-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الباحث في التراث واللسانيات الأمازيغية محمد مرداسي في حوار لـ"الشروق":

ارتباطنا بالوطن يتطلب كتابة تاريخنا وتسليط الضوء على تقاليدنا

صالح سعودي
  • 799
  • 4
ارتباطنا بالوطن يتطلب كتابة تاريخنا وتسليط الضوء على تقاليدنا
ح.م
محمد مرداسي

يعد الأستاذ محمد مرداسي من الأسماء التي سعت إلى نفض الغبار وتسليط الضوء على جوانب تخص اللسانيات والموروث التاريخي الأمازيغي، وهذا من خلال عديد الكتب التي أصدرها في هذا الجانب. ودعا الأستاذ محمد مرداسي في الحوار الذي خص به “الشروق” الشباب إلى ضرورة الكتابة في جميع المجالات من أجل الكشف عن الماضي التاريخي للجزائر، مضيفا بأن الإنسان مرتبط بالوطن، ما يتطلب حسب قوله معرفة عاداتنا وتقاليدنا وتسليط الضوء على موروثنا حتى لا نصبح غرباء في وطننا.

تعد من الأقلام التي ساهمت في نفض الغبار عن جوانب تخص اللسانيات والموروث التاريخي الأمازيغي، كيف تقيّم هذا المجهود؟

هي عبارة عن محاولات حرصت على القيام بها في مجال التأليف والتوثيق، لأن منطقة الأوراس تشكو نقصا كبيرا في هذا الجانب، بدليل حتى أن الكتابة في تاريخ الثورة يبدو قيلا رغم المساهمة الفعالة لمنطقة الأوراس في هذا الجانب. وإذا كان هناك من يحاول الكتابة في أمور الثورة، فقد فضلت أن أركز في التراث، وهذا بحكم أنني عايشت الكبار في وقت سابق، وجمعت الكثير من الجوانب التي تصب في هذا الاتجاه. ما سمح لي بإصدار عدد من الكتب التي تصب في خانة اللغة والهوية والتراث، وإن شاء الله هناك مشاريع عمل أخرى في المستقبل.

خضت في إحدى كتبك مسألة الروابط في قواعد اللغة الأمازيغية، فما هي النقاط التي توصلت إليها؟

هذا الكتاب يتمحور على عدة مسائل، ومن بين المواضيع التي تطرقت إليها العوامل المتسببة في الاختلافات اللهجية، مثلا هناك أعراش متجاورة لكنها تتكلم مثلا بـ”القاف” أو “الياء” وغيرها، ما جعلني أبحث عن الأسباب التي تقف وراء ذلك، كما تطرقت إلى مسائل الإبدال والتقديم والتأخير في الكلمات والحروف، وكذا الشد والإدغام، وتطرقت إلى ما يقال في الحروف بالأمازيغية وكيفية تصريفها. ويتضمن الكتاب أيضا مسائل التضاد والإضافة والتذكير والأدوات، مثل أدوات تدل على الغاية وأخرى على الاستدراك، وهناك أدوات ظرفية تدل على السبب أو ما حدث ويحدث، دون نسيان أدوات الشرط والتوكيد وما يقابل كان وأخواتها بالعربية، إضافة إلى أفعال الشأن السيروية وأفعال المقاربة وما يقابلها بالعربية، وكذا الأسماء الموصولة وحروف الإشارة وغير ذلك، كما يتضمن الكتاب ملحق الزمن وأدوات التحذير وما يدل على القلة والندرة والحكم والشروع والحدوث وغيرها.

إصدارك الثاني كان بعنوان “أمثال وأقوال من الأوراس”، فهل ترى بأن هذا العمل قد ساهم في تغطية نقص كبير في المجال الذي يخص الذاكرة الشعبية؟

عملت في هذا الكتاب على جمع مختلف الأقوال والأمثال المتداولة في مختلف أعراش وإقليم الأوراس بمفهومه الثقافي والاجتماعي، وقسمته إلى 32 بابا، وهذا وفقا لمضامين هذه المثال والمجالات التي تصب فيها مثل الاستغلال والانتهازية والانتفاع والجشع والتعاون والتآزر والمسؤولية والواجب، اللامبالاة للتخلص من المسؤولية، الأصل والعزة، المعاناة والضرر، الروابط الاجتماعية، التعايش والعلاقات الاجتماعية، التسرع والتردد والغموض، الخسة واللؤم والشبهات، المعاملة بالمثل، استغلال الفرص والمواقف الحرجة، التحدي والعناد والتعصب، المظاهر والتظاهر، التبعية والتقليد، الثرثرة والكلام الفارغ، الرياء والنفاق، العمل بدون مردود، القناعة والذكاء والحذاقة والخفة وغيرها من الأبواب التي تحتوي على الأمثال الشعبية التي تعد جزءا من التراث الثقافي الذي تحتفظ به الذاكرة الجماعية، وهو أحد أنواعه التراث المتوارث عبر العصور من جيل إلى جيل.

في رأيك لماذا ينحاز الإنسان إلى توظيف الأمثال والأقوال الشعبية في أحاديثه؟

الأمثال الشعبية تعتد الموروث المحبوب من قبل الناس، لأنها تربط بين الإنسان وواقعه المعاش، وتعبر عن الصراع المستمر بين الإنسان وبيئته ومحاولة التصدي والتغلب على مشاكل الحياة ومصاعبها، ما أدى بالإنسان إلى وضع أو استنباط وقاعد تضبط حياته في شتى المجالات وانعكاساتها على تصرفاته وتفكيره، حيث نجد هذه الأمثال التي تحمل قيم الإنسان الأمازيغي وتجاربه في الميادين المختلفة، ترتبط ارتباطا وثيقا بالمظاهر الجغرافية ومدى تغير الطقس والمناخ وتأثيرها في الحياة النباتية والحيوانية وبالتالي الحياة الاقتصادية. وقد جاء في كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه في الجزء الأول ما يلي “الأمثال أبقى من الشعر وأشرف من الخطابة”. فالأمثال قصيرة يمكن حفظها وتداولها وانتشارها بسرعة، كما أنها تلخص فكرة معينة تعبر عن العلاقات الفردية والجماعية في شتى مناحي الحياة العامة والخاصة الناتجة عن تجربة الإنسان ومعاناته، ما جعله يضع لها شبه قوانين مقبولة يرضى بها الجميع.

هل لديك مشاريع كتب في المستقبل تصب في خانة اللسانيات والتراث الأمازيغي؟

أعتزم هذا العام إصدار كتاب يصب في خانة التكامل والثراء اللغوي، يتشكل من 8 أبواب، فهناك مناطق لا تزال محافظة عليها، وهناك كلمات في المنطقة الغربية بلزمة فيها تكامل لغوي، كما أتطرق إلى بعض الخصوصيات اللغوية وتشكلها، حيث أن هناك جناحين، تشبه لغات سامية وأخرى تشبه اللغات اللاتينية (الإدماج)، كما يتضمن الإصدار المقبل بابا حول أسماء الأشخاص وأسماء الأماكن، مع الإشارة إلى الجانب التداولي لكلمات تجدها عند قبيلة ولا تجدها عند قبيلة أخرى، وكذا مسألة اسم الفعل والفاعل واسم الأداة، كما أشرت إلى كلمات تصرف في أماكن ولا تصرف في أماكن أخرى.

وهل هناك مشروع كتاب يخص شعر الثورة التحريرية؟

هناك عمل في هذا الجانب، بالنظر إلى أهمية الشعر الشعبي، بحكم أنه ساهم في توثيق المعارك وبطولات المجاهدين، وهو في رأيي يعد أصدق وثيقة تاريخية، لأنه يصف ملاحم الثورة وصانعيها في حينها، وعليه فإن الذي يغنون عليه خلال الثورة يصنف في خانة الأبطال الحقيقيين.

في الأخير، هل أنت راض عن واقع الكتابة في مجال التوثيق والموروث التاريخي؟

نحن في حاجة ماسة إلى الكتابة عن تاريخنا وتراثنا وهويتنا. الإنسان يرتبط بالوطن، والوطن هو الذي يحمينا، ما يتطلب معرفة عاداتنا وتقاليدنا حتى لا نصبح غرباء في وطننا. أشجّع كل الشباب على الكتابة في مختلف المجالات، فقد كتب عنا الرومان واليونان وإخوتنا العرب لكن لم نكتب عن أنفسنا. المؤكد أن كل واحد يكتب حسب إيديولوجيته ومصالحه، بدليل أن مالك بن نبي يقول بأن “المغلوب مولع بالغالب”، ما يولد “القابلية للاستعمار”، وهو الأمر الذي يتطلب منا إعطاء القيمة التي نستحقها، بناء على تاريخنا وماضينا العريق، وهذا من باب تكريس الوعي والوحدة وخدمة الوطن من جميع النواحي. وبالمرة نبذ الفرقة التي تعد من العوامل التي تتسبب في عودة الاستعمار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • علي عبد الله الجزائري

    وهذا المشكل الذي نحن فيه
    اصبحنا غرباء فوق ارضنا وهناك تيار يريد تعريب حتى اصولنا بالقوة
    مثل صاحب التعليق الاول
    الذي يقول منطقة الاوراس المتمسكة بعروبتها اولا؟؟؟
    اذا كنت تقصد عروبة اللسان فسببه الاسلام
    اما عروبة الاصل لا وجود لها والادلة العلمية متوفرة اليوم
    اقرا عن تاريخ الاوراس وابحث بتاريخ شمال افريقيا واالمغرب الكبير قبل ان تنطق بما لا تعلم

  • جلال

    المغلوب مولع بالغالب هذا قول لإبن خلدون :المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه و نحلته و سائر أحواله و عوائده والسبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها وانقادت إليه
    أما “القابلية للاستعمار” فهى لمالك بن نبي

  • قناص قاتِل الشـــــــــــر

    وما يطلبش قصعة تع عيش حارة بالفرماس مثلاً ؟

  • عادل

    انا اعتز بمنطقة الأوراس المتمسكة بعروبتها أولا وبأمازغيتها ثانيا وبحبها للوطن وبدينها قبل كل شيء