-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

احتيال باسم فعل الخير؟!

محمد حمادي
  • 1384
  • 1

مع اقتراب موعد شهر رمضان الكريم تهبّ رياح التضامن على الجزائريين؛ فيبدعون في صناعة أروع ملاحم التكافل والتراحم في ما بينهم، وحتى مع غيرهم، ممن فرّوا من بأس الحروب وفتك الأوبئة والمجاعة بأوطانهم المضطربة أمنيا وسياسيا، فاحتضنتهم سواعد الخير وغمرتهم بموفور التكفل والرعاية، مخففة عنهم آلام العيش بعيدا عن مرابع الصّبى، إلا أنّ هذه المبادرات الإنسانية سرعان ما وقعت في فخ الفوضى والعشوائية، التي استغلها انتهازيون ركبوا الموجة للاحتيال على عائلات فقيرة أنهكتها حياة الفاقة والغبن!
تعود قفة رمضان إلى الواجهة مع اقتراب شهر الصيام الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس ورحمة، ومعها الآلاف من العائلات المعوزة التي تحسبها غنية من التعفف، ولا تسأل الناس إلحافا، فتهدر كرامتها وسط ممارسات غير أخلاقية ارتدت ثوب الجشع والطمع واستغلال حالة العوز للطبقات المسحوقة في هذا المجتمع، الذي جمعته المحن والشدائد وفرّقته الأفراح.
الأسئلة التي تطرحها في كل مرّة العائلات الفقيرة التي أهدرت كرامتها في العديد من المناسبات ولم تلق إجابة شافية عنها: لماذا يعود الحديث عن سرقة محتويات القفة أو ملئها بمواد منتهية الصلاحية كلما حلّ الشهر الفضيل؟ هل ماتت ضمائر المسؤولين إلى درجة إدراج أسماء موظفين وتجار معروفين ضمن قائمة المعوزين لتمكينهم من قفة رمضان على حساب المعوزين الحقيقيين؟ أين الرقابة على الصفقات التي تعقدها البلديات مع الممونين لاقتناء محتويات القفة؟ لماذا لا نبتكر طرائق أخرى تحفظ كرامة المعوزين؛ فتكون المساعدات المقدمة لهم في طيّ الكتمان والسّر؟
للأسف، فإن الجميع أصبح يمعن في إذلال المعوزين في هذا البلد، ويزاحمهم على قفة لا تسمن ولا تغني من جوع، فحتى أولئك الذين تصدّروا المشهد الخيري وفي مقدمتهم الجمعيات التي تبحث عن نيل الثواب في الدنيا والآخرة، باتوا يمارسون الاحتيال على هؤلاء المغلوبين على أمرهم، باسم فعل الخير؟ فما معنى أن تقوم جمعيات لا تحمل من الخير سوى الاسم بإطلاق حملات عبر الولايات لجمع التبرعات دون إذن مسبق من السلطات؟ ألم تعد هذه المبادرات العشوائية مصدرا للنفاذ إلى جيوب المحسنين والسطو على عطاياهم وهِباتهم الموجهة إلى الفقراء؟ من يراقب وجهة الأموال والأطعمة والألبسة التي تبرّع بها فاعلو الخير؟ هل فعلا أصبحت مثل هذه المساعدات تصل إلى مستحقيها؟ ألا تنفّر مثل هذه الممارسات غير الأخلاقية المحسنين الراغبين في مساعدة الفقراء؟
الحقيقة، أنّ الطمع والجشع بلغا مبلغا عند النفوس المريضة التي وجدت في فعل الخير وسيلة لأخذ أموال الناس بالباطل، مستغلة عواطف الجزائريين الجيّاشة حيال كلّ ما يتعلّق بمساعدة الآخرين وتخفيف كربهم، لذلك فإنّ ملاحم التضامن التي يصنعها الجزائريون في كل مناسبة لابد من أطر تنظيمية تحكمها كي لا يستغلها المحتالون باسم فعل الخير، وأن توكل مهمة تأطيرها إلى الخيرين وأهل الثقة من أبناء هذا الشّعب، الذين بصموا على تضامن خرافي تجاوز الحدود الجغرافية للوطن وعبر إلى مختلف القارات.
باختصار، فإنّ العمل التضامني قيمة إنسانية كامنة في نفس الإنسان السوي، ينبغي أن تراعى فيها كرامة الفقراء في هذا البلد، وتبتعد عن كل أشكال الرياء والإذلال والحط من قيمة هؤلاء المغلوبين على أمرهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عمار

    الحل في نظري ان تفتح هذه الجمعيات حسابات في البنك وتصب فيه المساعدات ليتم توزيعها نقدا على المحتاجين وبهذا تسهل الرقابة والعملية تكون في شفافية ووضوح ..اما مايعمد اليه هؤلاء من شراء سلع وتوزيعها فان الاحتيال ياتي من هذا الباب فقد يشترون سلعا منتهية الصلاحية او قاربت على الانتهاء بربع او عشر ثمنها ويسجلون في الفواتير ثمنها الحقيقي
    كما ان توزيع القفاف فيه امتهان لكرامة المحتاجين ولهذا لايتقدم المحتاجون الاسوياء الذين لهم كرامة لتسلم قفة رمضان حتى لايراهم الناس على هذا الحال وبالتالي يخلو الجو للطلابين والمتسولات لابتلاع كل شئ جيوب المحسنين قرب الاسواق والمساجد وقفة رمضان ويبقى العائلات المحتا