-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الحراقة" العائدون من ليبيا يروون محنتهم لـ"الشروق":

البطالة والفقر سبب مجازفتنا بأرواحنا!

الشروق
  • 132
  • 0
البطالة والفقر سبب مجازفتنا بأرواحنا!
ح.م

لا تزال حادثة الحراقة الجزائرية 19، الذين تسلمتهم السلطات الجزائرية، يوم الخميس الماضي، محل اهتمام الشارع بمدينة تبسة، التي استقبلتهم أو بمكان إقامتهم بعدة ولايات. وللوقوف على خلفيات الحرقة، التقت الشروق ببعض الشباب، بعد الإفراج عنهم، وهم، خالد، أحمد، وبدران، والذين كشفوا ملابسات القصة من بدايتها، إلى غاية مثولهم أمام محكمة تبسة، حيث أجمعوا، على أن فكرة الحرقة، جاءت انطلاقا من وضعياتهم الاجتماعية، حيث تعذر عليهم وجود مناصب عمل، بمختلف الأماكن التي قصدوها، وأنهم رغبوا بأن يبنوا مستقبلا، وتكون لهم على غرار أصدقائهم، سيارات، ومساكن، وزوجات، لكن كل السبل والطرق كانت موصدة في وجوههم، ولم يبق أمامهم إلا المتاجرة بالممنوعات، وهي كما قالوا مخاطرة، مؤدية إلى غياهب السجون.
ولما أغلقت الأبواب في وجوههم لم تبق أمامهم سوى “الحرقة”، حيث أصبحوا يتصلون بمجموعات تخص الهجرة السرية عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وكان الخيار، إما بحرا عن طريق ولاية عناية، المحفوفة بالمخاطر خاصة وان أصحاب الزوارق غير إنسانيين، اذ يرمون بزبائنهم بعيدين عن اليابسة، بعشرات الأمطار، بالإضافة إلى الضرب والشتم داخل الزورق، وأن هناك من ينقل أخبارهم إلى المصالح الأمنية، التي عادة ما تحبط محاولات الحرقة، ليهتدوا كما قالوا، إلى التعرف عبر الفيسبوك، على وسيط ليبي، وبعد أن تمكنوا من جمع مبلغ مالي، قرروا التنقل إلى ليبيا، حيث غادروا أرض الوطن أواخر شهر فيفري، وقطعوا مسافة 500 كلم إلى غاية امركز مدينة بن قردان، بولاية مدنين القريبة من المركز الحدودي التونسي الليبي رأس الجدير، وبعد اتصال بالوسيط الليبي، تمكنوا من الدخول إلى الأراضي الليبية، حيث تنقلوا عبر عدة مسالك، وبقوا حوالي 3 أيام ينتظرون الرحلة الموعودة إلى الضفة الأخرى، وكانت الأجواء غير عادية، خوفا من المليشيات المنتشرة بعدة أماكن، بالإضافة إلى المبلغ المالي الزهيد الموجود لديهم، وهو مبلغ الرحلة فقط.
وما أن حلت ليلة الـ 27 من شهر فيفري، حتى جاءهم الوسيط، مبشرا إياهم بأن رحلتهم، ستكون هذه الليلة، حيث عمت الفرحة أفراد الرحلة الذين تزودوا بالماء وعجين التمر “الغرس”، وعلب البسكويت، وعلب السجائر، وتوجهوا نحو الزورق، لكن قبل انطلاقته، وجدوا أنفسهم محاصرين من طرف عناصر الأمن الليبي، الذين اقتادوهم على متن مركبات، إلى غاية إحدى المراكز الأمنية، حيث تعرضوا طيلة يوم كامل للاستنطاق، ليتم تحويلهم إلى المحكمة، حيث تم وضعهم بسجن زوارة، ورغم أن السجن يبقى سجنا، كما يقول المتحدثون، لكنهم أجمعوا على أن المعاملة كانت حسنة، وبعد قضائهم 15 يوما بالسجن أحسوا أن هناك اتصالات بين السلطات الجزائرية والليبية، والذي أضفى إلى القرار بإخراجنا، حيث كانت الفرحة عارمة، وكلنا كان يفكر في العودة إلى أرض الوطن، وإلى أحضان الأهل والأقارب، وكم كانت الرحلة طويلة بين زوارة الليبية، ومركز رأس الجدير التونسي، رغم أن المسافة لا تتجاوز 30 كلم.
وازداد الشوق أكثر كما قال خالد، لما ركبنا الحافلة من رأس الجدير، إلى مدينة تبسة، التي وصلنا مركزها الحدودي ببوشبكة، في حدود التاسعة ليلا، حيث كانت الإجراءات سريعة، وتم تحويلنا مباشرة إلى مقر أمن الولاية، حيث حمدنا الله كثيرا، وقد وجدنا في استقبالنا ضباط وعناصر الشرطة، الذين عاملونا أحسن معاملة، من خلال توفير الأكل والأفرشة، ليتم إشعارنا بأننا سنحال على العدالة، حيث أبدينا تخوفا وقلنا بأننا سوف نقضي سنوات بالسجن، لكن بعد تقديمنا أمام محكمة تبسة، حيث أحسسنا وكأننا في منازلنا، وحتى القاضي كان سمح الوجه، دائم الابتسامة، بشوشا معنا، فازددنا راحة، وبقينا حوالي ساعتين بالمحكمة، ليصدر قرار إطلاق سراحنا وإدانتنا بشهرين غير نافذين، حيث كانت الفرحة عارمة، وغادرنا المحكمة، حيث وجدنا أهالينا في انتظارنا بمحيط المحكمة، وأخذ كل واحد وجهته نحو المدينة التي يقيم بها، وبدأنا نفكر بجد نحو مستقبل واعد، لكن بعيدا عن الحرقة والممنوعات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!