-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إلاّ ديني وصلاتي وقرآني وأذكاري

سلطان بركاني
  • 817
  • 2
إلاّ ديني وصلاتي وقرآني وأذكاري
ح.م

كثيرا ما توسوس النّفس لصاحبها في أعقاب مواسم الطّاعات، بأنّه قد أدّى ما عليه، وآن الأوان ليريح نفسه ويرخي لها العنان لتأخذ حاجتها من اللّهو والرّاحة، وليس من الحكمة أن يقمع العبد المؤمن نفسه، ويخالفها في كلّ طلبها، ويعرض عن كامل رغبتها، إنّما ينبغي له أن يمتّع نفسه ويجمّ فؤاده، بشرط أن يجعل لنفسه حدودا لا تتعدّاها وخطوطا حمراء لا تتجاوزها، حتى لا تستمرئ البعد عن الطّاعات، وتركس في الغفلة وتتضمّخ بالمحرّمات.

العبد المؤمن الذي يرجو الله والدّار الآخرة، يجعل لنفسه حدا أدنى من الطّاعات لا يسمح لنفسه بأن تنزل دونه، ويجعل للشّيطان خطّا أحمر لا يسمح له بتجاوزه، وإذا كان بعض النّاس يرفعون شعار: “إلا خبزة الأبناء”، فإنّ العبد المؤمن الذي يرجو لقاء الله يرفع مع النّفس والشّيطان شعار: “إلاّ ديني وصلاتي وقرآني وأذكاري”.. مهما قدّم من طاعات وقربات، فإنّه لا يغترّ بعمله ولا يسمح للعجب بأن يتسلل إلى نفسه، بل ينظر إلى طاعاته دائما بعين النقص.. مهما قدّم في رمضان وفي غير رمضان من أعمال صالحة، فإنّه يحذر العجب على نفسه أن يحبط عمله، ويتّهم نفسه بالتقصير ويقنعها بأنّ عمله هو الأقلّ بين أعمال النّاس من حوله، وربّما تُقبل أعمال النّاس كلّهم ويردّ عليه عمله، وقد أُثر عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قال: “سيّئة تسوؤُك خيرٌ عند الله من حسنةٍ تُعجبك”، وقال ابن عطاء الله السكندري: “ربما فتح الله لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول، وربما قدّر لك المعصية فكانت سببًا في الوصول، ومعصية أورثت ذلاًّ وانكسارًا خيرٌ من طاعة أورثت عُجبًا واستكبارًا”.

العبد المؤمن يستصغر عمله ويخشى عليه عدم القبول، ويستعين بالله ويتذلّل إليه أن يثبّت قلبه ويدعو كثيرا بقول الله: ((رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا))، ويسأل الله أن يعينه ويوفّقه للمزيد من الطّاعات، ويتعوّذ بالله من العجز والكسل. فهذا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، رغم عصمة الله له وتعلّق قلبه بالطّاعات، إلاّ أنّه كان كثيرا ما يتعوّذ بالله من العجل والكسل، كيف بمن هم دونه؟ كان -صلوات ربّي وسلامه عليه- يتعوّذ من العجز والكسل مع تعوّذه من الأسقام، فيقول: “اللهمّ إنّي أعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من القسوة والغفلة والعيلة والذلة والمسكنة، وأعوذ بك من الفسوق والشّقاق والنّفاق والسّمعة والرياء، وأعوذ بك من الصّمم والبكم والجنون والبرص والجذام وسيّئ الأسقام”.

ولعلّ من أكثر الأوقات التي يحتاج فيها العبد المؤمن إلى ترديد هذا الدّعاء، الأيام والأسابيع التي تعقب رمضان، حيث تميل النّفس إلى التّكاسل عن كثير من الطّاعات، وقد تصل بصاحبها إلى ترك الفرائض أو التّهاون فيها.. والعجز والكسل –خاصّة- من أكثر الأمراض المهلكة التي ينبغي لكلّ عبد مؤمن أن يتعوّذ بالله منها في كلّ الأوقات، وخاصّة بعد مواسم الطّاعات؛ والكسل هو قدرة البدن وعدم رغبة القلب، بينما العجز هو رغبة القلب وعدم قدرة البدن، والتعوذ منهما يحيي القلب وينشّط البدن.

ومع سؤال الله الثبات واتّهام النّفس بالتقصير والتعوذ بالله من العجز والكسل، ينبغي للعبد المؤمن أن يكون أحرص ما يكون على الاستعانة بالله واللّجوء إلى حوله سبحانه وقوته، فلا ثبات على الطاعة ولا استقامة على دين الله إلا بحول الله وقوته. يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “لا حول عن معصية الله إلا بعصمتِه، ولا قوة على طاعتِه إلا بمعُونته”.

وهكذا؛ بسؤال الله الثبات، وبالحرص على اتهام النفس والعمل، والاستعاذة بالله من العجز والكسل ومن الحور بعد الكور والضلالة بعد الهدى؛ يوفّق العبد المؤمن بإذن الله إلى الاستمرار على الطاعات والثّبات عليها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • يوبا الاول

    اللهم انصر اخواننا بغزة العزة المحاصرة رمز التضحيات والايمان والاسلام والشرف والكرامة والاخلاق.
    اللهم انصر اهلنا بغزة اخواننا المسلمون المقاومون المكافحون المجاهدون احباب رسول الله عليه الصلاة والسلام -نسهم كثير من الناس من يدعي الخوف من الله -
    اللهم انصر اهلنا بغزة المحاصرون منذ 20 سنة -حصار الاملم والجوع والموت البطيء- المرابطون حول اكناف بيت المقدس لا يهمهم المنافقون من حولهم ولا الخونة من ملوك الخليج وعلماء الوهابيةو السلفية الصهاينة عملاء امريكا واوروبا الكافرة

  • أبو نوفل

    بارك الله فيك على هذه الإفادة...وإلى الأمام ...لا رجوع