-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إذا ما سَألوا: بأي ذنب قُتلوا؟

عمار يزلي
  • 1000
  • 2
إذا ما سَألوا: بأي ذنب قُتلوا؟
ح.م

ولد العام الميلادي الجديد على فاجعة طيران مدني جديدة، ذهب ضحيتها 176 بريء، لا ذنب لهم سوى كونهم برمجوا رحلتهم من مطار الخميني إلى كييف، في نفس اليوم والساعة التي كانت فيها بوادر حرب بين إيران وأمريكا، على أهبة انفجار في أيّ لحظة. رحلة مدنية من عدة جنسيات، أغلبهم إيرانيون وكنديون، يقضون في واحدة من أسوإ الرحلات المدنية، التي فجِّرت بالخطإ في أوج أزمة حرب كانت على الأبواب، بعد تهديد أمريكا بضرب 52 هدفا إيرانيا، إن هي أقدمت وردّت على مقتل الجنرال سليماني. فعلتها إيران، وردت، لكن لم تستهدف قتل الجنود الأمريكيين، فقتلت مدنيين إيرانيين وكنديين وبريطانيين وضحايا من جنسيات أخرى!

خطأ بشري إيراني في الدفاعات الجوية المتأهبة لرد أي رد أمريكي، كلف مقتل هؤلاء الضحايا الأبرياء.

الكل بات الآن يندد بإيران، التي تتحمل بالتأكيد المسؤولية كاملة عما جرى، لكن لا أحد اتهم أمريكا بأن مقتل هؤلاء يعود أيضا إلى التأجيج والتهديد والتصعيد الأمريكي، وخلق بؤر توتر وحالة نفسية تفتح المجال أمام كل المغامرات وكل الاحتمالات والتقديرات وكل الحوادث، فالجنود مهما كانوا، هم بشرٌ ويخطئون التقدير ويتحملون تبعات خطئهم، لكن ألا يتحمل المتسبب في هذه الفاجعة مسؤولية أخلاقية كبيرة أمام الضمير الإنساني؟

هذه الحادثة، هي مجرَّد مثال على ما قد يحدث مستقبلا لا قدَّر له على حدودنا المضطربة في ليبيا. ألم يهدد التصعيد العسكري لقوات حفتر بالدخول إلى سرت وطرابلس وبقية المدن الغربية بقوة السلاح الجوي والطيران المسير والقوة البرية لفصائل من “الحشد” اللفيف الأجنبي الذي استقدمته أموال البترودولار؟ ألم يكن التدخل الجزائري في آخر المطاف هو ما أعطى الزخم الأقوى لتدخل القوى المتدخلة خارج الحدود من أجل الوصول إلى وقف سريع ونهائي لوقف إطلاق النار بين الفرقاء قبيل مؤتمر برلين؟ ألم يدخل الروس والأتراك بقوة في خفض التصعيد لولا تهديد الأتراك بالتدخل وتدخل الجزائر بالخط الأحمر، وفتح خطوط ساخنة بين كل الفاعلين عبر دبلوماسية الزيارات المدعومة بالاتصالات الهاتفية وعبر السفارات من أجل الضغط على الأطراف الليبية من أجل قبول الجلوس إلى طاولة المفاوضات من جديد؟ ألم يكن هذا استباقا لتصعيدٍ كان سيحرق المنطقة كلها، جوا وبرا وبحرا ورملا؟

حادثة “لوكربي” الثانية هذه، التي لم تكن وراءها ليبيا هذه المرة، لم تكن لتكون لولا المغامرة الأمريكية “المتحفترة” في العراق ضد إيران وسوريا. مغامرة غير محسوبة العواقب كانت ستدمِّر المنطقة، وانتهت بكارثة مدنية تتنصل أمريكا من تبعاتها وتحمِّل إيران كل شرورها وآثامها، وكأنها هي لم تفعل أي شيء. هكذا كانت تهديدات حفتر ستكون ذات يوم لو استمرت المغامرة العمياء.

الكارثة المروِّعة، التي لا مبرِّر فيها لأي خطإ بشري كان، التي تتحمَّل إيران كل تبعاتها وقد فعلت رسميا فيما لا تزال كثيرٌ من الدول التي أسقطت طائراتٍ مدنية ترفض الاعتراف إلى اليوم… هل من أحدٍ سأل: وأمريكا التي فجَّرت الأزمة باختلاقها أزمة ثم عدلت عن الرد مرغمة لا بطلة.. ألم يكن الأجدر بالرئيس ترمب الشجاع البطل القومي أن يتشجَّع ولم مرة ويعلن أنه يتحمَّل جزءا من المسؤولية الأخلاقية إزاء ما حدث؟

إنها الأزمة الأخلاقية العالمية التي صارت أخلاق من لا خلاق له في هذا الخلق…
ماذا نقول؟ نقول ما كانت جداتنا تقوله: الله يهدي ما خلق

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • مصطفى جلطي

    قضية تحطم الطائرة تتحمل مسؤوليتها الدولية الدولة التي غادرت منها بكل أدلة، ايران كان عليها أن تبعد هذه الحادثة لكي لا تعطي فرصة لاعدائها ان تنحرف عن الرد و إعادة الاعتبار في حق القائد العسكري الإيراني، لأن الو.م. ا تضع كل صغيرة و كبيرة لاستغلال الأزمة لتعزيز مواقفها بالمنطقة ...تحياتنا دكتور

  • جلال

    كلام صحيح ولكن الدول التي لا تتحكم في التكنولوجيا الحربية ما كان لها أن تقدم على شئ لا تستطيعه فلو أن الولايات المتحدة نفذت تهديدها ما كانت إيران قادرة على حماية أراضيها والدفاع عن نفسها بأسلحة غبية ويدوية كهذه وحتى القاعدة التي زعمت إيران ضربها (عين الأسد) موجودة في سوريا وليس العراق وبالتالي تحديد الهدف كان غير معروف وربما كانت كارثة لو ضربت أهداف مدنية على أنها الهدف المنشود