-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

البرلمان برأسين!

البرلمان برأسين!

التطورات المثيرة على صعيد أزمة المجلس الشعبي الوطني، لا يمكن وصفها إلا بكونها مهزلة تشريعية بكل المقاييس.. نواب يثورون ضد رئيس المجلس الذي سبق أن انتخبوه بالأغلبية، ويقومون بحركات لا تشرِّف أمام الكاميرات بغلق أبواب المجلس بـ”الكادنة” والسلاسل، ثم يبتكرون بدعة دستورية جديدة فيقرّرون في اجتماع غابت عنه الأصوات المعارضة شغور منصب رئيس المجلس الوطني بسبب العجز مع أن الرجل سليم معافى يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق، ويتحدث إلى الناس!
هل يستطيع أحدٌ أن يُقنع المحتجين في الجزائر العميقة على أوضاعهم بقطع الطرق وغلق المؤسسات، بأن هذا الأسلوب غير قانوني فضلا على كونه غير حضاري بعدما حدث تحت قبة البرلمان؟ وهل سنضطر إلى تغيير القانون وإدخال مادة تتيح للناس التعبير عن انشغالاتهم ولفت انتباه المسؤولين إلى أوضاعهم بغلق الإدارات العمومية ومنعهم من الدخول إلى مكاتبهم؟
لقد تابع الجميع أمس الأجواء الاحتفالية في المجلس الشعبي الوطني حين تجمَّع نواب الأغلبية البرلمانية وقاموا بتزكية رئيس جديد للمجلس، وسط التصفيقات والأهازيج، وكأنهم قاموا بملحمة بطولية، مع أن العمل الذي قاموا به أثار حفيظة الموالين قبل المعارضين في المجلس بدليل ما قام به أحد أقطاب الموالاة حين لوَّح باستقالته من المجلس الشعبي الوطني احتجاجا على الطريقة غير القانونية التي تم الانقلاب بها على بوحجّة.
المشكلة في ما يحدث تحت قبة الغرفة السفلى للبرلمان، أن أكثر من 300 نائب سيقوا صفا واحدا من قبل قادة أحزابهم في صراع بين الأشخاص، وأظهروا استماتة و”شجاعة” لم تظهر عند عرض القوانين التي تهمُّ المواطن، وبينها قوانين المالية التي ذبحت الفئات الهشة وأقرت زيادات في الأسعار وفي مقابل ذلك تساهلت مع الأثرياء والميسورين بل وشملتهم بدعم الدولة للمواد الأساسية مثل الخبز والحليب والوقود وغيرها من المواد المدعمة التي تصل إلى الثري قبل الفقير!
برلمانُنا الذي يصفه الكثير بـ”خضرة فوق عشا” أصبح برأسين، أحدهما مدعوم من الأغلبية التي لا تتحرك إلا بمهماز، وآخر مدعوم من الأقلية التي لا تملك غير الصّراخ في أروقة المجلس، وبين المطالبات بحل المجلس ونداءات الاستمرار في شرعية الأمر الواقع ضاعت الغايات الأساسية من وجود هذه الهيئة التي تكلف الملايير من خزينة الدولة دون أن تقدم شيئا للوطن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!