-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

.. إلا في رمضان!

جمال لعلامي
  • 645
  • 0
.. إلا في رمضان!
أرشيف

إلى أن يثبت العكس، لا أدري مثلما لا تدرون، لماذا كلما عاد رمضان، لا نصبح نتحدث إلاّ بلغة “الكروش”، فلا حديث يعلو على لغة “البطيخ” والأسعار واللحوم والخضر ة والفواكه و”الشوربة” و”الزلابية” وقلب اللوز والمطلوع والخبز السخون والحشيشة والمعدنوس، ومختلف الأطباق التي تجعل غير الصائم يسيل اللعاب وتـُثار شهيته في شعبان ورمضان!
وكأننا لا نأكل إلاّ في رمضان، مثلما لا يصوم أغلب الناس إيمانا واحتسابا إلاّ في رمضان، ولذلك الجميع، حكومة ومعارضة وأحزابا ومواطنين وجمعيات ومجتمعا مدنيا، لا يتكلمون إلاّ عما يدخل البطون، ولا يتذكرون المساجد إلاّ بعودة رمضان، ولا يذكرون الأسواق بانتظام إلاّ إذا عاد رمضان، ولا ينتظمون في أوقات الدخول والخروج من العمل إلاّ في رمضان، ولا ينامون إلاّ في شهر الصيام والقيام، فلا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم!
للأسف، حتى التجار عديمو الذمة، لا يشتغلون بشراهة إلاّ في شهر التوبة، ولا يستيقظ “السرّاق” عبر الأسواق الشعبية إلا في رمضان، حيث يُدخل الجميع أيديهم وأرجلهم في جيوب الزوالية، لنهب ما تبقى من دنانير ناجية من أجرة لم تعد تكفي إلا لسدّ رمق الأطفال من الخبز “اليابس” والحليب “الفايح”!
الأئمة، كذلك، لا يركزون على النصائح والإرشادات، مثلما يفعلونها في رمضان، كما لا تمتلئ الجوامع مثلما تمتلئ في رمضان، ولا يتكاثر الخير والبرّ والإحسان إلاّ في شهر الغفران، ولا تنتشر الجمعيات الخيرية في الطرقات ومطاعم الرحمة لإجبار الصائمين المتأخرّين على الإفطار في موائد الطرق السيّارة، إلا في رمضان!
وزارات التجارة والفلاحة والتضامن، هي الأخرى لا ترفع وتيرة النضال إلاّ في رمضان، فتجنّد فرق المراقبة وقمع الغش وأسواق الجملة وقفف رمضان ومساعدة المعوزين، إلا في الشهر الفضيل، مثلما “لا تتوب” البلديات إلا في رمضان، فتتذكر من خلال أميارها كلّ الفقراء والمحتاجين، وإن كانت شبهة “البزنسة” تحوم دائما عند أبواب المجالس “المخلية”!
حتى البخلاء من الأزواج الرجال، لا يتردّدون على الأسواق والمحلات، مثلما يفعلونها في رمضان، وكذلك بعض الزوجات لا يتفنّن في الطبخ وتزويق الموائد وإرضاء العائلة إلاّ في رمضان، والكثير من العائلات لا تتعوّد على صلة الرحم إلاّ في رمضان، ولا تتقدّم بتوجيه الدعاوى للضيوف من أجل الإفطار أو سهرات الشاي والمكسرات، ولا تتزاحم حول التلفزيون إلاّ في رمضان!
الحمد لله، أن كلّ هذا يحدث في رمضان، وشهر من الخير والعبادات والتضامن والتعاون والمودّة والعادات والتقاليد، خير من 11 شهرا تتناقص فيه الخيرات، وإن كان للأسف، حتى في الشهر الكريم، هناك ممارسات غريبة، تصل إلى حدّ “أكل رمضان” والعياذ بالله!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!