-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إفطارٌ على كوب.. نفط!

إفطارٌ على كوب.. نفط!
أرشيف

حاول السيد عبد المؤمن ولد قدور، مدير شركة سوناطراك، تبرير شراء الجزائر مصفاةَ تكرير نفط، من بلد أوربي جنوبي، لم يسبق له أن استخرج قطرة بترول من أرضه وهو إيطاليا، وبمبلغ لا تقوى عليه أكثر بلاد المعمورة ثراءً، فقدّم أرقاما وتفسيرات ميتافيزيقية، ودعّمهما بتدخل أقرب المساعدين إليه، ليروي لنا قصة البؤس الجزائري مع ثروة النفط التي سجنتنا بين قضبانها، حتى ونحن نتخبط في أزمتي بداية جفاف حقول النفط، ونضب مليارات الدولارات من احتياطي الصرف، الذي بلغ سنة 2014، قرابة مائتي مليار دولار.
لقد أكدت مديرية الجمارك في آخر إحصاءاتها أن فاتورة الاستيراد في النصف الأول من السنة الحالية، لم تختلف عن الرقم المسجل في نفس الفترة من السنة الماضية، وهو ما يؤكد أن السلطة عندنا، تُلدغ من الجُحر عدّة مرات غير آبهة بتحذير رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، ولا تلِد فيها الأزمة أيّ هِمّة عكس ما أقرّ المفكر جمال الدين الأفغاني، ولا تُحوّل المحنة إلى انتصار، كما كان يوصي نابليون جيشه وشعبه، كما أكدّ الأسبوع الأول من شهر رمضان أن الشعب، لا يدرك وربما لا يريد أن يدرك حجم المخاطر التي تحيط به، وغير قارئ جيّد للتاريخ الحديث الذي ارتبطت فيه أزماتنا الاجتماعية والسياسية والأمنية دائما بالهزات النفطية، فأطنان من الرغيف ترمى يوميا مع القمامة، وما يستهلكه الصائم لا يستهله أكثر الناس شهية وشراهة وجشعا. وعندما نعجز، سلطة وشعبا، عن استرجاع هِمّتنا في عز الصيام، بعد حالة الثمالة التي عشناها عدة عقود، فمعنى ذلك أننا في حالة إدمان على نخب النفط، ولا نريد صحوا أو صحوة أو إصحاء أو صحة.
تتهيأ للجزائريين سواء في القمة أم القاعدة، نماذج من حكومات وشعوب كان يُنعش أرضها غيثٌ من النفط، مثل إندونيسيا وهولندا والبرازيل والصين وماليزيا، ولكنها استشعرت الخطر، وباشرت إصلاحات كبيرة مكّنتها من التحرّر من قبضة النفط، وتتوفر لنا نماذج من داخل الوطن، تؤكد أننا لو أردنا لاستطعنا، من خلال بعض الشباب والمؤسسات التي نجحت في بلوغ القارات الأخرى، بقليل من الجهد والتفكير والإرادة، ومع ذلك نبقى ننتظر معجزة تعافي أسعار النفط التي قاربت ثمانين دولارا في الأيام الأخيرة، ومزيدا من اكتشافات البترول أو الغاز الصخري في صحرائنا، التي بقيت صحراء قاحلة، أقرب إلى الجحيم بحرارتها وهروب الناس منها وإهمال المسؤولين لها، وهي الجنة التي تجري من تحتها أنهارٌ من البترول والغاز.
كل الأرقام التي تتفضل بها مختلف المصالح تبيّن أننا تحت سلطة النفط، لا نأكل إلا ما يغرسه غيرُنا، ولا نلبس إلا ما تنسجه بقية الشعوب، وعندما يجلس الصائم الجزائري أمام مائدة الإفطار عليه أن يُدرك أن “الشربة” و”البوراك” والحليب والعصائر وكل ما لذّ وطاب واشتهاه، إنما هي قادمة من وراء البحر، وأنه بصدد تعاطي كوب من.. نفط!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • عبد المالك - الجزائر العميقة

    يا ريت كان كوبا من النفط.. .. إن كل ما نأكله ونشربه ونستعمله في شؤوننا اليومية ملوث أومسرطن ، المشروبات الغازية مواد التلوين فيها مسرطنة ، مواد النظافة مواد التجميل ..هذا مما يأتينا من وراء البحر أما عن البضاعة المحلية فنحن نأكل البغال والحمير والبيض الفاسد والماء الملوث والدلاع المسقي بالقاذورات وزيد وزيد ... أصبحنا لعبة في يد مافيا مجهولة وأفلت مصيرنا من بين أيدينا ومن كان كذلك فالموت البطيء ينتظره .. وصدق من قال : نعيب زماننا والعيب فينا* و ما لزماننا عيب سوانا.
    و نهجوا الزمان بغير ذنب* و لو نطق الزمان لنا هجانا

  • الطيب / الجزائر

    مختصر وجودنا و حياتنا منذ عقود....=> أمة مسجونة داخل برميل نفط تتكور و تتدحرج بتدحرجه إلى أن يشاء الله !!

  • ضائع الانصاف

    أمة لا مبرر لوجودها فوق الأرض. فلا... في أمة تأكل مما لا تنتج وتلبس مما لا تنسج . إنها أضحوكة بين الأمم، ويا بوعلام زيد لقدام.