-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اقعد قاعد!

جمال لعلامي
  • 855
  • 1
اقعد قاعد!
ح.م

بعيدا عن حسابات النقابات، ومبررات الحكومة، بشأن ملف التقاعد، فإن مشروع رفع السنّ من 60 إلى 65 سنة، بالنسبة لفترة عمل الموظفين والعمال والمستخدمين، هو ضربة موجعة للطبقة الشغيلة، بإمكانها أن تتحوّل إلى قنبلة تفجر قطاع العمل وتخلخل استقرار الجبهة الاجتماعية برمّتها، خاصة بعد التداعيات غير المحمودة التي تبعت إلغاء التقاعد المسبق أو النسبي!

فعلا، فإنه بعملية حسابية بسيطة، فإن إجبار “الخدّام” على البقاء في منصبه إلى غاية الـ65 من العُمر، هو تشجيع على تمديد فترة عمل “الشيخوخة المسعفة”، بما سيضاعف أزمة البطالة، على اعتبار أن المناصب لن تكون شاغرة، زيادة على مشكلة عويصة ستستهدف مباشرة “الإنتاج والإنتاجية” وتقصف المردودية، نتيجة تقدّم عمر العمال، خاصة في المهن الشاقة!

مراجعة قانون التقاعد والتنظيمات المتعلقة به، يجب أن تخضع للمنطق والعقلانية، حتى لا تجد الجزائر نفسها مستقبلا أمام شرائح واسعة من “الموتى- قاعدين” الذين يشغلون مناصبهم دون أن يقدّموا شيئا لسوق العمل، ودون أن يفسحوا الطريق أمام البطالين من الشباب وحتى الكهول، الذين بإمكانهم العمل ولو مؤقتا!

الحقيقة أن من مصائب التوظيف في مختلف المؤسسات الاقتصادية والإنتاجية والإدارات، وكذا مصالح الخدمات المختلفة، أنها تواجه مصيبة اسمها سرقة الوقت والغيابات المتكررة والعطل المرضية الوهمية والمزيفة، فتصوّروا في ظل هذه العقلية البالية والبائدة، يتمّ تطويل عمر الموظفين والعمال إلى غاية الـ65 من العمر؟

ستتحوّل المصانع والإدارات ومختلف الشبابيك والمصالح المتنوعة، من عامل النشاط الصانع للحيوية، إلى مراقد عمومية و”مستشفيات” ومراكز جديدة للشيخوخة المسعفة ودور العجزة، وليس هنا المقام للسخرية بآبائنا وأجدادنا، فحاشا لله، ولكن دفاعا عنهم، يجب احترامهم وعدم حرمانهم من حقهم في معاش محترم وتقاعد يكفل لهم كرامتهم وكبرياءهم إلى أن يلقون بارئهم!

على الأقلّ تخيير العاملين بين الاستمرار في العطاء والأداء، مقابل تحفيز مادي ومعنوي، وبين الانصراف إلى التقاعد كحقّ مضمون وليس “مزية” تمنحها الإدارة أو الوظيفة العمومية أو أرباب العمل للمستخدمين الذين افتقدوا الحق في التقاعد المسبق، لأسباب قيل أنها مالية اضطرارية، فلا داعي الآن لإجبارهم على دفع فاتورة جديدة لن يقدروا عليها، أو ستدفع تكاليفها الجهة التي توظفهم، إلى جانب تنامي “الشوماج” وما يرافقه من “بريكولاج” وحتى “صابوطاج”!

الحديث عن التقاعد، يجب أن يكون ملازما للحديث عن “التقعاد” الذي يجعل من عديد الجزائريين يرددون صباحا عند خروجهم من البيت: “رايحين للخدمة”، والأصحّ والأصلح: “رايحين نخدموا”، لكن الباقي المتبقي من “الخدمة” يقابله بقية من بقايا “خدّامة” قاعدين من يوم تنصيبهم إلى غاية تقاعدهم!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عبدالله FreeThink

    هم يبررون بتخفيف الضغط عن الصندوق، لكن لابد من الرجوع للتقاعد المسبق والنسبي، والأولوية لمن يملك مشروعا تجاريا، صناعيا ، فلاحيا، سياحيا،أو حرفيا، يوظف فيه بعض الشباب ..ويكون ذلك امتصاص للبطالة من جهتين، ويدخل للضمان الاجتماعي وصندوق التقاعد أموالا عبر ما تخلقه تلك المؤسسات المصغرة والصغيرة والمتوسطة والمشاريع من فرص عمل جديدة للشباب ، وفي نفس الوقت هو تحرير لأناس لهم خبرة في الإدارة والعمل من عمل الروتين والمرتب الزهيد ودفعهم للعمل الحر والمشاريع ، شكرا.