-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

البورقيبيون والإسلاميون.. صراعٌ يتجدد

البورقيبيون والإسلاميون.. صراعٌ يتجدد
ح.م

طموح الشعب التونسي أكبر من حجم قواه السياسية، الباحثة عن قاعدة شعبية، تؤهِّلها لكسب معارك انتخابية، وهو لا يرى في هذا وذاك نموذجا لطموحاته الكبرى، وتطلعاته التي خرج من أجلها في 14 جانفي 2011.

البورقيبية، يراها التونسيون فكرا مدنيا، لم يروا لها بديلا بعد، وهم يجددون بناء جمهوريتهم، التي تتصارع لبلوغ قمتها قوى مدنية وإسلامية، تعاني من التشتت عبر رؤاها وخطاباتها، التي يمنحها أحيانا الشارع الجماهيري صفة “الشعبوية”.

رحل الحبيب بورقيبة، مغادرا قصر قرطاج، قبل أن يغادر الحياة، لكن تطبيقاته النظرية للحياة ظلت قابلة للتجدد، لا يقوى أحدٌ على تغييرها سواء كان علمانيا أو إسلاميا، فعندما جاء خلفٌ له من رحم بطانته، لم يغير في فكر الشعب من شيء، سوى تنفيذ برامج انتعاش اقتصادي واجتماعي، ارتقت بالطبقة الوسطى، وحاصرت القوى السياسية المأذون لها بالعمل في حدود مقراتها الرسمية، والظهور لاستكمال مشهد المجتمع المدني، في ظل صلابة الأمن الوطني.

لكن “الفكر البورقيبي” لم يتغير في ذهن المواطن التونسي، وإن كان هذا الفكر يحصر الممارسة الديمقراطية في إطار ما تراه الدولة متلائما مع مساراتها، التي لا تخلّ بقواعد الأمن الوطني، وضمان الاستقرار الاجتماعي النسبي.

انتخابات عام 2014 أكدت أن “الفكر البورقيبي” مازال حيا في نفوس التونسيين، حين أعادت الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي إلى الواجهة السياسية وقيادة البلاد.

ويدرك بعض المتسابقين نحو قصر قرطاج، أن “البورقيبية” هي قطار الوصول إلى كرسي الرئاسة في تونس، فهي مضمون خطابهم الذي يداعب عواطف التونسيين الذين فقدوا الأمل في القوى السياسية التي أفرزتها الخارطة الجديدة، من دون إدراك لخصائص المجتمع التونسي الرافض لأي شكل من أشكال التطرف السياسي العاجز عن الارتقاء بإرادة الشعب.

لكن الحماس لدى التونسيين لن يكون كما كان في انتخابات 2014 حين كان يحدوهم الأمل بانطلاق حركة بناء حضاري، رأوها في شخص السبسي، الذي شاغلت عهدته الرئاسية صراعات الأحزاب المدنية والإسلامية، فضلا عن التحديات الأمنية التي فرضها الإرهاب الدخيل على تونس.

أسماءٌ ليس لها حظوظ، زجت بنفسها في معركة انتخابية رئاسية مفتوحة على كل الاحتمالات، جاءت وكأنها تتسلى في لعبة ديمقراطية، أثارت تساؤلات الشارع التونسي، أي هدف وراء ترشحها، وهي لا تملك أدنى حضور جماهيري؟ ستؤثر في حماس الناخبين يوم التقدم نحو صناديق الاقتراع.

العملية الانتخابية سائرة بالمرشحين الـ26 المطلقين وعودهم بالرخاء والرفاه والأمن للشعب التونسي، لكن القاعدة النظرية الفكرية العقائدية لا يملكها سوى البورقيبيين واليساريين والإسلاميين، ذلك ما يجعلهم الأقوى في معركة انتخابية، لا تمنح الحظوظ لقوى سياسية تغامر بمستقبل أحزابها الطارئة في زمن المتغيرات.

الانتخابات الرئاسية 2019 ستكون الأكثر تعقيدا، من انتخابات سبقتها، فأصوات الناخبين قد تتشتَّت في ظل العدد الكبير للمرشحين، وإن كانت الكفة تميل لمرشحي القوى السياسية الأكبر في تنافس سيكون الأشد على الإطلاق، لن يُحسم إلا في دورة ثانية.

انتخابات 2014 كانت أكثر انسيابية، بفضل تحالفات القوى الكبرى التي سبقتها، فكان من السهل التنبُّؤ بنتائجها التي وضعت حركة النهضة ونداء تونس في كفتي ميزان متعادل، منحهما قدرة اقتسام السلطة، لكن انتخابات 2019 لم تعرف التحالفات، مع تصاعد الصراعات بين القوى السياسية المتعددة، والصراعات داخل الكيان السياسي الواحد، ما يجعل التكهن بنتائجها في غاية التعقيد.

وإذا ما كانت الانتخابات الرئاسية معركة تتنافس فيها مختلفُ القوى التي تنوعت مراجعها الفكرية أو العقائدية، فإن معركة تونس الانتخابية المرتقبة، ستضحى صراعا نهائيا بين الفكر البورقيبي العلماني والاتجاه الإسلامي، ستتحكم معطياتٌ داخلية وإقليمية ودولية بانتصار أحدهما.

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • صالح بوقدير

    الثورة المضادة بتواطؤ مع حركة النهظة هي من أوصلت السبسي الى سدت الحكم وذهبت ثورة التوانسة ادراج الرياح كفاكم تبجيلا لنظام بائس