-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اجتماع الثلاثية: هل تجدي مقاربة الأجور مقابل المطالب؟

بشير مصيطفى
  • 4149
  • 0
اجتماع الثلاثية: هل تجدي مقاربة الأجور مقابل المطالب؟

تستعد أطراف الثلاثية للاجتماع، اليوم الخميس، في فرصة أخرى لضبط الوضعية الاجتماعية للعاملين في غياب لشريحة واسعة منهم، أي أولئك المنضوون تحت مظلة النقابات المستقلة.

  • وكان رئيس نقابة مستقلة كبيرة للوظيف العمومي أشار من باريس، بداية الأسبوع، إلى أن منهجية الحوار بين الحكومة وشركائها الاقتصاديين والاجتماعيين لا تبعث على التفاؤل والدليل على ذلك هو رقم الاحتجاجات التي مازالت تتصاعد وسقف المطالب التي لاتزال تتزايد، بل زاد قائلا بأن الأيام القادمة ستشهد موجة أخرى من المسيرات السلمية للاحتجاج ضد السياسات الحكومية في البلاد.
  • فماهي حظوظ نجاح لقاء الحكومة مع الباترونا وممثلي الاتحاد العام للعمال الجزائريين اليوم الخميس؟ وهل حقيقة استنفدت السلطات العمومية في البلاد جميع أوراقها لحمل الشركاء الرسميين وغير الرسميين على الرضا بما اقترحته وتقترحه القطاعات الوزارية من حلول لتحقيق الوفاق بين الأطراف كلها؟
  • قبل عشرين سنة كانت الثلاثية
  • منذ عشرين سنة والحكومة تجتمع مع شركائها الاجتماعيين، وفي كل مرة ترفع السلطات من عتبة الأجر الأدنى المضمون حتى بلغ 15 ألف دينار، ولكن الوصول إلى هذا الرقم – على الرغم من تواضعه مادام أنه لا يتعدى 150 أورو – تطلب عشرة لقاءات كاملة منذ العام 1991 شهدت بعده الأسعار عند الاستهلاك قفزات أكبر بكثير من زيادة الأجور، ما يعني أن مقاربة زيادة الأجور مقابل المطالب لا جدوى منها والدليل على ذلك هو الحالة التي لايزال يعيش عليها 2 مليون متقاعد جزائري بعضهم مازال خاضعا لتدابير سنوات السبعينيات، وأن المطلوب مقاربة مختلفة تتعدى كتلة الأجور إلى تأمين كرامة العيش. وتنوي الحكومة حاليا زيادة معاشات المتقاعدين ولكن عبر صندوق ضبط التقاعد الذي يقتات من ايرادات النفط وليس من القطاع الاقتصادي المبني على إنتاجية الفئة النشطة، وإذا علمنا أن 15 بالمائة من الفئة المذكورة تتبع قطاع الادارة وليس قطاع الاقتصاد لأمكننا تصور العبء الذي سينجر عن مقاربة الأجور مقابل المطالب على المدى المنظور.
  • ربما يكون من الأجدى الحسم في موضوع إعادة توزع الدخل على سلم التعويضات المبنية على نسبة المساهمة في الناتج الداخلي الخام ما يؤدي إلى ثورة حقيقية في مجال أجور العاملين، والحسم في موضوع الجباية من خلال إعادة نشر الأعباء الضريبية على سلم الفئات العمالية ومحتوى القدرة الشرائية ولنا في فقه صاحب الموافقات الإمام الشاطبي إشارة ذهبية في موضوع جدوى إعادة نشر الجباية على المواطنين لدرجة أنها كانت القاعدة التي استند اليها واضعو السياسات في الإدارة الأمريكية مؤخرا تحت مسمى ضريبة »بافيت«.
  • لا ترفعوا الأجور أصلحوا الجباية
  • هذا الشعار ليس جديدا بل هو عنوان مقال لنا نشر العام 2006 بمناسبة إطلاق الثلاثية يومها للعقد الاقتصادي والاجتماعي. ويومها حذرنا من الأثر التضخمي لضخ السيولة في كتلة الأجور في اقتصاد نام وهش ولا ينتج من الثروة شيئا ذا بال وتشكل الخدمات القطاع الثاني في بناء الناتج الكلي بعد قطاع البناء والري والأشغال العمومية. واقترحنا حينها مقاربة إعادة توزيع الدخل على سلم الاصلاح الجبائي لصالح المؤسسة المنتجة وإدماج أدوات الفقه الاسلامي في موضوع القدرة الشرائية للشريحة الاجتماعية ضعيفة الطلب على السلع المنتجة للقيمة المضافة، وتزويد الشرائح العاطلة عن العمل بوسائل الانتاج القائمة على التمويل الاسلامي بدل التمويل بالقروض. وأظن بأن النداء نفسه لايزال صالحا، بل أكثر إلحاحا، بالنظر إلى التغيرات التي مست الاقتصاد الوطني منذ 2006 وأعني بذلك تراجع الانتاج في قطاع المحروقات وعزوف الشركات النفطية على مشاريع الاستكشاف بالجزائر لصالح مناطق عالمية أخرى أكثر جاذبية، إضافة إلى تقدم المحتوى الاجتماعي والاقتصادي في الحركات الاحتجاجية على حساب المحتوى السياسي.
  • الإقصاء المنظم في دائرة المصالح
  • تجتمع، اليوم الخميس، الثلاثية وفي جعبة الحكومة مطالبة الباترونا بالانخراط في مقاربة رفع أجور العاملين في القطاع الخاص، وستستجيب الباترونا للطلب لأنها حصدت من الثلاثية السابقة شهر ماي مكاسب لم تكن تخطر على بال، أقلها شأنا مسح فوائد الديون المترتبة عن مرحلة المأساة الوطنية، وإعادة جدولة أصول القروض لنفس المرحلة، منح القروض الجديدة بنسب فائدة ميسرة لجميع شركات القطاع الخاص، إلغاء العمل بإجبارية التعامل بالقرض المستندي عند الدفع في التجارة الخارجية والاستفادة من غلاف مالي لتأهيل المؤسسة وحجمه 5.5 ملايير دولار. وعندما نعرف بأن الهامش المرتقب لزيادة كتلة الأجور في القطاع الخاص لن يكون مهما أمام الرقم المتدني للأجر المضمون وسلوك القطاع الخاص في التصريح بعدد العمال، لأدركنا بأن الرابح الأكبر من حوار الثلاثية هو بكل تأكيد جماعة الباترونا، في حين لن يجني الاتحاد العام للعمال الجزائريين سوى مباركة الحكومة لمطالبها المتعلقة بحماية المنتوج الوطني وترقيته.
  • أما الفئة الأكثر تضررا فهي تلك الفئة النشطة المغيبة في حوار الحكومة أي النقابات المستقلة في قطاعات التربية، الصحة العمومية، الجماعات المحلية والادارة، وهي نفسها النقابات الأكثر تأثيرا في الجبهة الاجتماعية مادامت قادرة على شل القطاعات في أي وقت تريد وللفترة الزمنية التي تريد كما ستبيّن ذلك الأيام القليلة المقبلة.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!