-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الباديسية النوفمبرية التي نؤمن بها

بوعزيز سمير
  • 2438
  • 13
الباديسية النوفمبرية التي نؤمن بها
AFP

إن التاريخ يفهم على ضوء معطيات العصر الحديث وهو استثمار للوعي في تأصيل وتحديث وترقية مشروع المجتمع المتوائم في كيانه مع الماضي والحاضر والمتطلع إلى الغد دون قطائع حضارية، فاهتمامنا بتراث بن باديس هو اهتمام بمكانة الوعي وفعاليته في صنع الأنا الحضارية.

فأهم إنجاز في اعتقادنا هو تحقيق توازن في معادلة الإنسان بين ماهو مادي وماهو روحي فيجب ألا تخطئنا المادة وتغرينا بمهارج متنوريها “جماعة حرّر ذاك الشيء” عن قيم الروح والاعتزاز بمقومات شخصيتنا الوطنية.

لقد كان ابن باديس ورجال ثورتنا هم خِيارُنا مكاناً وأجَّلُناَ منزلةً، وتخليد مآثرهم هو تجديد للموعد معهم واستلهام لبطولاتهم واقتداء بتضحياتهم الخالدة، وتاريخ الجزائر مرصع ببطولات رجالها ذوداً عن مقومات الأمة وعقيدتهم الإسلامية التي شرفهم الله بها وجعل لغتنا العربية ذروة سنامها.

منذ القدم رافق القلم السيف والبندقية في نشر الوعي بين أبناء الأمة ورافقهم في كفاحهم ضد الاستعمار، فمن الأمير عبد القادر إلى الشيخ أمود، ومن بن باديس إلى معارك جيش التحرير الوطني، كلها محطات لم ينفصل فيها العالم بقلمه عن المجاهد بسيفه وبندقيته.

لسنا هنا بصدد سرد التاريخ ولا التغني بالأمجاد قصد التورية عن مخاذل أو هنات ولكن هي ملامسة للتاريخ بمعناه الواعي؛ أي معايشة الوجود الدائم ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.

إنه من الخطأ بمكان الاعتقاد بأن ثورة نوفمبر العظيمة، انبلج صبحها من غياهب العدم، أو لاحت أنوارها من سديم الأيام، بل هي خلاصة لتراكم القيم والمواقف والأفكار والنضالات والتضحيات الجمة والإيمان المطلق بنصر الله، كما أنها نقلة نوعية على مستوى الذهن الجماعي، الذي أحدث فيه العقل الباطني لشعبنا طفرة حقيقية شهدنا وسنشهد معالمها مستقبلا على الرغم مما سيلاقيه رجالات الجزائر من إجحاف ومحاولات لطمس الهوية، وحروب إيديولوجية مقيتة من قبيل حروب “الأبارتايد” الثقافي.

لقد كان قادة الثورة أمة بأكملها وقائمتهم بحجم الجزائر مساحةً وتاريخاً، لقد كانوا ثورة مشكلة من شخص واحد كما قال محمود درويش…

لقد أخذوا من يوغرطة زين الشباب، ومن سيفاقس دهاء القادة، ومن جوبا الثاني حكمة الشيوخ، ومن عقبة بن نافع الفهري إستراتيجية القيادة والعزم والحسم، ومن أبُّو المهاجر الدينار سماحة الإيمان، وأخذوا من الأمير عبد القادر الصمود، ومن مصالي الحاج التحدي، ومن بن باديس الورع والثبات على المبدأ، وتواضع العظماء وأمانة الأمناء، وأخذوا من الجزائر في اتجاه القبلة للصلاة والتعبد لرب العباد،كذلك كانوا هؤلاء الرجال ولا يعرف فضائلهم إلاَّ من تخندق تخندقاً تاماً في المنهج الذي اتبعوه.

فبفضل هؤلاء الرجال الذين أكرمهم الله وأعلاهم منزلة فوقنا جميعا، ننادي اليوم بأعلى صوت أريج الحق، ونتنسم شآبيب عهودهم المقدسة في هذه الأرض الطاهرة.

وتاريخنا الوطني على مد القرون، عامر بالمآثر مفعم بالأحداث، متوج بالمعاني السامية، وما ثورة نوفمبر إلا خاتمة لجهاد رجال الجزائر ونضالات ومواقف بن باديس الخالدة الذي أعاد إحياء ضمير الهوية بعد مئة سنة من الاحتلال معتمدا على شعار “الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا” والذي خون كل من تبناه، ليعيد إنهاض الهمم ويغرس في جيل جديد قيَّضه اللّه للجزائر معاني الشجاعة والذكاء، والإيثار عن النفس والإقدام على المكاره، والقدرة الخارقة على التفكير بشكل ايجابي ليقود قاطرة التحرر من مستدمر حاول بكل ما أوتي من قوة طمس المكنون الجزائري.

ودفاعنا اليوم عن مشروع الباديسية والنوفمبرية لا يعدو كوننا نعتبر أنفسنا اليوم أننا الورثة الشرعيون لمشروع مجتمع متكامل أسس بنيانه العالم الجليل عبد الحميد بن باديس وصقله وعمل على تطويره قادة الثورة العظماء خريجي المعاهد الحرة التي أسسها شيخنا الفاضل والذين قادوا أقوى ثورة في القرن العشرين، ويتبنى هذا المشروع قضايا الشعب من أبسطها إلى أعقدها، من المسائل الاجتماعية والاقتصادية إلى مكونات الهوية وثوابت الأمة ومقوماتها كما جاء في بيان أول نوفمبر،وعليه فيحق لنا جميعاً التصدي والوقوف كسد منيع ضد هذه الأصوات الناعقة والتي لا تريد خيراً لهذا الوطن، وهي أصوات تحاول جاهدة التموقع من جديد لأنها فقدت حتى الكراسي الاحتياطية، وهي التي تسلمت كل شيء في شكل “هبات”، اليوم فقدت كل شيء؛ لا لشيء لأن الشعب اليوم أصبح أكثر وعياً من ذي قبل، وكشف ألاعيبهم وسيقبر مشاريعهم المبنية على إيديولوجية لا تتوافق وإيديولوجية هذه الأمة، هذه الصحوة وهذا الوعي هو من سيضعنا على سكة الانتماء العربي الإسلامي بالمنظور الصحيح للإسلام.

لأن واقع الأمم في حياتها ترفض كل الإملاءات الجاهزة التي لا علاقة لها بانتمائها ومقوماتها، وهناك تباين بين الرفض الذي يهدف إلى التصحيح والتوضيح، والرفض الموجه من الخارج، ومن دول تكن العداء الدائم لنا، تعمل على احتواء توجهات البعض وفق ما تقتضيه مصالحها؛ ومصالحها اليوم تقتضي ضرب وحدتنا ومقومات هويتنا لتشتيت شملنا عن طريق وكلائها.

لذلك نتساءل اليوم عن ماهي مبررات الحملات المركزة والمغرضة ضد التيار الباديسي النوفمبري في هذه المرحلة بالذات؟

وماهي أهداف من يُلَوِّثُون الأجواء الوطنية بالعزف على أوتار أعداء الجزائر لضرب التيار وتشويه صور رجاله؟

ألم يحن الوقت ليرتفع الوعي الوطني إلى مستوى الذود عن مقومات الأمة؛ للتفرغ للقضايا الحقيقية وبناء المستقبل للأجيال الصاعدة؟

(*) رئيس أكاديمية الشباب الجزائري

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
13
  • شخص

    إلأى الرقم 02 المدعو (لابد من تصحيح التاريخ) :
    كذبت و رب الكعبة، عندما كان أجدادك ربما لا يعرفون معنى كلمة جزائر (بعد 100 سنة من الاحتلال)، كان ابن باديس يجهر بمقولة (إن الجزائر ليست فرنسا و لم تكن يوما فرنسا و لن تكون فرنسا و لو أرادت) و يقول (لو أمرتني فرنسا أن أقول لا إله إلاّ الله ما قلتها) و شعره القائل (يا نشئ أنت رجاءنا و بك الصباح قد اقترب خذ للحياة سلاحها و خض الخطوب و لا تهب). فمن كان يجرأ في ذلك الوقت أن يقول مثل هذا الكلام ؟ و هل هذا كلام رجل يمجّد فرنسا ؟ علماً أنه عاش في زمن كان ينادي فيه فرحات عباس و أمثاله بالتجنيس و الإدماج. فصحح تاريخك قبل أن تحاول تصحيح تاريخ الآخرين.

  • TABTAB

    للمعلق 9 : ما جاء في تعليقك حقائق لا غبار عليها لكن تكرارك لنفس التعليق ونفس الكلام لعشرات المرات في تعاليك لا فائدة منه فحاول البحث عن جديد تفيد به القراء أو أصمت وذلك أضعف الايمان

  • سامي

    شكرا ل جزائري DZ الذى لخصت التاريخ فى فقرة واضحة و ممكن تصل لبعض العقول المتحجرة من أمثال لكتب أسم‹لابد من تصحيح التاريخ› يا جهال قبل الثورة بأربعين سنة فرنسا أقتربت من مسح تاريخ و ثوابت الإسلامية للجزائرين لولا صحوة المصالين و الباديسين لا ما كانت الثورة و مازال lopez وأقدام السوداء تحكم فيكم ، على كل حال هذه المواضيع الجانبية التي تحاول الثورة المضادة أثرتها لن تخدع مطالب الحراك ترحلوا_يعني_ترحلوا

  • محمد

    عموما أتقبل أفكارك الوحدوية المتمسكة بحضارتنا العربية الإسلامية.لكن هذا التيار الباديسي المعروف بجمعية علماء المسلمين الجزائريين تخلى عن تركة العلامة الشيخ عبد الحميد ابن باديس الممثلة في مدارسه الحرة بعد أن تراجع النظام عن منعه للتعليم الخاص فأصبحت الجمعية مجرد نادي لأناس يحلمون اعتلاء مناصب حكومية أو يقومون بنشاطات سياسية دون إنشاء حزب له هذه المهمة مثل غيرهم.حتى تواجدها يبين تخليها عن النضال من أجل توعية وتثقيف أفراد الشعب للتركيز على المبادئ التي خلفها ابن باديس لهذه الأمة.إنها تحولت إلى نادي حفلات تقام عبر الوطن لصالح نخبة بورجوازية طرقية لا تلتفت إلى الهجمات المتعددة ضد أسس حضارة الجزائر

  • HOCINE HECHAICHI

    لا البديسية ولا النوفمبرية ولا اللائكية ولاالأنكليزية ستغير شيئا . الإشكالية الحقيقية هي التخلف الاقتصادي المزمن .
    سيأتي رئيس وحكومة وبرلمان جدد ولكن سنبقى في اقتصاد الريع نستورد طعامنا ولباسنا ودواءنا ولغاتنا ورياضيينا و.. إلى أن ينضب البترول.
    والسبب (أو النتيجة) هو أننا شعب مسعف لا يحسن إلا التكاثر و اللهو و التبذير ونهب "البايلك" و يعيش في محيط قذر، يحلم بعودة الفيس بواسطة الحراك ليدخله الجنة في "الدنيا والآخرة".
    لن "يغير" الجزائر إلا الرئيس التكنوقراطي الذي سيأتي "بانتخابات تصحيحية " والذي سيوصلنا "عنوة" إلى المرحلة الأخيرة "للمشروع الوطني".

  • حقائق لا غبار عليها

    تتحدث عن الحملة المغرضة ضد البادسيين وهل ما جاء على لسان الأب الروحي لنوفمبر أي الراحل محمد بوضياف حين قال : اتصلنا بالبشيرالابراهيمي والورتلاني والعقبي بوساطة مصرية ورفضوا ا الثورة جملة وتفصيلا حملة مغرضة
    وهل ما جاء على لسان بن يوسف بن خدة : ابن باديس طالب في المؤتمر الاسلامي 1936 بالحاق الجزائر بفرنسا حملة مغرضة
    وهل ما جاء في كتاب : مذكرات مجاهدة لزهرة ظريف بيطاط في ص 70 : ذات يوم، وكنا في نهاية الأسبوع ، عاد والد سامية ( زميلتها في النضال ) وبيده بيان جمعية العلماء المسلمين الذي يندد فيه بوضوح لا يقبل النقض بإعلان الحرب التحريرية وبرجالها " حملة مغرضة

  • أستاذ هرب من مدرسة منكوبة

    مقتطفات مما جاء في خطاب مسالي الحاج ردا على البادسيين والشيوعيين والادماجيين الذين اقترحوا على السلطات الفرنسية امكانية الحاق الجزائر بفرنسا مقابل محافظة الجزائريين على خصوصياتهم وهذا بعد انعقاد المؤتمر الاسلامي بتاريخ 07 جوان 1936 : ...هناك اختلاف أساسي بين إلحاق بلدنا الذي تم خارج إرادتنا والإلحاق الإرادي المقبول في المؤتمر الاسلامي المنعقد في السابع من جانفي بالجزائر. إننا نحن أيضا من أبناء الشعب الجزائري و لا نقبل أبدا بأن يكون بلدنا ملحقا ببلد آخر خاج إرادتنا. لا نريد أن نرهن مستقبل وأمل التحرر الوطني للشعب الجزائري.... " جريدة الأمة 20 أوت 1936 "

  • أستاذ هرب من مدرسة منكوبة

    المشروع الباديسي يا سي سمير هو المحصلة التي انبثقت عن المؤتمر الاسلامي بتاريخ 07 جوان 1936 الذي حضره العلماء المسلمين وجماعة النخبة والشيوعيين وقاطعه الاستقلاليين وهو المختصر في : الحاق الجزائر بفرنسا مع إلغاء المعاملات الخاصة بالجزائريين (الأند جينا). الذي اقترحه هؤلاء على الجبهة الشعبية Le Front populaire الذي يمثل يومها تحالف أحزاب اليسار الحاكم بفرنسا حيث فاوضوا السلطات الفرنسية حوله بباريس كما حاولوا اقناع الشعب الجزائري به يوم عقدوا تجمعا بملعب بلكور بتاريخ 02 08 1936 لكن مسالي التحق بهم وفي نفس اليوم وواجههم بمقولته الشهيرة : الجزائر ليست للبيع

  • لابد من تصحيح التاريخ

    تقول لنا يا صاحب المقال أن النوفمبريين والباديسيين وضعوا للجزائر مشروع مجتمعي متكامل أسس بنيانه العالم الجليل ابن باديس ...لا والله فالمشروع النوفمبري هو تحرير البلاد من المستعمر وبناء دولة جزائرية ديموقراطية اجتماعية . أما المشروع الباديسي فهو الحاق الجزائر بفرنسا وهذا ما كان يتغنى به البادسيين لعشرات السنين والأدلة لا تعد ولا تحصى ويكفي لأي كان الرجوع الى أرشيف الجرائد الناطقة باسم ج ع م الجزائريين : الشهاب والبصائر .. لنقرأ بأن البادسيين يكررون ليل نهار : الجزائر الفرنسوية . الشعب الجزائري المرتبط بفرنسا . نحن مستعدين للموت من أجل فرنسا . ويتغنون بعلم فرنسا الثلاثي الألوان ... الخ

  • Amine

    المشكل في عبارة باديسية نوفمبرية انها من الذين يريدون ان يركبو الحراك .الشعب يريد دولة الحق والقانون . والنضر للمستقبل الذي يصنعه . لا الدخول في مهاترات الماضي .

  • جزائري DZ

    تخبرنا يا رجل بأن ثورة نوفمبر العظيمة، لم تظهر من عدم بل هي خلاصة لتراكم القيم والمواقف والأفكار والنضالات والتضحيات .... نعم الثورة التحريرية لم تظهر من عدم بل هي حوصلة لنضالات الحركة الوطنية بجناحها الاستقلالي من نجم ش افريقيا 1926 الى حزب الشعب 1937 الى حركة الانتصار 1946 الى المنظمة الخاصة 1947 الى اللجنة الثورية للوحدة والعمل 1953 وصولا الى 1 نوفمبر 1954 وما بعده ولا دور في كل تلك الأحداث المتسلسلة للبادسيين الذين لم يطالبوا يوما باستقلال الجزائر أو بالأحرى لم يتلفضوا يوما بكلمة الاستقلال بل حاولوا وطالبوا فرنسا بالحاق الجزائر بها

  • لابد من تصحيح التاريخ

    قال صاحب المقال : نتساءل اليوم عن ماهي مبررات الحملات المركزة والمغرضة ضد التيار الباديسي النوفمبري ..1 -- لا للمغالطات فالنوفمبريين والبادسيين خطان متوازيان فالنوفمبريين رفعوا السلاح ضد فرنسا في وقت كان الباديسيين يمجدون فرنسا ويهللون لها وهذا بشهادة أرشيف الجرائد الناطقة باسم الجمعية : الشهاب والسنة والبصائر ...كما أن البادسيين رفضوا الثورة جملة وتفصيلا وبشهادة النوفمبريين أنفسهم وعلى رأسهم الراحل بوضياف وبن يوسف بن خدة ... الخ
    2 -- ليس هناك حملة مغرضة ضد البادسيين لكن لبد للقطار أن يعود الى السكة أي لبد من اعادة كتابة التاريخ الوطني المزور ولبد من اعطاء لكل ذي حق حقه والسلام

  • صالح بوقدير

    "دعوها فانها منتنة" الشعب الجزائري خاوة خاوة فالوطن يجمعهم فلا تفرقهم الاديوليجيات ولا الانساب فأين أنت من يوغرطة وسيفاقسوجوبا الثاني وعقبة بن نافع والامير عبد القادر وغيرهم فلا تضيق واسعا فالجزائر تطفح بالامجاد وهي لكل أبنائها ومن حق الشعب تقرير مصيره ألم يقل قائد الاركان في خطابه الاخير "الشعب في استعمار ثاني" كفى تضليلا وافسادا لذات البين