-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“إرهاب” الحجر!

“إرهاب” الحجر!

المشكلة في قضية تمثال عين الفوارة، ليست في هذا “الصنم” الجاثم على صدر مدينة سطيف، ولا في هذا النفر من “المجانين” الذين تركوا المدينة بما حملت، وامتهنوا طَرْق جسد “السيدة”، وإنما في الجدل، الذي أخذ أبعادا فقهية وثقافية وفلسفية عميقة وعقيمة، حتى تخال أن الجزائر التي هي بلد المليون ونصف المليون مشكلة، لا همّ لها غير “عين الفوارة”.
يروي كتّابُ السيرة النبوية كيف أمضى خاتم الأنبياء والمرسلين ثلاثا وعشرين سنة، في تحطيم حجر العقول الظالمة وأصنام الجهل، من دون أن يمدّ يده إلى تحطيم أصنام الحجارة، التي كانت موضوعة في قلب الكعبة، وعندما تمكَّن من العقول زالت الأصنام مع مرور الوقت، فلم تكن أبدا المشكلة مع الحجر، وإنا مع عبّاد الحجر. ويروي المؤرخون كيف فتح المسلمون مصر في عهد الفاروق عمر، فنقلوا مكارم الأخلاق والعدالة الاجتماعية، ولا أحد طالب بقصف أبي الهول أو أهرامات الجيزة بالمنجنيق، ويطلّ علينا أئمة هذا الزمن الحجري الجديد، من الذين لم يلتفتوا إلى ضياع الأمة التي صار بيتُها أوهن من بيت العنكبوت، ليفتوا بضرورة إبعاد هذا الصنم الصامت عن أعين هواة اللغو، وامتلاك مطرقة لدقّ رأسها بين الحين والآخر.
ونقرأ في سيرة المفكرين والفلاسفة المعاصرين، كيف يدافعون عن مقومات شعوبهم وضرورة احترام التقاليد، ولم نسمع عن مفكر فرنسي انتقد منع ارتداء النقاب في أرض فرنسا، أو دافع عن رفع الأذان في هذه المدينة الفرنسية أو تلك، بينما يخرج من يزعمون التحضر عندنا بالمرافعة للسيدة العارية التي لا تشبه أي سيدة جزائرية هنداما ولا مجلسا، من منطقة التوارق إلى بلاد القبائل، وفي الفريقين المتخاصمين لا شيء يعلو فوق جدال الحجارة.
أقيم تمثالُ عين الفوارة مع نافورة المياه في سنة 1898، في زمن الاستعمار الفرنسي، وقد مرّ بالمكان بكل تأكيد أبناءُ المنطقة من شيوخ ورجالات جمعية العلماء المسلمين وعلى رأسهم الشيخ البشير الإبراهيمي والشيخ الفضيل الورتلاني، ولم نسمع ولم نقرأ لأحدهم عن التمثال العاري، فقد كانوا جميعا منشغلين بالحجر الجاثم على العقول، ولا أحد من الشيخين -وكان كل منهما رحالة لا يتوقف عن زيارة أمصار الدنيا- طالب بإقامة تماثيل مماثلة في مدننا، إيمانا منهما بأن البلاد والعباد في حاجة إلى التحضُّر الحقيقي، وليس إلى نحت الحجر وتصوير أجساد النساء.
مشكلتنا في الجزائر، أننا نتحدث عن الحجر، بعقول متحجِّرة، ولا نفهم كيف سهر وزير الثقافة شخصيا على ترميم التمثال الذي كلّف أكثر من ثلاثة ملايير سنتيم، وغفل عن التراث الباديسي الضائع في قسنطينة ومؤلفات مالك بن نبي المحجوزة لدى بعض الناس في العاصمة وفي باريس، ولا نفهم كيف يشبّه البعض تمثال عين الفوارة بـ”اللات والعزى” ويعلن لأجلها “الزحف” ويبارك هذه المطارق التي نطحت رأسها وهتكت جسدها وكأنه نصرٌ كبير، في زمن حجري، تشابه فيه النقيض بالنقيض في طريقة التفكير المتحجر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
12
  • شخص

    حزب فرانسا يريد فرض العري و التعرّي بالقوة على الشعب الجزائري المسلم، و ما هذا التمثال إلاّ حيلة من حيله القذرة.

  • مهدي

    واما اهرامات مصر فاغلبها اكتشف حديثا او كان مطمورا تحت رمال ناهيك عن عدم دخولهم اهرامات ومعابد لما امر به رسول في حال دخولهم لها ان يدخلوا باكين كاليصابو بما اصابهم واخرى لم يستطيعوا هدمها ومما يدل على ذلك ما ذكره ابن خلدون في ( المقدمة ص 383) أن الخليفة الرشيد عزم ‏على هدم إيوان كسرى، فشرع في ذلك وجمع الأيدي، واتخذ الفؤوس، وحماه بالنار، ‏وصب عليه الخل، حتى أدركه العجز وأن الخليفة المأمون أراد أن يهدم الأهرام في مصر ‏فجمع الفعلة ولم يقدر.‏

  • مهدي

    واذكر في صغر حينما رأيت تمثال يجسد عورة رجل فصدمت وقلت في نفسي اليس حرام وعيب وصار وجهي احمر لانها اول مرة لي ارى عورة احد ولو كان تمثال حتى تشكل الي اعتقاد فيما بعد وفي بادئ امر انه حتى لو اظهرت عورتي امام ناس فليس عيبا مداموا يشوفوا صور هاته تماثيل كل يوم فما فرق بين هذا وذلك؟ حتى قال الي افراد عائلة انها حرام وتعود للكفار وسألتهم لما لايهدمونه فلم يقنعني جواب كنت حاسب روحي عايش زمان اسلام واخلاق هي كل شيء لكن للاسف

  • لوي

    عين الفوارة ثمثال ليس صنم ، و لا تتكبر على السلفي الذي حطمه لاته صادق ، بينما انت تبرر الفعل بالفزلكة اللغوية ، قال صنم و عصر حجري ـ

    انتم هم العصر الحجري

  • منور بعرورة

    كلام الصحفي سليم الى حد كبير وقصة القروي والتمثال التي ذكرها القارئ المحترم قويدر الزدام نحفظها عن ظهر قلب منذ نعومة اظافرنا وهي للكاتب الشاعر النحات الرسام الاعجوبة//** جبران خليل جبران//** ابن لبنان جنة سماء. والبغال والحمير والنغال والتيوس لا يصل صخبها للسماء وقديما قال شاعر جزائري//** هل ياتيك البغل يوما بمسرة وله نصيب من الحمار//**.هذا العمل التخريبي له خلفيات وتصفية حسابات مع الاديب والشاعر عزالدين ميهوبي وزير الثقافة وهو ابن عائلة متدينة عروبية فابوه شغل اماما ومدرسا ومديرا للشؤون الدينية وجده الشيخ الدراجي كان عضوا بجمعية العلماء المسلمين ورفيقا للشيخ بن باديس.حسدوا حتى انوثة الحجر.

  • RG

    هذه منحوتة فنية
    الأصنام هي تلك الأحجار التي تعبد
    حتى وإن كانت عبارة عن أفكار
    إذا أردت أنا التفاعل مع غباء الأمة الإسلامية
    أطرح عليهم سؤال بسيط
    لماذا قام رسولكم محمد بتكسير الأصنام عند الكعبة
    فسوف يكون جوابهم لانها العرب كانت تتخذهها آلهة لتعبدها
    ثم أعد و أطرح عليهم سؤال بسيط
    لماذا يحاول البعض أن يكسر تلك المنحوتة الفنية في عين الفوارة
    عليك أن تتخيل الجواب لأنه سيكون عبارة عن أجوبة عديدة
    عفونا

  • صنهاجي قويدر

    إذا كان الوقت غير مناسب لإزالة الأصنام فلا يعني أن نهون من أمرها فالدين الإسلامي يأمر بطمسها ، والله جل جلاله يتوعد من يصنعها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله ) رواه مسلم . وغيره ، ولعل مدينة الأصنام التي تحطمت بفعل الزلزال الذي نبه المسؤولين فغيروا اسمها إلى مدينة الشلف حاليا بدل الأصنام ، وتحية إكبار وإجلال لصاحب الفكرة وقد يثاب إن شاء لله على حسنته ، فأيضالا نريد ان يطل علينا إنسان يدعي ان من يحرم المضاهات بخلق الله من العصر الحجري ، "مالكم كيف تحكمون " سورة القلم ،الآية 36

  • البشير

    ونحن لم نفهم: هل التمثال "صنم جاثم على صدر المدينة" يجب إزالته،أم يجب أن نكسر المطرقة التي تتربص به؟ وإذا لم نهلل "للمجانين" أصحاب "المارطو" وللفتاوى الساذجة لأئمة جهلة هل يجب لوم الوزير والمدافعين عن التمثال بحجة أن ناحته فرنسي و"الحجر" لا يشبه الجزائريات ؟ثم هل لأن مشاكلنا متعددة يجب أن لا ننحت ونغني ونرسم ...أي نلغي الثقافة والابداع
    المسألة واضحة : هناك إيديولوجيتان، الواحدة تعرقل التقدم والحضارة وتجر الى الموت ولك في داعش المثل الحي، وأخرى تنشد النهوض والتطوير والابداع و تغيير انماط السلوك، و تبديل النظرة الجامدة الى الاشياء والكون والحياة الى نظرة تفاؤل وحيوية . نقطة.

  • قويدر الزدام

    قصة القروي والتمثال ماهي الا قصة رمزية أراد صاحبها الحكيم أن يكشف لنا زيف مجتمعاتنا المنافقة ويكشف لنا التناقض فيهم وفي قيمهم فيسخر من القروي الساذج الذي باع تمثالا ثمينا بدينارين ليتفرج عليه وخلال هذا النقد يصف لنا أغوار النفس البشرية وسيئات الناس كالتكبر والادعاء الفارغ والغرور والثرثرة

  • قويدر الزدام

    نقل التمثال على ظهر فيل وذهب رجل الروابي الى المدينة في زيارة وفيما هو يجوب شوارعها وقع نظره على جمهور من الناي ورجل يصرخ ( تعالوا وادخلوا فهاهنا أجمل وأعجب تمثال في العالم يمكنكم بقطعتين فقط من الفضة أن تشاهدوا أبدع ما صنع أستاذ في فن النحت وعند ذاك دفع القروي قطعتين من فضة ليشهد التمثال فإذا هو ذاك الذي كان قد باعه بقطعة واحدة من الفضة !

  • قويدر الزدام

    مما يروى يا استاذ عبد الناصر انه في قديم الزمان كان ثمة رجل يعيش فوق الروابي ولديه تمثال نحته أحد النحاتين القدامى ولم يكن يعيره أدنى إهتمام وذات يوم مر بمنزله رجل من المدينة كان ذا بصر ومعرفة أراد أن يشتري التمثال ضحك القروي صاحب التمثال وقال ( أتود شراء هذا الحجر الكاسد؟)
    قال ابن المدينة :أعطيك هذه القطعة الفضية لقاءه......ودهش الرجل وطار من الفرحة

  • محمد

    ادور الإعلام هو محاربة التحجر في العقول و في الأماكن العمومية و تنوير الناس و ليس الدفاع المستميت عن الحجر. انتم يسمونكم السلطة الرابعة كلامكم و كتاباتكم تنشر في كل الجزائر. علموا الناس أن الأصنام لم تكن يوما من هدي النبي صلى الله عليه وسلم. فقد هدم أصنام الكعبة لما تمكن منها كما هدمها إبراهيم الخليل ووضعه قومه في النار بسببها . لا تلبسوا على الناس. لا نريد أصناما لا للأمير و لا لغيره فما بالك بجسد عار . قولوا كلمة حق أو اصمتوا. والسلام.