إسماعيل نوري.. الأوراسي الذي سكن قلوب الناس وانشغل بهموم الأيتام والفقراء

استعاد سكان آريس بباتنة، بكثير من الحزن والحنين، ذكرى وفاة الأستاذ إسماعيل نوري الذي يعد محبوب جميع فئات المجتمع، بالنظر إلى شعبيته وحركيته وسعيه إلى الدفاع والوقوف مع الفقراء وأرامل الشهداء وجميع المحرومين، ناهيك عن تنوع أنشطته المهنية والإبداعية، حيث اشتغل أستاذا في مادة الإنجليزية بالطور الثانوي، ومارس الكتابة الصحفية، كما يعد حكما دوليا لرياضة الدراجات الهوائية. ما جعل إسماعيل نوري المدعو “تكوكور” يخلف فراغا كبيرا في المجتمع الآريسي، وهو الذي وافته المنية شهر نوفمبر 2011 عن عمر يناهز 58 سنة.

تقول الكاتبة والروائية المعروفة فضيلة الفاروق عن الأستاذ الراحل إسماعيل نوري: “الجميع يعرفه، وحين يمر بدرّاجته النارية، يصرخ الأطفال باسمه ويركضون خلفه، كان يلوح لهم وهو يضحك. كانت ضحكته وتلويحة يده لا تشبهان ضحكة أحد ولا تلويحة أحد… كانت هناك طيبة فوق العادة تنبعث من كل حركة عفوية يقوم بها… والآن وأنا أتخيله يقطع بدرّاجته نحو السماء ويلوح لي، لا أراه سوى مبتسما ابتسامته الشهيرة التي تفيض حنانا، لم يكف أبدا عن فعل الخير والركض لأيتام المنطقة، ولكل من يحتاج لمساعدة”. وفي السياق ذاته، تؤكد فضيلة الفاروق المقيمة حاليا في بيروت أن القصة بدأت حين ترك شهيد طفلا يتيما اسمه إسماعيل نوري، عاش كما يعيش الأيتام، وكما عاش أبناء الشهداء في منطقة منسية مثل آريس، مثل كل القرى وبلدات الأوراس الأشم، مضيفة بالقول: “عاش فقيرا ومات فقيرا، لكنه كان طفلا ذكيا، وله قلب ينبض بالمحبة والمشاعر النبيلة… سنعرف فيما بعد أن يتمه المبكر أثر فيه طيلة حياته، لهذا كانت كل أنظاره متوجهة للأيتام حوله، ولعل مرتب تقاعده كان يذهب أغلبه لهؤلاء الأيتام، عدا المساعدات التي تأتيه من هنا وهناك وكان يوزعها بنفسه”.

لبس ثوب الرحالة.. يتقن عدة لغات ومغرم برياضة الدرّاجات

يجمع سكان آريس بأن الأستاذ والحكم الدولي في رياضة الدرّاجات الهوائية إسماعيل نوري على شعبيته وروحه المرحة التي أكسبته محبة الكبير والصغير، فقد ظل وفيا لدرّاجته النارية من نوع “قالمة” ويده مرفوعة دائما لتحية المارة بعبارة “هالاو هالاو”، مثلما كرّس حياته كأستاذ في مادة اللغة الإنجليزية بثانوية محمد يكن الغسيري بآريس. وفي السياق ذاته يعد من أبرز الحكام الدوليين في سباق الدرّاجات والمعلقين الناشطين في هذا الجانب، ما سمح له بحضور دورات معروفة في مختلف دول العالم، إضافة إلى شغله منصب عضو فدرالي في اتحادية سباق الدرّاجات، وكذا إتقانه لعدة لغات أجنبية، مثل الفرنسية والاإنجليزية والألمانية والاِيطالية والاِسبانية واليونانية.

وسجل ابن آريس إسماعيل نوري حضورا فعّالا في الدورات الدولية التي جرت في المشرق العربي ودول أوربا وأمريكا إضافة إلى جنوب إفريقيا. وفي هذا المجال يقول الأستاذ نور الدين برقادي: “في هذه المدينة، إذا صادفت شخصا يركب درّاجة نارية من نوع “قالمة” ويحيي كل من يصادفه بابتسامة عريضة؛ فهذا الشخص هو الأستاذ إسماعيل نوري، أستاذ اللغة الإنجليزية بثانوية آريس (سابقا). إسماعيل نوري، كان يجمع بين عدة عوالم؛ فهو حكم دولي في رياضة الدرّاجات الهوائية ومراسل لإحدى اليوميات المفرنسة. الثانوية التي درّس بها الأستاذ نوري ودرست فيها الروائية فضيلة الفاروق”.

طيبته أكسبته محبة وتقدير الكبار والصغار

فيما يتحدث حسين من باتنة عن أستاذه في الثانوي قائلا: “من منا لا يعرف إسماعيل نوري (توكور)، صاحب القلب الكبير الذي سخره الله لخدمة البسطاء، فبسمته وحيويته توحيان بالكثير من الأمل رغم بساطته، في مشهد قد لا يتكرر ويستحيل أن يسند لغيره وهو يحيي جميع المارة كبيرا وصغيرا ممتطيا درّاجته النارية من مقر سكناه حتى الثانوية، ملفتا انتباه الجميع خاصة في الصباح والطريق تعج بالطلبة متجهين للتمدرس، الكل ينتظر مروره. كم أنت عظيم يا أستاذي الكريم، أمضينا معه أمتع الأوقات في الثانوية كنا ننتظر حصته بفارغ الصبر لتخفيف الملل وكسر الروتين”. أما الأستاذ محمد الشريف بغامي فيقول: “إسماعيل نوري رجل مثقف، مسالم، حليم، خدوم، ضحوك، منفتح على الآخر، يحب الخير لكل الناس.. يناقش، يحلل ويستنتج.. يحب كثيرا الثائر البطل مسعود بن زلماط وما كان له من مواقف وأعمال بطولية.. هل لمحبيه وطلبته إمكانية جمع مآثره في كل الميادين؟؟ وإعداد مؤلف حول مسيرته العلمية، المهنية والثقافية…”.