-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إغلاق باب الاجتهاد خارج المسار الدستوري

حبيب راشدين
  • 375
  • 0
إغلاق باب الاجتهاد خارج المسار الدستوري
ح.م

من دون أدنى تردد، حسمت قيادة الجيش الجدل حول المرحلة الانتقالية بإعادة التأكيد على حرص المؤسسة على الانتقال بالبلد تحت سقف الدستور القائم، ورفضها مرافقة أي مسار آخر يُخرج البلد من سِعة ما هو متاح، إلى ضيق خيارات مفتوحة على المغامرة، مع توجيه ثلاث رسائل قوية للحراك وللطبقة السياسية ولطرف ثالث متهم بمحاولة إطالة عمر الأزمة.

الرسالة الأولى: أعادت تأكيد حرص مؤسسة الجيش على التمسك الشديد بـ”المخارج القانونية والدستورية لحل الأزمة التي تمر بها الجزائر” قال عنها رئيس الأركان أنها من المبادئ الثابتة التي “لا سبيل أبدا إلى التخلي عنها، ولا نملّ إطلاقا من ترديدها وإعادة ترديدها بكل ثقة وعزم” يأتي على رأسها منح الأولوية لـ”الإسراع والتعجيل في انتخاب رئيس الجمهورية في الأوقات والآجال المتاحة دستوريا والمقبولة زمنيا” آجال قال عنها إنها قد “وصلت اليوم إلى حدودها القصوى” وتوجب على الجزائريين “أن يبحثوا الآن، نعم الآن، عن أنجع الطرق إلى بلوغ ذلك” وأن الطريق الموصلة إليها “لا يتم إلا بالحوار الذي تُرضي نتائجُه أغلبية الشعب الجزائري”.

في ثلاث جمل حسم رئيس الأركان الموقف، بإضمار رفض المؤسسة مرافقة أي مسار يقود البلد خارج الدستور ومخارجه القانونية، وحدد الأولوية في الإسراع بملء موقع السلطة الأول بالرئاسة، مع الانفتاح عبر الحوار على كل ما من شأنه أن يساعد “على تجميع كافة الشروط الضرورية لتنظيم انتخاب تعددي، تسبقه نقاشاتٌ بناءة وحوار رزين ورصين، يكفل للمواطن منح صوته لمن يعتبره قادرا على قيادة البلاد”.

ولأول مرة تأتي خارطة الطريق التي تعمل عليها مؤسسة الجيش منذ خطاب قائد الأركان بتاريخ 16 أفريل، بالتمييز بين واجبات ومهام المرحلة الانتقالية: (الإسراع بملء موقع الرئاسة مع توفير أفضل الشروط لهذا الاستحقاق عبر الحوار، ومواصلة عملية محاربة الفساد وملاحقة المفسدين عبر آليات القضاء) وبين مضامين الإصلاحات، قال عنها رئيس الأركان، إنها مهام تعود “لرئيس الجمهورية الجديد ودون غيره” تكون محل تنافس بين المرشحين وعلى أساسه ومضمونه ” يتم انتخابه من طرف الشعب الجزائري”.

الرسالة الثانية: أعادت التأكيد على حرص المؤسسة على “مرافقة العدالة وعن قناعة تامة، وحس رفيع بالواجب، وحمايتها حماية كاملة من أي مصدر كان، بما يسمح لها بالقيام بدورها التطهيري على الوجه الأصوب، من خلال إخراج كافة الملفات ومعالجتها بكل عدل وإنصاف مهما كانت الظروف والأحوال، وبما يكفل بالتالي مثول كافة الأشخاص المفسدين مهما كانت منزلتهم الوظيفية والمجتمعية”، ولمن لم يُحسن قراءة الموقف، يقول رئيس الأركان إنه: “لا حدود لنطاق مكافحة الفساد، ولا اسـتـثـناء لأي كان”، حتى تخليص البلد من “دنس الفساد والمفسدين قبل إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة” بما يعني أن المؤسسة ترى في مواصلة عملية التطهير من الفاسدين واحدا من أهم شروط إنجاح الاستحقاق الرئاسي القادم، وهو ليس محلّ مساومة أو تأجيل أو تفاوض.

الرسالة الثالثة: حملت تشخيصا دقيقا لِما كان يعاني منه البلد من أزمة اقتصادية، كان السبب الرئيس فيها “تسييرياً في المقام الأول” صار فيه المال العام “عبارة عن مال مشاع، بل ومباح يغترفون منه كما يريدون ووقت ما يشاؤون ودون رقيب ولا حسيب” وقد وصفه رئيس الأركان بـ”التسيير غير القانوني” الذي سمح بخلق “مشاريع عقيمة وغير مفيدة أصلا للاقتصاد الوطني، تم منحُها بأشكال تفضيلية، وبمبالغ مالية خيالية في صيغة قروض”، فكان من نتائج هذا التسيير غير القانوني “تعطيل وتيرة التنمية في الجزائر”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!