-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التربية بالحب

التربية بالحب

قرأتُ مقال الأستاذ مدني حديبي: “التربية بالحب”، المنشور في جريدة البصائر (في عددها المؤرخ في 30 جانفي / 6 فبراير 2021 ص5)، فثمّنت ما دعا إليه من وجوب تربية تلاميذنا وتلميذاتنا وتعليمهم بالحب، الذي يجعلهم يتلهفون على العلم تلهّف المحبّ إلى حبيبه.

الحقيقة التي كثيرا ما تغيب عن عقولنا نحن المسلمين هي أن ديننا الحنيف يجعل “الحب” قرين “الإيمان”، وشرطا لدخول الجنة لمن عمل لها وسعى لها سعيها، فقد ورد في حديث لرسول “الحب” – صلى الله عليه وسلم – قوله: “لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا…”، ولهذا اعتبر رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: “مهندس مجتمع الحب” كما يقول الأستاذ محمود الناكوع في كتابه (الحب والجمال في الإسلام. ص37).

بعد ما قرأت ما كتبه الأستاذ حديبي استرجع ذهني ما كتبه الأستاذ اسماعيل العربي (محند أعراب) في جريدة البصائر (السلسلة الثانية) وهو: “يقول جان جاك روسو: اعرف الطفل، لأنني واثقٌ من أنك لا تعرفه”، وأنا أقول: “أحبب الطفل فإنني متأكدٌ من أنك لا تحبه بما فيه الكفاية”. (البصائر 31/10/1949. ص 18).

إن ما نقرأه في الجرائد، وما نسمعه في غُدوِّنا ورواحنا ومجالسنا عن انتشار العنف في مؤسساتنا التعليمية بجميع مستوياتها من المعلمين والمعلمات والأساتذة والأستاذات نحو التلاميذ والتلميذات والطلاب والطالبات، أو من هؤلاء نحو أولئك، يؤشِّر إلى أن مؤسساتنا التعليمية تكاد تخلو من كلمة “الحب” النبيلة وما اشتُقَّ منها، وهكذا “ينتشر الحقد فينتثر العقد” -كما يقول الإمام الإبراهيمي- الذي يمسك المجتمع ويجعله “كالبنيان يشدّ بعضه بعضا”، كما جاء في الحديث النبوي الشريف.

إذا كان بعض العلماء المسلمين الأقدمين قد حصروا كليات الإسلام في خمس، فإن بعض العلماء المحدَثين أضافوا إلى تلك الكليات الخمس “كلية الحرية” و”كلية الحب”، وكيف لا تكون “الحرية” من كليات الإسلام و”فاروقه” هو القائل: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتُهم أحرارا؟”، وكيف لا يكون “الحب” من مقاصد الإسلام وهو ينفي الإيمانَ الكامل عن المسلم الذي لا يحب لأخيه ما يحبه لنفسه؟

ولمن لا يعرف الأستاذ إسماعيل العربي، فهو من مواليد منطقة بني وغليس ببجاية في 1919، وكان له شرف التتلمذ عند الإمام عبد الحميد ابن باديس “موقظ الضمائر”، كما سماه الدكتور أحمد طالب، ثم التحق بالقاهرة ليتخرَّج في الجامعة الأمريكية ويعود إلى الجزائر لينشئ مجلة “إفريقيا الشمالية”، ثم عيَّنه الإمام الإبراهيمي رئيسا لـ”لجنة التعليم العليا” التي أسسها الإمامُ الإبراهيمي لتشرف على التعليم بمدارس جمعية العلماء. وقد سمى الشيخ عبد الرحمن شيبان تلك اللجنة “وزارة تعليم شعبية”.

ثم عمل الأستاذ في بريطانيا وهولندا وليبيا ومنظمة الأمم المتحدة في جنيف، وتوفاه الله في المغرب في سنة 1997، وقد ترك آثارا عديدة في التأليف، والترجمة، والتحقيق، رحم اللهُ الأستاذ إسماعيل العربي، وجميع المؤمنين العاملين لدينهم ووطنهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • قل الحق

    و الله يا استاذنا الفاظل ان كلمة حب افرغت من محتواها بسبب الغزو الفكري الغربي العلماني المادي الذي جعل من هذه الكلمة مرادفا للجنس و انتقل هذا الى ثقافتنا دون ان نشعر و ما تركنا الغرب في حالنا فقد فرض علينا اتفاقيات دولية تفرض علينا تعليم ما سموه الثقافة الجنسية للاطفال، نعم الثقافة الجنسية و ليس الحب فهم يعرفون ماذا يريدون جيدا، فلا تتعجب اذا يا استاذنا اذا حدثت احدهم عن الحب فادخلك في التاريخ فهذه هي النتيجة، هذا ما حلبت.

  • أنا جزائري إذاً أنا أمازيغي

    من الحب أيضا يا شيخ أن نلقن الطفل التاريخ الحقيقي لبلاده بدلا من ذلك التاريخ المستورد و نربيه على عدم جلد ذاته كما فعل ويفعل الكثير من أبناء هذا الوطن الذين يكرهون كل ما هو أصيل حتى بلغ بهم الأمر الأدعاء أن مفجر ثورة نوفمبر هو جمال عبد الناصر ...

  • يوغرطة الملك المحارب

    بن باديس رائد النهظة بالجزائر بدون منازع
    بن باديس مدرسة عظمي للرجولة والثورة والجهاد والتحدي والمروؤة والاصالة والاخلاص والوفاء والتدين الصحيح الطاهر النقي
    بن باديس مذهب ديني لوحده بحق
    بن باديس تحدي لوحده كل الاحتلال الفرنسي ورفض اللخنوع والخضوع وكفر بفرنسا وبكل جيوشها واساطيلها
    بن باديس الاسطورة الاخري للجزائر مع بن مهيدي
    رحمة الله علي احفاد يوغرطة وتاكفاريناس وديهيا ويوبا الاول ويوسف بن تاشفين وطارق بن زياد