-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

البداية يجب أن لا تكون شكلية

البداية يجب أن لا تكون شكلية
ح.م

أخيرا، تم تحديد مواعيد الدخول المدرسي والجامعي والتكويني، بعد قرابة ثمانية أشهر من الشلل التام، حتى كاد التلاميذ يفقدون ذاكرة العلم، بل إن بعضهم فقدها فعلا. وإذا كان الأولياء سيولّون في هذه الأيام وجوههم شطر أسواق المآزر والمحافظ والألبسة، سعيا منهم ليكونوا على نهج المواسم الماضية، رغم الشرخ الكبير الذي أحدثته الجائحة، وسوء تعامل الأساتذة والأولياء مع الوضع الغريب، فإن الأمر يستدعي صرامة كبيرة وجدية حتى يمكن تعويض بعض الذي ضاع في الأشهر الأخيرة بعد أن امتدت جسور عطلة مارس مع عطلة الصيف وستصل إلى عطلة شهر نوفمبر في سابقة صعبة في تاريخ المدرسة والجامعة الجزائرية التي هي أصلا في مراكز متأخرة عالميا، فما بالك بعد أن اجتاحها الوباء.

البداية المتأخرة ستحصر الموسم في أيام أقل، وقد تقلص العطل الشتوية والربيعية، والواجب التضحية بالجهد والوقت من طرف الأسرة التربوية، من أجل أن لا يرتفع عددُ سنوات الضياع إلى موسمين متتاليين سيؤديان إلى زلزال علمي في هذا الجيل، فكثيرٌ من الأمم تبكي على يوم ضاع من المقررات الدراسية وترفض التوقف تزامنا مع أعياد دينية ووطنية من أجل إكمال البرامج، بينما ضيَّعنا في الجزائر أكثر من ثلاثة أشهر من الموسم الدراسي الماضي، ونحن بصدد تضييع مثيلها في الموسم الموالي، من دون حديث أو على الأقل نيَّة في تعويض ما ضاع.

تعدُّ الجزائر من الدول النادرة في العالم، التي لم تبتر مليما واحدا من مرتبات الأساتذة بعد توقفهم الاضطراري الطويل عن العمل بسبب انتشار وباء كورونا، ولم تطالبهم بضرورة تدريس التلاميذ عن بُعد عبر الأنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، كما كان الحال في أمصار كثيرة، ويعدُّ العاملون في قطاع التعليم في الجزائر من الفئات القليلة التي نجت من عاصفة الجائحة من الناحية المادية، وسيكون جديرا بالاحترام أن يعوَّض هؤلاء التلاميذ في بعض ما أضاعوا وطبعا بالتعاون مع الأولياء، ليكون موسما دراسيا وجامعيا جديدا، يتماشى مع التطلعات في جزائر جديدة، نعلم جميعا بأنها لن تتحقق إلا بإحداث ثورةٍ كبيرة في عالم التدريس، الذي حقق لأوربا ثورتها الصناعية وأوصل اليابان والصين إلى الدرجة التي بلغتاها.

لقد أظهر عامة الناس استهتارا غريبا تجاه كورونا في الأشهر الأخيرة في الشوارع والأسواق، بينما تجلى الانضباط التام في المساجد، ونأمل أن يتجسد في المؤسسات التعليمية والتكوينية والجامعية مع جدية في جعل البداية حقيقية وليست شكلية. من العادة أن نصف المستهتر بالجاهل، ونربط جهله بالمكان الذي يوجد فيه، من زقاق ومتجر وحقل، ولكن أن يمتد الجهل إلى مكان التعليم، ويتمدد الشلل في قلب المدارس والثانويات والجامعات، فذاك ما سيجعل حالنا أخطر من الفترة التي شُلّت فيها الحياة بسبب الوباء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جزايري حر

    ابلغت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
    حاشى فئة قليلة من الصالحين المخلصين ...