-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الامتحان الحاسم!

الامتحان الحاسم!
أرشيف

أخيرا عرف الجزائريون الطاقم الوزاري الذي سيقود أول حكومة، ما بعد “حكومات” آل بوتفليقة، التي استهلكت قرابة ألف مليار دولار من دون أن تقدم أيَّ خطوة نمو واحدة للبلاد، وباشر الجزائريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في تقديم سيرة ذاتية لكل وزير ورأيهم، بين متشائم إلى درجة وصف الحكومة بالمستنسخة من حكومات بلخادم وسلال وأويحيى، ومن يطالب بمنح رجالاتها متسعا من الوقت، حتى تكون حكومة نموذجية تؤسس لحكومات التكليف التي تحرك الدواليب الصدئة، التي جعلت الجزائر في ذيل ترتيب مختلف المجالات، وجعل من وزرائها محلا للتنكيت في زمن الفساد.

ولن تجد الحكومة الحالية، أيَّ حجة في حالة فشلها، فهي وليدة جمهورية جديدة وُلدت من رحم حراك شعبي أسمى المسؤولين السابقين بأفعالهم الفاسدة، وضغط لجرّهم إلى العدالة، وستباشر عملها في جو هادئ بعد إطلاق سراح غالبية المحبوسين بسبب آرائهم، كما أن احتياطي الصرف الذي وعد الرئيس تبون خلال الحملة الانتخابية بإنعاشه، لم يَنفَد بعد.

ولأن الحكومات السابقة كانت أشبه بعرائس القراقوز التي تتحرك من خلف ستار، فإن فرصة الوزراء الجدد سانحة ليستعرضوا بعض الأفكار القابلة للتطبيق، لأن الوعود التي قدمها الرئيس عبد المجيد تبون، خلال الحملة الانتخابية، لا يمكن تحقيقها أو تحقيق جزء منها إلا من طرف حاملي حقائب بحجم اقتصاد مريض وعد الناطق باسم الحكومة بإنعاشه بثورة من حكومة دقت طبول “المعركة” قبل أول اجتماع لها هذا الأحد.

من الظلم أن نضع الحواجز المعنوية المزيفة في طريق حكومة وعدت بالاجتهاد والبذل من أجل نمو شامل في جميع المجالات، وأن نبدأ في منح العلامات الصفرية والتوبيخ لطلاب لم يدخلوا الامتحان بعد، ولكن للمتشائمين أيضا أعذارهم؛ فالجزائريون عاشوا قرابة نصف قرن من الزمن على الوعود، فكلما أطلت حكومة إلا ووعدت بالجنة، وانتهت بنا إلى الجحيم، حتى صار الفشل علامة حكومية مسجلة، فيئس المواطن من مسؤوليه، وصار يسعى بنفسه بالاحتجاج أو محاولة الهجرة أو حتى الانتحار من أجل حل مشاكله في غياب حكومة قريبة منه ترعى شؤونه.

صحيح أن تركة المشاكل التي تراكمت على مرّ السنين، ستثقل كاهل حاملي مختلف الحقائب، وصحيح أن جسور الثقة المندثرة بين القمة والقاعدة صار يصعب ترميمها، وهم في حاجة إلى دعم معنوي من عامة المواطنين، ولكن في نفس الوقت ينتظر الجزائريون صرامة في التعامل مع المخطئين حتى لا تتكرر أخطاء الماضي التي أحرقت زمنا من تاريخ الجزائر وكفاءات وأموالا وأعصاب الناس.

كنا مرة في تربُّص إعلامي في باريس في المركز التكويني للصحافيين، فسألنا أحد كبار الإعلاميين في بلجيكا في دهشة، إن كان المواطنون في الجزائر فعلا يتوجَّهون إلى الصحف والقنوات التلفزيونية لطرح مشاكلهم العويصة في الصحة والسكن والتعليم والشئون المدنية والقانونية وغيرها؟ وقبل أن نجيب عن هذا السؤال المحرج، أكمل يسأل عن دور الوزارات إذا لم يكن بمقدورها أن تحلّ مثل هذه المشاكل؟ فهل أجابت هذه الحكومة هذا الإعلامي البلجيكي؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • نحن هنا

    تكذبون ثم تصدقون الكذب ألم تعلموا الكذب يهدي الى الفجور؟

  • saidoune

    ""نا مرة في تربُّص إعلامي في باريس في المركز التكويني للصحافيين، فسألنا أحد كبار الإعلاميين في بلجيكا في دهشة"" يعني هم ملائكة يحلون مشاكل المواطنون هههه... كم استعمرو ونهبوا وقتلوا من الابرياء ولا يزالون يقفون مع الضالم. ماكرون الفرنسي لم يعجبه مرور الرئاسيات في الجزائر بسلام بل كان يتمني قيام حرب أهلية تعود عليهم بالفائدة. غبي من لا يعرف هذا.