لـ”الشروق” عن إعادة فتح ملف إحصاء عدد الأثرياء في الجزائر، بعد عدول الحكومة عن قرار إدراج ضريبة الثروة في قانون المالية لسنة 2018، مشيرا إلى أن صعوبة الإحصاء حالت دون فرض الإجراء في الماضي، إلا أن عملية تحديد أثرياء الجزائر وقيمة ثرواتهم مستمرة، “ولكن هذه المرة بشكل مختلف، ولن تكون عملية الجرد حكرا على وزارة المالية وإنما تم تجنيد كافة الدوائر الوزارية والهيئات الحكومية المعنية للنظر في الملف” يضيف الوزير.

وقال راوية إن معرفة العدد الحقيقي للأثرياء في الجزائر، يقتضي تحديد الرواتب الشهرية لهذه الفئة، وجرد ممتلكاتهم من فيلات وعقارات وسيارات فارهة، وكذا تحديد نسبة مساهمة هؤلاء في تسديد الضرائب ومستحقات الضمان الاجتماعي، وأيضا دعمهم في تموين مختلف صناديق التضامن، إضافة إلى المصاريف التي ينفقها الأغنياء، والفواتير التي يدفعونها سنويا في الطعام والشراب والسفر والسياحة، وغيرها من الأمور التي تحدد درجة ثراء كل شخص مقارنة مع الآخر.

وأوضح وزير المالية أن وزارته لن تشتغل بمفردها هذه المرة، بل سيكون الأمر بالتنسيق مع مختلف الهيئات الحكومية والوزارات، على رأسها وزارة العمل والشغل والضمان الاجتماعي ووزارة الصناعة والمناجم، وكذا بالتنسيق مع المديرية العامة للضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و”كاسنوس” والبنوك ووزارة التجارة بمختلف هياكلها ومديرياتها على مستوى الوطن، في حين رفض الوزير تقديم تاريخ نهائي لاستكمال عملية الجرد، متوقعا أن يستغرق الأمر وقتا أطول مقارنة مع ما سبق وأن تم الإعلان عنه سنة 2017، بحكم أن مخابر وزارة المالية وحتى الحكومة، لا تريد أن تظلم أي جهة على حساب أخرى.

وشدد راوية في حديثه لـ”الشروق”، على هامش افتتاح معرض الإنتاج الجزائري بالعاصمة، الخميس، أنه حتى في حال تم استثناء 5 بالمائة من الأثرياء، بحكم تهرب البعض ولجوئهم إلى حيل لعدم الكشف عن ثرواتهم، فوزارة المالية قادرة على تحديد 95 بالمائة منهم على الأقل، الأمر الذي يعتبر خطوة إيجابية وهامة، وستقود بعد ذلك إلى اعتماد سياسة الانتقائية في الدعم الاجتماعي، إذ لن تكون الحكومة ملزمة بمعاملة الفقير والغني في الجزائر على حد سواء، ولن يستفيد بعد ذلك الأثرياء من أموال الخزينة العمومية.

للإشارة سبق أن ألغت الحكومة بناء على مقترحات لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني في نص مشروع قانون المالية لسنة 2018 مقترحا بفرض ضريبة الثروة، بعد عجز هذه الأخيرة عن تحديد هوية أثرياء الجزائر، الذين بقوا مجهولين لعقود من الزمن وزاحموا طيلة الفترة الماضية الفقراء في أموال الدعم، حيث واجهت الحكومة صعوبات تتعلق بالتصريح بالممتلكات من طرف الأشخاص الذين كان من المفروض أن يكونوا ضمن فئة الخاضعين للضريبة.